اعتمد مرتزقة “داعش” على ما حققوه من انتصارات واحتلال لمدن سورية وعراقية متعددة وفي مدة زمنية قياسية، لحث عناصره على التوجه إلى كوباني وإبادة الكرد هناك، كوباني الواقعة على الحدود مع باكور كردستان (الحدود السورية التركية) التي تبعد عن محافظة حلب 150 كم وتتبع إدارياً لمدينة حلب، لاقى مرتزقة داعش حتفهم فيها على يد أبناء كوباني والمقاومين المتطوعين من أجزاء كردستان الأربعة في مدينة كوباني التي عرفت في العالم أجمع بعاصمة الإنسانية والمقاومة، واعتبرت هزيمة مرتزقة “داعش” من أهم الانتصارات والمقاومات في العالم أمام أخطر إرهاب ألا وهو “داعش” الذي عجز العالم أجمع عن التصدي لهجماتها الإرهابية.
تركيا، بإرسال مرتزقتها لمدينة كوباني، كانت تسعى لتنفيذ مخططاتها الاحتلالية في سوريا، وهدفها الرئيس بلا شك كان القضاء على إرادة الشعب الكردي ووجوده وبالأخص أن هذا الهجوم جاء بعد أشهر فقط من إعلان الإدارة الذاتية في كوباني وعفرين والجزيرة، وتركيا تراه خطراً على سياستها الاحتلالية والدكتاتورية، إضافة لاعتقادها أن احتلال مساحة شاسعة من الأراضي السورية ستمكنها من إعادة إمبراطورتيها العثمانية من جديد. مع اللحظات الأولى لاندلاع الأزمة السورية خططت تركيا لاحتلال كامل سوريا من خلال دعمها وتمويلها الفصائل المعارضة “الجيش الحر” والمتشددين منهم كتنظيم القاعدة (النصرة)، لكن فشل المعارضة بتنفيذ مخططات الاحتلال التركي بالسيطرة على مساحات شاسعة من الأراضي السورية، دفعها لتوطيد علاقاتها مع مرتزقة “داعش” عبر دفع غالبية فصائل المعارضة الممولة تركيا للانضمام إليها والعمل لصالح المخططات التركية بعد تقديمها الدعم اللوجستي والعسكري لها، إلا أن هذا المخطط هو الآخر فشل بهزيمة داعش في كوباني ونهايتها في بلدة الباغوز، وهو ما أجبر الاحتلال التركي للتدخل المباشر بسوريا بحجة مقاتلة مرتزقة “داعش” بدءاً من جرابلس.
ولم تكتفِ تركيا باحتلال هذه المناطق فقط بل بدأت عدوانها على عفرين في 20 كانون الثاني من عام 2018، وبعد مقاومة أبنائها الذي دام 58 يوماً أمام ثاني دولة في حلف الناتو من حيث القوة العسكرية، تمكن الاحتلال التركي من احتلال مدينة عفرين بالكامل في 18 آذار عام 2018، وارتكبت فيها أفظع أنواع الجرائم بحق أهالي عفرين، إضافة إلى تدمير المواقع الأثرية والدينية، وتغيير ديمغرافية المنطقة.
إلا أن محاولة تركيا التخريبية والاحتلالية لا زالت مستمرة تجاه المنطقة، سعياً لزعزعة أمن واستقرارها، وضرب نسيج أخوة الشعوب، وهو ما زاد أهالي وشعوب شمال وشرق سوريا إصراراً وعزيمة لمواصلة نضالهم ضد مخططات تركيا الاحتلالية ومقاومتهم لها، مصرين على الرفع من وتيرة نضالهم ومقاومتهم بوجه الفاشية التركية حتى تحرير مناطق شمال وشرق سوري كافة.
القادم بوست