تقرير/ خضر الجاسم –
روناهي/ منبج ـ الأفران الآلية هي المنشآت الحيوية والمهمة المرتبطة بواقع الحياة اليومية، وبشكل مباشر مع معيشة المواطن، فهو يقدم الخبز للمواطنين ولشرائح واسعة تخفيفاً لمعاناتهم، ولكن مرتزقة داعش كانوا قد استولوا على الأفران واستخدموها في خدمتهم، وبعد تحريرها على يد قوات سوريا الديمقراطية عادت الحياة للأفران.
لا تتوقف عجلته عن الدوران إلا لساعات قليلة في اليوم ذلك أن فيها العطاء الوفير للكثير من الأهالي؛ ولا يتوانى عن تقديم خدماته بطريقة ضخمة قد لا تخلو من التعقيد لما يقدمه من إنتاج؛ بهدف تلبية حاجة أكبر شريحة من المواطنين للخبز.
داعش سخر مقدّرات الفرن الآلي لحساب قادته
يقع الفرن الآلي في الجهة الجنوبية بالقرب من حي الحزاونة الذي يعد من أكبر أحياء المدينة، كما أنَّه على مقربة من مقبرة الشيخ عقيل المنبجي.
الفرن الآلي أحد المنشآت الحيوية والمهمة ذات التماس والصلة بواقع الحياة اليومية، وبشكل مباشر مع معيشة المواطن، فهو يقدم الخبز للمواطنين ولشرائح واسعة، إذ استطاع أن يخلق لنفسه قبولاً لديهم بعدما أحاله داعش في ظل حكمه للمدينة ضمن قانون الاستثمار الخاص لقادته فتذهب أمواله لقبضة زعمائه وجيوب مرتزقته؛ ليسرقها من أموال الشعب ويتاجر بقوت المواطن، حيث كانت ربطة الخبز تُباع بمبلغ 300 ليرة سورية، وهي تحتوي إلا لسبعة أرغفة، فظل المواطن رهين ما يعاني من أزمة خانقة وصعبة للحصول على الخبز، ولدرجات تفوق التصورات الواقعية، وربما اصطحب ذلك انتظار طويل لكثير من المواطنين.
فكثيراً من الأهالي خلال ساعات طويلة شكلوا طوابير وأنساقاً عديدة في وقوفهم لانتظار استلام الخبز في مشهد لامثيل له في مجاعات الصومال الشقيق. وأضحى تأمين الخبز من المسائل التي تحتاج إلى تفرُّغ أحد أفراد الأسرة لتأمين الخبز، فهدف داعش هو تجويع المواطنين وإجبار بعض الذين لا يملكون ثمن تأمين الخبز ولا قوت يومهم الالتحاق بركبهم، وذلك يتنافى مع الحقوق الإنسانية التي كفلها الدين والقانون وإمعاناً بإذلال الإنسان السوري.
ولادة جديدة للفرن الآلي في عهد الإدارة المدنية
وقامت الإدارة المدنية الديمقراطية بتأهيل الفرن وصيانته لتعود للحياة من جديد وإعادته لأفضل مما كان عليه من قبل؛ وبفضل ثورة ذهنية قوية قابلة للنهوض والتجديد من خلال الاستفادة من أن الخطوة القادمة، تبدأ من لحظة الوقوف إلى جانب المواطن في تأمين خبزه اليومي على الرغم أن الحرب السورية مستعرة ولم تنتهِ بعد.
وهذا ما يضع الإدارة المدنية الديمقراطية في منبج أمام واقع لا يخلو من تحديات جمة على صعيد البنية التحتية للفرن، إلى جانب عودة العاملين من ذوي الخبرة في ظل سعيها لاستقطاب العمال كافة الذين فضّل بعضهم عدم العمل بعد يأس وقنوط من مشاهد القسوة والعنف التي تعرضوا لها في زمن داعش والتي كادت تؤدي بحياة البعض في حال رفضهم الانصياع لأوامرهم.
واستطاعت الإدارة المدنية الديمقراطية إعادة المصداقية للكثير منهم الذين عادوا للعمل لما رأوا من واقع متطور ملموس في شتى المجالات؛ بل ربما استطاعت الإدارة توفير الحافز كتقديم رواتب جيدة للعمال إضافة إلى توزيع خبز مجاني بما يكفل للعامل حاجته من استهلاكه اليومي لمادة الخبز؛ ما من شأنه زيادة إنتاجية الفرن من مادة الخبز؛ باعتبار أن الفرن من القطاعات الإنتاجية والتي لا بد للعامل من وجوده الحتمي في صناعة النجاح تزامناً مع نجاح الفرن على الصعيد الإنتاجي وإلا فلن يستطيع الفرن مواصلة العمل على الرغم من دخول المكنة الحديثة بصرف النظر عما إذا كان العامل فنياً أم إدارياً بحسب واقع عمله من تطوير عجلة الإنتاج.
رفضه العمل مع المرتزقة
وبهذا الخصوص؛ حدثنا العامل محمد علي بن عبد العزيز الذي يعمل على تطبيق الخبز قبل مرحلة التغليف بقوله: “مرت ظروف عصيبة جداً على أهالي منبج بشكلٍ خاص إبان سيطرة داعش على المدينة فلم أستطع تقبل فكرهم، ولا تقبل العمل معهم؛ فكيف لي أن أعمل وأنتج وسيفهم مسلط على رقبتي في كل وقت؟ ولا أعرف حداً لنهاية حياتي على يدهم، أو الموت جوعاً بسبب ما فرضه علينا من خناق اقتصادي رهيب”.
وأفادنا عبد العزيز قائلاً: “حين تولت الإدارة المدنية الديمقراطية زمام إدارة المدينة عدت للعمل طواعية لما وجدنا من مساحة في التعبير، وفضاء واسع للحرية لم يكن موجوداً من ذي قبل”.