آستانا 16 توافق على المصالح وتكالب على الشعب السوري

 رفيق إبراهيم-

مرة أخرى لا توافق ولا حلول ولا تقدم من أجل إيجاد نوع من الحل للأزمة السورية حيث دخلنا في العقد الثاني مع عمرها، ومن جديد كان العنوان الأبرز لنتائج اجتماع آستانا الفشل الذريع، وهناك عدة أسباب لذلك لعل من أبررها على الإطلاق عدم دعوة ممثلي الشعب السوري الحقيقيين إلى هذه الاجتماع، ففي شمال وشرق سوريا يعيش حوالي خمسة ملايين في ظل الإدارة الذاتية التي حققت الكثير من الإنجازات التي تحسب لها، على الرغم من محاربتها من قبل تركيا والنظام السوري وما تسمى المعارضة السورية، ومع ذلك لم تتم دعوتها لحضور مؤتمر آستانا وغيرها من الاجتماعات التي تخص وضع الآليات للوصول للحلول في سوريا.

وهذا يعني تهميش شمال وشرق سوريا وشعوبها التي تتعايش معاً منذ آلاف السنين، وعملية إقصاء ممثلي شعوب شمال وشرق سوريا لم تأتِ من فراغ بل هناك من يعمل على إبعادهم ليل نهار لتحقيق أجنداته ومصالحه بكل أريحية ومن دون أي اعتراض.

فالدول الراعية الثلاثة (روسيا وتركيا وإيران) غير مهتمة بمصير السوريين بقدر ما تهتم بتحقيق غاياتها وأهدافها أولاً ومن ثم تبحث عن حلول ثانوية لمسائل قد لا تكون ذات أهمية أو تشكل عقبة في طريق الحلول النهائية للمعضلة السورية، ومن هذه المشاكل تثبيت وقف إطلاق النار الذي لم يطبق في أي وقت وأي زمان ومنذ عقد أول جولة من محادثات آستانا.

وإذا ما تمعنا في البيان الختامي للجولة 16 من مباحثات آستانا سنرى بوضوح مدى اللامبالاة التي تبديها الدول الثلاث الضامنة (روسيا وتركيا وإيران) حول مناقشة المسائل الهامة التي يمكنها أن تكون الأساس في الحلول، وأهمها كما أوضحنا سابقاً إشراك جميع السوريين بما فيهم شعوب شمال وشرق سوريا التي أكدت أحقيتها بالمشاركة في أي اجتماع لما لها من خصوصية وأمان في مناطقها، وإمكانية الاعتماد عليها لتكون المدخل في أي حل سوري قادم.

وفي البيان الختامي وبدلاً من التأكيد على ضرورة الحفاظ على وقف إطلاق النار ومواصلة التصدي لمرتزقة داعش وغيرها من المجموعات الإرهابية، ودعوة السوريين للجلوس إلى طاولة المفاوضات وتقديم الرعاية اللازمة لها لإنجاحها، والضغط على دول مثل تركيا لإخراج قواتها المحتلة من المدن السورية التي احتلتها تباعاً، وإدانة المرتزقة الذين يرتكبون الجرائم والانتهاكات بحق الأهالي في عفرين وسري كانيه وكري سبي والمناطق المحتلة الأخرى؛ جاء البيان ليشدد على أنَّ الدول الضامنة ستقف في وجه أي مخطط انفصالي في شمال وشرق سوريا، وهي تعارض بشدة ما سمته الاستيلاء على النفط من قبل الإدارة الذاتية وتحويل تلك الأموال والعائدات لحسابهم، مع العلم أن الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا لم تطالب يوماً بالانفصال وتقسيم الأراضي السورية، وهذا يعني أن كلامهم مردود عليهم وأنهم ساقطون أخلاقياً قبل أن تسقط القيم والمبادئ الإنسانية لديهم، ومن هنا يتبين أن الهدف الأساسي من آستانا هو مهاجمة الإدارة الذاتية والوقوف في وجه المكتسبات التي تحققت لشعوبها، لذا على المجتمع الدولي تحمل المسؤولية الكاملة لإشراك ممثلي شمال وشرق سوريا لإنجاح أي عملية سلام حقيقية.