No Result
View All Result
المشاهدات 0
فادي عاكوم (كاتب وصحفي لبناني)-
معظمنا بل ربما جميعنا عاصرنا عقوداً طويلة من منع الاحتفال بعيد النوروز علانية في المناطق التي تشهد كثافة سكانية من أبناء القومية الكردية، ولطالما ترافق هذا المنع بضغوط وإجراءات تعسفية واعتقالات، ليس لأي هدف باستثناء المنع من الاحتفاء بهذا العيد الذي يعتبر من أهم الأعياد الكردية والذي يلتف حوله جميع الكرد مع اختلاف جنسياتهم الحالية، وانتماءاتهم السياسية والحزبية.
ومع تبدل الصورة السياسية في منطقة الشرق الأوسط بدأت هذه الاحتفالات تعم مختلف مناطق كردستان بمشاركات شعبية واسعة النطاق، وهذا أمر طبيعي جداً كحق بممارسة هذه الشعائر التي تترافق مع سحب دخان تغطي مناطق الاحتفال والتي تعتبر من أجمل الطقوس التاريخية والاجتماعية التي تلامس الوجدان الكردي.
لكن أن ترتفع هذه السحب من مصر هو أمر لافت جداً دون شك، فقد جرت احتفالية عيد النوروز بالقرب من القاهرة هذا العام بأجواء أكثر من رائعة، وقد يظن البعض بانها تمت بدعوة من أحد الأطراف السياسية الكردية، لكن الاحتفالية جمعت أطراف كردية بتوجهات سياسية مختلفة وجمعت معها مجموعة من الكتاب والصحافيين والإعلاميين العرب، من مصر وسوريا ولبنان، فتحولت بدورها إلى اعتراف جميل ليس فقط بالعيد بل بحق الشعب الذي يحتفل به.
وقد يرى البعض أن هذه الاحتفالية فرضت نفسها ربما بسبب التقلبات السياسية، لكن حقيقة الأمر أنه لولا جهود المكاتب الخارجية للاحزاب السياسية الكردية ومكتب ممثلية مجلس سوريا الديمقراطية في القاهرة لما حصلت هذه الاحتفالية أو على الأقل كانت ستقتصر على الكرد المتواجدين في مصر وهم كثر جداً بالمناسبة.
فالعامون بالقطاع الإعلامي ومعهم الممثلية نجحوا خلال الفترة الأخيرة في مد جسور الثقة مع العديد من الكتاب والمثقفين والصحافيين والإعلاميين العرب، بحيث أصبحت القضية الكردية تلامس وجدانهم بشكل صريح، وربما أصبح بعضهم مؤمناً حقيقياً بالقضية الكردية مع شعورهم بضرورة مشاركتهم بالأقلام والأقوال والأفعال للسير بالقضية إلى بر الأمان أو على الأقل دفعها إلى الأمام.
فخلال العقود الماضية غابت القضية الكردية عن المنطقة العربية لأسباب كثيرة لا مجال لشرحها الآن، لكن أبرزها الدور التركي “القذر” الذي شوه الصورة الحقيقية واستبدلها بصورة قاتمة أبعدت العرب عن الكرد، بل أحدثت هوة عميقة يجري العمل الآن على ردمها، وساعد انتشار فكر الأخوان المسلمين على نشر هذه الصورة التي لطالما ألصقت تهمة الانفصال وكره العرب بأبناء المكون الكردي.
ولا بد من الإشارة إلى أنه من اللافت أيضاً خلال هذه الفترة بروز عشرات المقالات المكتوبة بأقلام عربية في وسائل الإعلام الكردية من مواقع إلكترونية وصحف وظهور العديد من المحللين السياسيين العرب على الشاشات الكردية، وهو ما يعكس حقيقة تبدل النظرة الذهنية السيئة التي كانت سائدة من قبل.
ولا يعني مما سبق أن الأمور أصبحت في القمة، بل على العكس ربما نكون لا نزال في الخطوات الأولى من مسيرة تأسيس العلاقة الممتازة وليس الجيدة بين العرب والكرد، وهذه المسيرة تتعرض لحملات ممنهجة بشكل دائم لعرقلتها، والذين يقومون بهذه الأعمال يعلمون تماماً بأن نجاحها سيكون نهاية لكل المخططات التخريبية والانقسامية في أكثر من بلد عربي وأولها سوريا.. وختاماً فإننا نقول من هنا: نوروز سعيد من القاهرة.
No Result
View All Result