الكُرد… بأقلام عربية (2)

أراس بيراني – 

ثلاثة أعمال أدبية تناولت الشخصية الكردية أو الواقع الكردي سوريا وروج آفا، عبر ثلاث قصص قصيرة لثلاث كاتبات عربيات، حيث نشرت الكاتبة اللبنانية الأمريكية إخلاص فرنسيس مجموعتها القصصية الجديدة (على مرمى قبلة) والتي تضمنت سبع وعشرون قصة قصيرة وجاءت قصة (صقيع الغربة)، كبقعة ضوء تنير لنا وضع العوائل الكردية في المنافي الأوربية وحميميتها ودفئها وأصالتها حيث الزوج إنسان حضاري لطيف لا ينسى أن يعزف على “طنبوره” الكردي ويغني أوجاع الغربة والحنين للوطن، والزوجة التي تُعدُّ عشاءً كردياً لضيوفها، وتضمحل الحدود التاريخية والنفسية ما بين عائلتين هربتا من جحيم الحرب وأهوالها.. عائلة لبنانية من جنوب لبنان وعائلة كردية من شمال سوريا حيث لا يفرقهم لا دين أو لغة أو جغرافية، بل يجمعهم الحب والحرب..!

وتدخل الفنانة النحاتة العالمية والكاتبة السورية سوزان العبود المقيمة بألمانيا في تفاصيل حياة سجين سياسي يعاني الأسر والتجريد بين جدران سجنه الانفرادي  البارد، والذي لا تمنعه جدران السجن وعبر كوة ضيقة في الجدار يصل منها بصيص ضوء من الحلم بالحرية، وطائر يطلق عليه اسم آزاد في صورة جلية لما تدل عليه التسمية، السجين الذي يذكرنا بسيزيف والشخصية القادرة على خلق أسطورة الانبعاث مجدداً من خلال رمزية الخلق والتحرر في  “بيضة”، أنها القصة القصيرة ضمن كتابها المعنون “آزاد” والتي تتحدث عبر قصة قصيرة تحمل نفس الاسم ومن هنا كان إصرار الكاتبة سوزان العبود على إبراز الاسم الكردي لتفاعلها مع الحدث الكردي ولتوضح للعالم أن السجون مهما علت ومهما رصت جدرانها فأن إرادة الحرية هي الأقوى وأن جدران السجن ستنهار وتتحطم كما  قشرة البيضة حينما يبدأ الجنين طريقه للنور لاغياً عالم الظلم والعتمة..

 ويأتي عمل الكاتبة الروائية السورية الأمريكية هند زيتوني عن الأزمة السورية والوضع الكردي تحديداً عبر شخصيتي آراس وآفين والتي ترصد ذاكرة مدينة “سري كانية” (رأس العين) عبر تداعيات ذاكرة كلا البطلين وتصور همجية العدوان التركي ومرتزقته على المناطق الآمنة والآهلة بالسكان المدنيين من كرد و عرب ومسيحيين وغيرهم من أبناء المدينة.. تمجّد حركة المقاومة مركزة على دور المحاربات الكرديات اللاتي لم يكنَّ يحاربن المعتدين بل يحاربن الضعف الذي في دواخلهم، يحاربون العقلية التي كرّسها المجتمع الذكوري لهن، كما أنها تصف مخيمات النزوح التي تجمع  “آراس” المقاتل في صفوف المقاومة و” آفين “التي تفتت عظم قدمها نتيجة القصف الهمجي الذي طال المدينة عشية بدء الهجوم التركي في التاسع من أكتوبر عام 2019م، كما تؤرخه الكاتبة…، فآفين هي ليست سندريلا الحب التي فقدت فردة حذائها السحري وإنما هي سندريلا  الحرب والانتصار، التي فقدت قدمها اليمنى فتفقد حلمها في ارتداء حذائها الأحمر الجديد.

 هذا العمل ليس الوحيد للكاتبة التي وقف قلمها على سرد جزء من التاريخ الكردي المعاصر قصصياً وروائيّاً.

هذه ثلاث تجارب أدبية وبأقلام عربية عن الكرد وواقعهم المصيري المعاصر..

تاريخ الأدب يثبت نفسه مرة ثانية وليست نهائية بأن الشعوب حينما تركب صهوات جيادها وتركب الريح باحثة عن شمس الحرية وهواءها النقي فأن حبر الأقلام النبيلة سيكون مرآة حقيقية تعكس تلك البطولات وكل تلك المقاومة التي تحاول دوماً الانتصار على الخيبات وكل الهزائم… لتكتب التاريخ من جديد…