No Result
View All Result
المشاهدات 0
رجائي فايد –
(كان من نتائج حرب حزيران 1967، توقف البرنامج النووي المصري، بعد أن كانت مصر قد قطعت بعلمائها شوطاً كبيراً في هذا البرنامج، لأن شعار الدولة أصبح “كل شيء من أجل المعركة”)، قالها لي عالم مصري كبير في الطاقة الذرية، ولم يدرك صاحب هذا الشعار، أن استكمال البرنامج النووي هو من متطلبات الصراع الدائم مع إسرائيل، كان فقط منشغلاً بإعادة بناء الجيش الذي تصدع، في حين لم ينشغل فيه الإسرائيليون بفرحة النصر عن تطوير قدراتهم العلمية ليدخلوا بها عصر النادي النووي، لإدراكهم بأن امتلاكهم لهذا السلاح هو عامل ردع لكل من يحاول إلحاق الأذى بدولتهم، أو يوقفها عن تحقيق مطامعها، وكان من الواجب علينا استكمال هذا البرنامج، ولكن نتائج الحرب لم تكن تسمح إلا بأمرين لجأ إليها عبد الناصر مضطراً.
الأول: هو الدعوة لمؤتمر قمة عربية في الخرطوم، في محاولة لإنقاذ ما تبقى من الجيش المصري من مستنقع اليمن، ونجح في ذلك، ولكن اللافت للنظر هو حمل الجماهير السودانية لعبد الناصر في سيارته في شوارع الخرطوم، وكأنه القائد الذى انتصر!، والملاحظ أيضاً في الخطاب الإعلامي لتلك الفترة هو التأكيد على (أن النبي عليه الصلاة والسلام هزم في غزوة أحد، ولكن ذلك كان مقدمة للفتح العظيم).
والأمر الثاني هو طلب معونة عسكرية من موسكو (سلاح وعتاد ومستشارين)، وقَبِل عبد الناصر بدخول الجيش الأحمر إلى مصر، (تصادف تخصيص العمارات المجاورة لمسكني لإقامة الخبراء الروس مع عائلاتهم)، ليصبح لكل مسؤول عسكري مصري على كافة المستويات مستشار سوفييتي، (ضحى الشعب المصري كثيراً من أجل حلم التخلص من الاحتلال البريطاني) .
قبل عبد الناصر بمبادرة وزير الخارجية الأمريكي (روجرز)، ما أدى إلى احتجاج بعض المنظمات الفلسطينية على ذلك، وخلال تظاهرات بعضها، تم حرق العلم المصري، ليسفر ذلك عن إغلاق مكاتب تلك التنظيمات في القاهرة، واعتبارها معادية لمصر، وكانت تلك مرحلة جديدة من مراحل انهيار التضامن العربي والذى لم يتوقف عند هذا الحد، فقد حدثت بعد ذلك أحداث أيلول الأسود، والتي كانت حرباً حقيقية بين الجيش الأردني والتنظيمات الفلسطينية، وكان لا بد على عبد الناصر، السعي إلى لملمة أشلاء التضامن العربي، فدعا إلى قمة عربية عاجلة في القاهرة، والتي اختتمت بنهاية مأساوية، إذ توفي وهو يودع أمير الكويت في مطار القاهرة، وبكته كل المنطقة من المحيط إلى الخليج، وكان تشييع جثمانه إلى مثواه الأخير، مشهداً لم تعشه الإنسانية كلها من قبل بل وربما من بعد، وحمل وداعه أكثر من معنى، وأهمه أن هؤلاء الموّدعين لناصر، أصبحوا يتامى بعد رحيله.
وجاء السادات، وانحنى لتمثال عبد الناصر قبل أداء القسم الدستوري، ثم قال كلمته الشهيرة، (جئتكم على طريق عبد الناصر)، ورغم حزن الشعب، فإنه لم ينس التعليق على ذلك بالنكتة المصرية (السادات يمشي على طريق عبد الناصر بأستيكه أي ممحاة!)، وكانت تلك النكتة تعبيراً بليغاً عن حقيقة تحولات السادات، إذ سار على عكس هذا الطريق، وعكست ذلك مقولته (كل أوراق الحل في يد أمريكا)، وهاجمته معظم الأنظمة العربية، التي اطلقت على نفسها (جبهة الرفض)، إلى أن كانت حرب أكتوبر 1973.
وعند تلك الحرب وتداعياتها سنتوقف قليلاً، فهي أشبه باستراحة قصيرة من سفر الأحزان العربية، وغروب شمسها، وكل ذلك يبقى له بقية، طالما بقي في العمر بقية.
No Result
View All Result