وقف المرأة الحرة في سوريا.. جهود مُثمرة بغية تقدّم النسوة

تقرير/ نشتيمان ماردنلي-

روناهي/ قامشلو- وقف المرأة الحرة في سوريا يسعى لتقديم الخدمات للمرأة والطفل معاً من النواحي كافة فكان له بصمة في كل ميادين الحياة وبمشاريعها المتنوعة برهن بأن للمؤسسات مسؤولية تجاه المجتمع ككل.

يعتبر المجتمع السوري وبخاصةً في روج آفا والشمال السوري نسيج ملون من الشعب الكردي, العربي, السرياني وغيرهم، مجتمع مميز بالتعددية الدينية القومية واللغوية, يتعايشون مع بعضهم البعض في الوضع الاجتماعي نفسه المتأثر بالعادات التي فرضها المجتمع القديم على الرغم من مرور الزمن عليه, حيث أن المرأة في مجتمع الشرق الأوسط بأكمله تتعرض إلى أشكال مختلفة من العنف، كالعنف باسم الإقطاعية أو الدين والسلطة لدرجة أدت إلى انعدام وجودها, هذه الآثار انعكست على ظروف الحياة المعيشية للمرأة والطفل، وكانت سبباً لتشجع المرأة في روج آفا والشمال السوري على العمل بأقصى جهودها للإمساك بزمام الأمور.

تحت شعار؛ المرأة الحرة أساس المجتمع الحر؛ تم افتتاح وقف المرأة الحرة في روج آفا في شهر أيلول من عام 2014, وذلك لإلقاء الضوء على مشاكل المجتمع  وإعطاء الحلول المناسبة لها, مستهدفين تطوير جميع مشاريع الفكر والهوية الحرة عن طريق المرأة والطفل، لإثبات استقلاليتها، لخلق امرأة حرة ومستقلة.

المرأة والطفل أكثر المتضرّرين بآثار الحروب

“مع استمرار الحرب العنيفة والغير أخلاقية في سوريا، أدى ذلك إلى تلافي الوجود واللاوجود الإنساني، وبالتزامن مع هذه الحرب تعد المرأة والطفل أكثر المتضررين سواءً الكُرديّة أو العربية أو السريانية والأرمنية من خلال الاغتصاب والتهجير والكثير من الأفكار المتطرفة والانتهاكات اللاإنسانية بحقهن,

وللقضاء على كل أشكال التمييز والعنف ضد المرأة تشكلت وقف المرأة الحرة كمؤسسة مستقلة تنجز أعمالها بشكل مشاريع تسعى لتطور المجتمع الحر، ليتقدم بشكل حر وديمقراطي وطبيعي”؛ هذا ما صرحت لنا به الإدارية والمسؤولة عن مكتب الصحة في وقف المرأة الحرة في سوريا شيلان البلو خلال لقاء أجرته صحيفتنا روناهي معها. وأكملت حديثها عن كيفية سير عملهم بالقول: “ضمن وقف المرأة الحرة في سوريا نحاول سوياً تنظيم عمل كافة المشاريع التي يقوم بها الوقف بكل المناطق, ونهدف من خلال مشاريعنا الصحية والاقتصادية والطبيعية إلى خلق مجتمع ديمقراطي يساوي بين الجنسيين، ونعمل على تمكين المرأة اقتصادياً وصحياً وثقافياً وحقوقياً, سعياً لتقدمها”.

