الدين معاملة ـ1ـ

محمد القادري-

وإذا سألنا: المعاملة مع من؟ قد يقول البعض المعاملة مع الله. الإله لا يحتاج إلى معاملة الناس، في حين الناس محتاجون إلى إلههم في معاملة عقولهم ومجتمعهم, إن حكمة: (عامل الناس كما تحب أن يعاملوك) جاءت في جميع موروثات الأديان السماوية وغيرها من الحكم والفلسفات، وهذ الحكمة هي أساس الدين الحق الذي يجب أن تجتمع عليه البشرية, عامل الناس بالعدل الكلي العام الشامل لا أن تعامل الناس بالعدل الجزئي الخاص على من يماثلك في الدين والعقيدة.

إن العدالة الجزئية الخاصة قاصرة عن تحقيق هدف الوجود الإنساني المجتمعي، وهو: التمتع بالحياة الآمنة الرغيدة من خلال السلام والمحبة المتبادلة بين جميع المخلوقات.

الدولة: هي مجموعة الأفراد الذين يتفقون في المجتمع على تطبيق دستورهم (دينهم)، الذي يعتقدونه بصدق أو نفاق، ويسيطرون على باقي الأفراد بالقوة الفكرية والمادية فيسوقونهم إلى القَبول بهم طوعاً أو كرهاً.

وقد تدرجت الدولة من حيث قوة السيطرة على المجتمعات منذ بدء نشوئها عبر التاريخ البشري عبر مراحل وأشكال:

ـ دولة الإله.

ـ دولة ممثلي الإله.

ـ دولة تابعي ممثلي الإله.

-دولة منكري الإله.

ـ دولة الشعارات.

ـ دولة المدينة.

ـ دولة الإله: وهي أقوى الدول التي قامت، حيث التفرد بسيطرة الدين على الدولة والأفراد، حيث كان الملك إلهاً ودولته وأعوانه كانوا أبناء صلبيين أو روحيين له، تم فيها استبعاد الإنسان واستغلاله بشكلٍ كامل ودائم ومستمر، بحيث لا يمكن أن يفكر مجرد تفكير في دساتير إلهه، الطاغوت الأعلى، وليس له أي حق، فهو مجرد شيء يمكن استعماله في أي وقت ولأي هدف وغاية.

ـ دولة ممثلي الإله: استمرت دولة الإله المنتحل الألوهية بعد أن غاب شكلاً ملموساً مشاهداً وتحول إلى دولة ممثلي الآلهة عبر المتنبئون والرسل، الكذبة الذين أقاموا على دماء وجماجم من خالفهم وأخضعوا أفراد المجتمع بالقهر والإذلال، فكانت الدولة الدينية القاسية الظالمة التي لا يريدها الإله الحق، ولا يقبلها الدين الحق، لأن الدين الحق لا يبني دولة بل يسعى لبناء فرد صالح في مجتمع أخوي إنساني.

ـ دولة تابعي ممثلي الآلهة: كلما زاد البعد الزمني وطالت الفترة بين ظهور ممثلي الآلهة زاد تشوه دولتهم وظلمت صورتها وبرزت للوجود دولة التابعين وتابعي التابعين.

هؤلاء في جميع الأديان ابتعدوا عن فهم نصوص الرسل والممثلين للإله الحق البعيد عن الملك والتسلط والاستبعاد، وأصبحوا يشكلون المالك والسلطنات والإمبراطوريات التي استبدت بالحكم وتسترت عن الشعوب بحاشيتها المجرمة الظالمة، التي لا تعرف سوى السلب والنهب والشهوات الحيوانية، ومارست كل شيء باسم الإله الذي كانوا يعيشون ظلاله الغاشمة المغشوشة، وتجلياته الكاذبة الظالمة البعيدة عن روح العدالة والرحمة والإنسانية الحقة, وأنكروا رسالتهم وكتبهم وفلسفاتهم وحكمتهم.