No Result
View All Result
المشاهدات 0
دلشاد مراد-
أعاد تناول الجمهور وسخريتهم لقصيدة “بوخوم يا وجع القصيدة” التي ألقاها أحد المقيمين في مدينة ألمانية عبر أثير إذاعة آرتا والتي نشرت عبر فيديو على التواصل الاجتماعي، وقبلها بسنة تقريباً تكرر ذات المشهد حول قصيدة “خوهي” والتي ألقتها إحداهن على شاشة قناة روناهي؛ تداول مسألة تهاون وسائل الإعلام وتهكمها بالذائقة الأدبية.
ولو تم التمعن بدقة بما تعرضه وسائل الإعلام المرئية والمسموعة والمقروءة المحلية لأمكن إحصاء العشرات من الهفوات المشابهة للحالتين المذكورتين أعلاه. ويمكن إرجاع أسبابها إلى الافتقار للكفاءة الإعلامية والثقافة العامة في أوساط العديد من إدارات وسائل الإعلام ومقدمي البرامج والمحررين، ولا ننكر هنا احتمالية الأخطاء العفوية وهو ما يحصل كثيراً مع العديد من وسائل الإعلام.
تدخل الحالتان المذكورتان في سياق ما يمكن الإطلاق عليه بـ “الأدب الزائف” أو “المبتذل”، والزائف عكس الحقيقي أو الأصيل، والمبتذل عكس الرصين، وما نعانيه من ظاهرة الأدب الزائف والمبتذل في واقعنا الثقافي تظهر بشكل واضح عبر نماذج كثيرة يلجأ أصحابها إلى طرح ونشر نتاجات مبتذلة في وسائل الإعلام والنشر، والنموذج الأخطر على الحالة الأدبية هو قيام أدباء أو وسائل الإعلام بإفساح المجال لظهور مثل هؤلاء وتقديم نتاجاتهم المبتذلة أمام الجمهور العام، حينئذ يتعرض ذلك الشخص والوسيلة الإعلامية التي قدمته للتوبيخ والنقد الشديد والاستهزاء من قبل الجمهور والرأي العام.
ومعظم أصحاب تلك النتاجات المبتذلة يعانون من مشاكل وعُقد اجتماعية وأسرية وشخصية، فيعتقدون أنه من خلال هذه الطرق غير الحسنة يمكن التعويض عن تلك المشاكل وتجاوزها، وكل همهم إثبات ذواتهم وشخصياتهم، وقد تكون محاولة للانتقام من المحيطين بهم أو من المجتمع عامة، فيكون نتائج ذلك كارثية عليهم، وخاصة إن أسندوا ظهورهم على أشخاص انتهازيين وغير أكِفَّاء في الوسط الأدبي والإعلامي. ولا ننسى أن هناك قسم لابأس به من أصحاب تلك النتاجات لا يعترفون بأخطائهم أو بتدني مستوى ما يعرضونه من نتاجات زائفة على الجمهور، ويعود ذلك إلى تدني المستوى الثقافي والمعرفي لديهم.
ينبغي على وسائل الإعلام وأصحاب القرار في تقييم النتاجات ونشرها عدم التهاون أو التساهل مع أصحاب النتاجات الزائفة والمبتذلة، يجب مواجهتهم بحقيقة مستوى نتاجاتهم المعروضة من خلال أسلوب نقدي بنَّاء.
كما أن المُقْدمين الجدد على الكتابة عليهم الحذر من الوقوع بأخطاء قد تكلفهم مستقبلهم، فالكتابة إن لم تكن ذات قيمة أدبية إيجابية فلن يتقبلها الجمهور أو الرأي العام، الذي أثبت في كلتا الحالتين المذكورتين أعلاه أنه يملك ذائقة أدبية، وقد انعكس ذلك على رفضه للنتاجات الزائفة والمبتذلة المعروضة على وسائل الإعلام والنشر. أي أن نظرية “الجمهور ينقاد وراء كل ما ينشر” ليس لها أي مصداقية تذكر.
على الكُتَّاب الجدد قبل إظهار أنفسهم على هيئة كاتب أو شاعر أو غير ذلك في وسائل الإعلام والنشر أن يحصنوا أنفسهم معرفياً، وأن يمتلكوا المصداقية اللازمة، وعدم الهرولة نحو الشهرة الزائفة، فالكاتب الرصين والحقيقي يدرك تماماً أن نتاجاته الأدبية والمعرفية ذات القيمة الإيجابية لمجتمعه هي التي تجعل منه ذا شخصية مبدعة متقبلة من قبل الجمهور، وعكس ذلك لن يلقى إلا سخرية الجمهور والمجتمع، ولن يكون مستقبله إلا في هوامش ونفايات التاريخ والأدب الثقافة.
No Result
View All Result