وحول عدد العضوات، أشارت شيلان بأنه في بداية تأسيس الوقف كان عدد العضوات خمسة نساء، حيث باشرن بالعمل على إحصائيات المتطلبات والخدمات اللازمة للأفراد, وتم تشكيل ثلاثة لجان للوقف من بعد توسع دائرة الاهتمام من قبل الأهالي, وأردفت قائلةً: “أما بالنسبة لدعم المنظمات والمؤسسات الدولية لنا، هناك مكتب وقف المرأة الحرة في ألمانيا وهو الداعم الوحيد لعملنا، وبهذا الدعم الذي قدم لنا شكلنا هذه اللجان، وهي؛ لجنة المشاريع, والصحة, ولجنة التدريب والتعليم, إضافةً إلى تأسس مكاتب فرعية في مدينة الحسكة, كركي لكي, ديريك, الطبقة وكوباني, وحول عدد العضوات في الوقت الآني أكدت شيلان بأن عدد العضوات في الوقت الحالي يبلغ أكثر من مئة امرأة باستثناء المتطوعات”، وبينت بأن كيفية العمل في جميع الفروع؛ يتم بإلقاء الضوء على معاناة المرأة والطفل المتعرضين للعنف والمتأثرين بظروف الحرب مثل الأطفال فاقدي الوالدين, والمرأة المتواجدة في المنزل, والمرأة التي لم تتلقَ أي دورات تدريبية حتى الآن, والمرأة المنفصلة عن زوجها, والمرأة التي فقدت عائلتها…إلخ.

أبرز خدمات وقف المرأة الحرة في سوريا

يعمل وقف المرأة الحرة في سوريا على تقديم الخدمات للمرأة على كافة الأصعدة، فهي هادفة لتطور المرأة في كافة المجالات لصقل شخصيتها وإثباتها على أرض الواقع, بهذا الشأن أشارت شيلان البلو إلى الخدمات التي تتم في إطار عملهم قائلةً: “تتم فعاليات وقف المرأة على أكثر من محور منها المحور الاقتصادي، وذلك عن طريق العمل على تطور الوضع الاقتصادي للمرأة مثل؛ تنظيم المساعدات التي تأتي من خارج سوريا، ودعم المرأة في مجال الزراعة وتنمية مشاريعها, إضافةً إلى تقديم الدورات التدريبية للمرأة والرجل والطفل حول مواضيع الدين والاقتصاد والديمقراطية، والعمل على تطوير الثقافة العامة لتوحيد الشعوب والتنسيق بين النساء الكُرد والعرب والسريان والأرمن, وبناء أماكن للعمل ولتعاون النسوة مع بعضهن البعض ضمن فعاليات واسعة ليتم تطوير وضعهن الاجتماعي, كمان أنه تم تشييد أماكن لتدريب المرأة وعرض ندوات توعية حول وضعها وحقوقها، وإقامة ندوات أخرى لتوعية المرأة حول مواضيع عمل الوقف, كما أنه وبالنسبة للوضع الصحي  للمرأة والطفل افتتحت صالات معالجة فيزيائية والأشعة, وافتتحت عدة روضات وحديقة أطفال في قامشلو باسم “آري”, إضافةً إلى مشاريع أخرى مثل؛ مشغل الخياطة النسوي وصالة الرياضة ضمن الوقف, وتقديم دورات توعية صحية للمرأة حول الصحة العائلية بشكل عام وصحة المرأة بشكل خاص, وندوات توعية حول موضوع العنف ضد المرأة والطفل المتعرضين للعنف تحت ظروف الحرب”.

خدمات ملموسة على الصعيد الصحي

أكملت شيلان حديثها في مسار الخدمات الصحية التي تم تفعيلها والعمل عليها من قبلهم في الوقف، حيث قالت: “منذ تأسيس وقف المرأة  فعلت لجنة الصحة فيها، وبدأت أعمالها في مجال التثقيف الصحي من خلال إلقاء محاضرات لمواضيع مختلفة بالتنسيق مع اتحاد الأطباء في إقليم الجزيرة, وأيضاً فتح دورات للإسعافات الأولية تحت إشراف ممرضين وقابلات ذوات شهادات وخبرة, وذلك بالتعاون مع المجالس المحلية والكومينات في الحارات، حيث لاقت إقبالاً جيداً من الأهالي مع العلم أن المحاضرات كانت للنساء واختتمت بشهادات من قبل المجلس الصحي ووقف المرأة, ولم تقتصر أعمال اللجان على المجتمع في روج آفا، بل دخلت المخيمات مثل مخيم روج, والهول, وكان تجاوب الأفراد ملفتاً مع عملنا داخل روج آفا وفي الخارج أيضاً حيث كان هذا المنطلق السبب الرئيسي في تغير اسم وقف المرأة الحرة في روج آفا إلى وقف المرأة الحرة في سوريا, كما أنه تم تقديم دعم من ناحية التثقيف الصحي ودورات تمريض وإرسال طبيبة نسائية معاينة مع الإيكو لمخيم روج وتقديم العلاج اللازم لهن, وكما افتتحت ثلاثة مستوصفات في “قامشلو ورأس العين وفي قرية (تبكي) التابعة لمدينة المالكية”، وفتحنا مركز للعلاج بطب الأعشاب (الطب العربي) في مدينة الدرباسية وتعمل فيه نساء مختصات بمجال الطب الطبيعي إلى جانبه يتم فتح دورات عن طب الأعشاب, وجميع المشاريع تفتتح تحت مسمى (آري)”.

