القس برانسون… قشة قصمت ظهر الاقتصاد التركيّ

غاندي اسكندر –

كثيراً ما تبجح أردوغان بأنّ سياساتِ حزبه الاقتصاديّة أحدثت طفرة متنامية بالاقتصاد التركيّ؛ الذي كان متهالكاً قبيل عام 2002م، فأردوغان ركب موجة الإصلاحات الاقتصاديّة، والانفتاح على أسواق دول الجوار، وجذب الاستثمارات، وعلى حساب هذه الفقاعة الاقتصاديّة، فضلاً عن استغلاله للخطاب الدينيّ سعى إلى استغلال شريحة الفقراء من الشعب التركيّ؛ للوصول الى دفة الحكم، وإعادة أمجاد السلطنة العثمانيّة بجلباب أردوغانيّ، لكن فيما يبدو في الآونة الاخيرة أنّ أحلام وطموحات الديكتاتور بدأت بالتلاشي؛ بسبب فقدان الليرة التركيّة قيمتها مقابل الدولار، فعجلةُ الاقتصادِ المتسارع، والطموح بمنافسةِ الاقتصادات العالميّة قد نحا نحو نفقٍ مظلمٍ وإلى اقتصادٍ هشٍ مأزومِ ومردُّ ذلك الدعواتُ المتكررة لأردوغان من البنك المركزيّ التركيّ بتخفيض أسعار الفائدة، الأمرُ التي يخشى منه أصحاب رؤوس الأموال والمستثمرين الذين باتوا يبحثون عن أسواقٍ أكثر استقراراً وأمناً، فالعملةُ التركيّة حسب صحيفة نيويورك تايمز انخفضت إلى أدنى مستوىً قياسيّ يوم الاثنين المنصرم حيث انخفضت الليرة التركيّة إلى 7.2 مقابل الدولار، وذلك بالمقارنة مع 3.8 مقابل الدولار بداية العام الجاري، وأثّر هذا التدهور على أسواق الأسهم في أوروبا وآسيا بسبب المخاوف من وقوع البلاد على حافة الانهيار الاقتصاديّ الذي قد ينتشر إلى الأسواق الناشئة، وأوضحت الصحيفة أنّ الأزمة ناجمة عن ارتفاع التضخم وسوء الإدارة الاقتصاديّة لحكومة أردوغان.

أسباب انهيار الاقتصاد التركيّ

لعل أحد أهم الأسباب التي أدّت إلى تدهور العملة التركيّة مقابل العملات الأجنبيّة، كما يعزوها المراقبون هي السياسات السلبيّة التي انتهجها حزب العدالة والتنمية بقيادة أردوغان المتمثلة في استنزاف الأموال التركيّة لصالح دعم الجماعات الإرهابيّة، واحتضانِها للتنظيمات المصنّفة إرهابيّة، ومنحِها الملاذ الآمن، والإنفاق على أبواقها الإعلاميّة فضلاً عن سياسات النظام الإقليميّة بدعم داعش والنصرة والتنظيمات التي تدور في فلكها كدرع الفرات، وغصن الزيتون في سوريا والعراق وليبيا. ومن أسباب انهيار الاقتصاد التركيّ أيضاً سياسة كم الأفواه، وكبت الحريات، والقمع والتنكيل، وزجِّ السياسيين، والصحفيين في السجون، وفرض حالة الطوارئ بعيد الانقلاب المفتعل، وكذلك احتلت العقوبات الأمريكيّة على النظام التركيّ بسبب قضية القس الأمريكيّ برانسون المسجون في تركيا المرتبة الثانية من جملة أسباب الانهيار الاقتصاديّ، فتعنت تركيا في الإفراج عن القس الأمريكيّ الذي تتهمه تركيا بدعمه لجماعة فتح الله جولن أدّى بواشنطن إلى فرض عقوبات على وزيرين تركيين ومضاعفة الرسوم الجمركيّة على صادرات تركيا من الصلب والألمنيوم هذه العقوبات التي أعلن عنها ترامب كانت بمثابة القشة التي قصمت ظهر الاقتصاد التركيّ.

مسار قاتم لسعر صرف الليرة التركيّة مقابل الدولار

بلغ سعر صرف الليرة التركيّة أوجه عام 2006م إذ كان الدولار يساوي1.42، وفي عام 2015م بلغ سعر صرف الدولار أمام العملة التركيّة 2.92ليرة، وبدأت رحلة الانحدار من عام 2016م بعد محاولة الانقلاب، وانتهت السنة بتراجع العملة أمام الدولار وصل إلى 3.53، وفي عام 2017م واصلت إلى 3.81 مقابل الدولار، ومما فاقم انهيار العملة التركيّة تعيين أردوغان لصهره براءت البيرق وزيراً للمالية الذي زاد الطين بِلَّة، فكلّ وعوده بمواجهة التضخم باءت بالفشل بسبب عدم ثقة المستثمرين به، وبسياسته الاقتصاديّة المتمثلة بخفضِ تكلفة الائتمان من البنوك لتحفيز الاقتصاد، فقد رسمتِ البياناتُ الاقتصاديّة مساراً قاتماً لسعر صرف الليرة التركيّة أمام الدولار منذ بداية العام 2018م وكانت على النحو التالي: كانون الأول 3،68 ليرة، شباط: 3.81- آذار: 3.94 – نيسان: 4.5- أيار: 4.49- حزيران: 4.59- تموز:4.48 – بداية آب: 6.42 ويوم الاثنين 13/8/2018م وصل سعر الصرف إلى 7.22مقابل الدولار الواحد.

استغاثات غير مجدية

بدل أن يعترف أردوغان بأنّ سياساته المتمثلة بدعم الارهاب، واحتلال مناطق سوريّة كعفرين وتدخّله في جنوب كردستان واحتضانه للجماعات المتطرفة في أنقرة وسياسة هدم المدن في باكور كردستان هي التي أدّت إلى هذا الانهيار، فقد اعتبر الأمر أمام حشد من مؤازريه مؤامرةً تُحاك ضد تركيا قائلاً: «أرى أنّ هناك من يحاولون إركاع بلدنا، لوبي الفائدة يستهدف بلدنا أنا أوجّه كلامي لمن يمتلكون الدولار واليورو تحت الوسائد اذهبوا وحوّلوا أموالكم إلى الليرة التركيّة حتى نُبطلَ هذه المؤامرة معاً» فأردوغان مثلما حقّق طفرة اقتصاديّة منذ سنوات حكمه الأولى أخذت هذه الطفرة سلم الهبوط منذ عام 2013م للأسباب السالفة الذكر وهوت ببلاده إلى اقتصاد كارثيّ عام 2018م قد تنذر حسب المصادر إلى سقوطٍ وشيكٍ له جرّاء الاستياء الشعبيّ .