ستشرق الشمس وستكسر القيود

مثنى عبد الكريم

يُحكى يا سادة يا كرام أن شعباً في سالف العصر والزمان، كان يا ما كان شعباً بسيطاً يأكل المتوفر مما تجود به الأرض المعطاء التي كان يعطيها جهده فتعطيه خيرها بسخاء.

وكان هذا الشعب شاكراً وحامداً وراضياً وقانعاً، لم يكن ساخطاً رغم كل الظروف التي يمر بها، لم يكن هذا الشعب يعرف التعامل بالعملات والقطع الأجنبي فعملة وطنه تفوق كل شيء، بل لم يكن يعرف ماذا يعني الدولار ولا ارتفاعه أو هبوطه أو المضاربات في سوق البورصة، لم يكن يعرف أنه سيأتي يوماً يفكر فيه بأن هذه العملة الحمقاء (الدولار) ستكون عملة العصر الجديد والنظام العالمي الجديد، لم يعرف هذا الشعب الذي عاش في ظل وطن يعطي ولا يأخذ، يجود بسخاء دون خشية إملاق أن الذي سيحصل هو عجز الوطن في ظل سلاطين وإمبراطوريات وممالك عن أن يستمر بالعطاء.

يحكى يا سادة يا كرام أن وطناً مرَّ بأزمة اقتصادية وهو الذي كانت تلجأ له أوطان، أزمة فرضها أرباب الحروب وسادة اللاإنسانية في عالم يتاجر بكل شيء وبكل ما تحمله الكلمة من معنى، عالم تاجر بإنسانية الإنسان بحجة فرض العدالة ورفع الظلم.

اليوم نشهد ارتفاعاً ساحقاً ماحقاً للدولار ففي كل لحظة يزاد جنونه وارتفاعه ويزداد عجز المواطن عن إدراك هذا الارتفاع الجنوني رغم معرفتهم بأن قانون قيصر هو السبب والذي أطلقته الولايات المتحدة الأمريكية بحجة السعي لتطبيق العدالة الاجتماعية ورفع الظلم ونصرة الشعب السوري فأي ظلم قد رفعتم يا رعاة الرأسمال العالمي!!!، بل وأي وحش قد بعثتم في شعب لا يستحق ما يحصل له، لقد بعث وحش الخوف والقلق هل كان ما ينقص الشعب السوري من حروب وتهجير قسري واضطهادات مورست بحقه سوى أن يأتي قانون لا أخلاقي ليطبق على شعب بحجة  التطبيق على حكومة.

يا أيها السادة المترفون في بلاد أجنبية، يا أيها الأفاقون والأفاقات شعبنا ينزف ألماً وحزناً يكفيه ما ذاقه من ويلات لتأتوا أنتم وتزيدوا الطين بلة؟؟؟

انظروا لدموع رجل يبكي لعجزه عن تأمين خبز لأولاده بعد أن كانت بسطة بسكويت وقداحات تؤمن معيشة عائلة وتسترها، يبكي الرجل وهو يكتب رسالته الأخيرة طالباً من الله أن يسامحه وهو يستعد ليقدم على خطوة مؤلمة فدموع الرجال عندما تهطل فأعلموا أن همومهم بلغت قمم الجبال وعجزوا، يكتب رسالته ليودع أولاده قبل أن ينتحر، واضعاً لمعاناته حداً من وجهة نظره.

انظروا يا من كان بإمكانهم وقف معاناة الشعب بعدم تدخلهم السافر في قضاياه لامرأة عجوز أصبحت تقف اليوم عند المزابل والحاويات قرب المطاعم التي قارب زائروها على هجرها بسبب ارتفاع الدولار اللعين، تقف هذه المرأة وقد انحنى ظهرها لتأكل من فتات الطعام الذي عافه كل أنواع الحيوانات ولكن الجوع كافر والحاجة لعينة والفقر مُتقع؛ إنها ثورة قادمة ثورة الجياع ….

سحقاً يا من تحكمون الأرض لو كان بإمكاني نقل وطني لكوكب آخر لفعلت ولكنكم ستندمون وسترون.

وللمعنيين تذكروا أن الشعب ليس كله موظف ولا كله يعمل فأصحاب الدخل المحدود قد تجاوزوا عتبة الفقر بأشد درجات برودة القطب الشمالي. وختاماً يا سادة يا كرام رحم الله الأيتام والأرامل والمساكين وكل سوري يتألم ولكن لابد لليل من أن ينجلي وللقيد أن ينكسر ولابد أن تشرق الشمس وسيحكي الوطن يوماً حكايته للأجيال القادمة.