وبالنسبة للحملات التي قامت بها وقف المرأة الحرة في سوريا ذكرت شيلان بأنه أطلقت مؤخراً حملة عن مرض الحصبة في قامشلو والبلدات والقرى التابعة لها, بالتعاون مع منظمة سكوب، وشملت عدة محاضرات وتشكيل لجنة من الأطباء وسيارة إسعاف تحتوي على الأدوية اللازمة لمرض الحصبة والحرارة وتم تغطية تل حميس وقراها, وحملة عن مرض سرطان الثدي بالتعاون مع الهلال الأحمر الكردي، واستهدفت مدن إقليم الجزيرة وبعض قراها إضافةً إلى مخيم الهول وروج لمدة شهر, إلى جانب ذلك حملتين لمكافحة والقضاء على الديدان لدى الأطفال، وحملة أخرى عن النظافة العامة بالتعاون مع منظمة سارا لمناهضة العنف ضد المرأة لمدة 45 يوم لتشمل المدارس الابتدائية في كل من (قامشلو, الحسكة, معبدة, رأس العين/ سري كانيه, جل آغا) ومخيم الهول ومخيم روج.

أما حول عدد الأعضاء في لجنة الصحة لمكتب الوقف فهم أربعة, طبيبان للطب العام, طبيب أطفال وطبيبة نسائية, وصيدلانية, وثمانية ممرضين, وخمسة قابلات وأربعة إداريين, وأكدت شيلان بأنه تم معاينة 17712 مريض منذ التأسيس بين أطفال ونساء وداخلية, وبلغ عدد المستفيدين من الجلسات الفيزيائية 712 مريض حسب قولها.

الاستمرار في العمل بالرغم من الصعوبات

وأضافت شيلان حديثها عن الصعوبات التي واجهنّها ضمن عملهن، وبينت بأنه بالرغم من صعوبتها لم تصبح عقبة أمام استمرارية العمل، حيث أشارت قائلةً: “تزامن تفعيل اللجنة الصحية في وقف المرأة في سوريا مع تحرير شنكال؛ لذلك تم تشكيل كروب من لجنة الصحة في الوقف وهيئة الصحة وتنظيم برنامج عمل يتضمن زيارة شنكال كل 15 يوماً بعدما كانت الزيارات إليها يومية لمعاينة المرضى وتقديم العلاج اللازم، وتم تطبيق ذات البرنامج في مخيم نوروز إضافةً لبرنامج دعم النفسي من قبل أخصائية نفسية”.

واختتمت الإدارية والمسؤولة عن مكتب الصحة في وقف المرأة الحرة في سوريا شيلان البلو بالقول: “مع هجوم الاحتلال التركي على عفرين أدى إلى نقص في الأدوية وخاصةً للنساء والأطفال، حيث تم إرسال كمية كبيرة من الأدوية لمشفى عفرين عن طريق الهلال الأحمر الكردي, إضافةً إلى حاجة الوقف للدعم من قبل المنظمات الدولية لإكمال خطط العمل مثل مشروع العيادة المتنقلة لمخيم واشو كاني الذي لازال قيد التنفيذ وأخرى لمنطقة قناة السويس بقامشلو لتسهيل تلبية حاجة الأفراد وبالأخص تأمين الأدوية”.