تقرير/ ميديا غانم –
روناهي / قامشلو – في حديث الكثيرين عندما يتوجهون إلى سوق قامشلو يمر اسم عزرا؛ ما هذا الاسم؟ ولِمَ خلد ذكره؟ ما الخصوصية التي يتميز بها حتى الآن ويتكرر لعقود من الزمن؟ ومن أين أتى عزرا ومتى غادر قامشلو؟، تفاصيل كل ما ذكر ومعلومات أخرى خلال التقرير الآتي:
في مركز مدينة قامشلو وسوقه يقع محل عزرا للعطارة والتوابل الذي فتح بعام 1928م، هذه العائلة اليهودية موصلية الأصل قدمت من نصيبين من باكور كردستان لتستقر بقامشلو (بعد أن غادر الموصل إلى نصيبين)، وفتح هذا المحل الذي يبيع فيه أنواعاً مختلفة من المواد الطبيعية مثل: العسل والسمن وتطبيق الوصفات الطبية العشبية، وكل أنواع البهارات والمواد المتعلقة بها على مختلف أنواعها، عزرا اسم يعرفه أغلب أبناء المدينة وهو يدلُّ على سوق بأكمله ومحله الخاص فيه لأنه كان صاحب أول محل بذاك الشارع والذي تم تسمية السوق كله باسمه تيمناً به، طبعاً هو غادر مع عائلته حسب بعض المعلومات منذ فترة طويلة مدينة قامشلو واتجه نحو إسرائيل وقيل: إنَّه تُوفي هناك، ولكن أبناء قامشلو من مختلف الأطياف والأديان والقوميات اعتبروه فرداً منهم بسبب حسن معاملته مع الآخرين بالمدينة.
امتلك عزرا صيتاً وسمعةً طيبة بين المواطنين، وأصبح هدفاً للمتسوقين وظل صاحب الأفضلية في التردُّد على محله رغم فتح عشرات الأسواق على النمط نفسه، لأنه اشتهر بخلطات طبيعية كان يصنعها بيده كبديل عن بعض الأدوية أي طب الأعشاب مثل: (دواء السعال والكولون والمعدة وإلخ).
وامتهن المهنة نفسها المواطن الأرمني خاجيك وارطان الملقب (خاجو عزرا)، عنه منذ 25 عاماً، وهو يعمل في المحل نفسه حتى الآن، والذي أفادنا أنَّه كان يعمل عند عزرا وتعلم منه وصفات تطبيق المواد للكثير من الأمراض، مضيفاً: “في ظل هذه الحرب الدائرة لم تتأثر الأسواق لدينا كثيراً، ولكن نفتقر في بعض الأحيان إلى أنواع معينة يجب استخدامها في بعض الخلطات لأننا في الوقت الحالي نعد خلطة لتنحيف الجسم ولكن لم تكتمل الوصفة بسبب نقص البعض من موادها”، ونوه إلى أن اسم عزرا له التأثير الكبير في جلب الزبائن للمحل، وهذا الاسم تخلد في ذاكرة السوق، وفي محله شاهدنا صورة لعائلة عزرا، تلك العائلة اليهودية التي تستقر الآن خارج قامشلو، ولكن من يدري قد تعود بهم الأقدار من جديد لزيارة هذه المدينة ومكان تأسيس عمل والدهم، المدينة التي تشكل فسيفساء جميلة ولوحة فنية عنوانها التآخي والمحبة بين الأديان والشعوب في سوريا.
كما أفادنا صاحب المحل المحاذي لمحل عذرا وجاره منذ القديم بيدروس كوغاس والذي حدثنا قائلاً: “إنني من مواليد 1946م، خلقت في قامشلو وأنا أرمني الأصل ولكننا بالأصل قادمون من تركيا من خرزة، ويضيف بيدروس: “أعمل في محلي هذا منذ 1961م، حيث كان عمري آنذاك 12 عاماً، فتح لي أبي هذا المحل لأتعلم مهنة العطارة وأسترزق منها، وكان هذا السوق يطلق عليه قديماً سوق اليهود أو سوق الجامع الكبير”، وأكمل: “أما عذرا فهو من الموصل يهودي الأصل، حيث كان رجلاً ذا سمعة طيبة وكان محبوباً من الناس وواسع الخبرة في عمله لهذا كان يتردد عليه الكثيرون لتلبية متطلباتهم، فقد كان عطاراً يجلب العسل والسمن والكحل وغيرها الكثير من المواد من تركيا ونصيبين بالتحديد، ليصنع منها الكثير من الوصفات الطبية والجمالية على يده، ليستفيد منها الأهالي”، مختتماً حديثه بالقول: “رحل عزرا مع أسرته إلى إسرائيل منذ مدة بعيدة حيث توفي هناك، وسمي هذا السوق على اسمه بسبب حسن خلقه ومعاملته الجيدة، ولأن عمله كان مميزاً وكان صاحب أخلاق وضمير”.
