بلسان عربي أرمني عاش مع الكرد: بتعاضدنا سنفشل مؤامرات الشوفيين

تقرير/ بيريفان خليل –

روناهي/ قامشلوـ شاب من أصل عربي وله جذور أرمنية وتعايش مع الكرد وغيرهم من شعوب المنطقة فأصبح شاهداً على طابع التعايش المشترك وأخوة الشعوب السائد في المنطقة فتكلم بلسان يعبر عن الواقع.

لوحة فسيفسائية تعبر عن التعايش المشترك بين شعوب مناطق شمال وشرق سوريا، مزج بين الثقافات واللغات حتى الأفكار والأطروحات، تعاون الشعوب فيما بينهم في السراء والضراء، في التنظيم والعمل حققت نجاحات كثيرة، كل ذلك لأنهم ارتشفوا من فكر الأمة الديمقراطية وتغذوا من ثمار شجرة الحرية، فتجد العربي يساند الكردي ليشاركوا السرياني والآشوري ضد من يعادي شعبهم.

“ساميتي وآريتي دفعاني للبحث”

وكمثال على هذا التعايش تقابلنا مع شخص من أصل عربي وله جذور أرمنية ويجاور الكرد ويخالطهم ويتعاون معهم في سبيل خدمة المجتمع هذا الرجل يعيش ضمن مناطق شمال وشرق سوريا وكان شاهداً على الأحداث الأخيرة التي مرت بالمنطقة منذ ما يقارب التسع سنوات، ومن خلال حديثنا معه نستنتج أن نسيج الشعوب الحالي المحكم لن يتفتت مهما حاول الأعداد خلق الفتن بينهم.

مثنى عبد الكريم يبدأ حديثه لصحيفتنا روناهي معبراً عن افتخاره بهويته السورية فيقول عن تمازج الحضارات والثقافات في المنطقة الأمر الذي دفع بالطامعين استهدافها منذ القدم وفي الحاضر كانوا أشد استهدافاً “افتخر بهويتي السورية وتنوع ثقافاتها وتمازج حضاراتها وتعايشها، أنا عربي ويجري في عروق دمي الدم الأرمني هذا التمازج في شخصي بين ساميتي وآريتي كان سبباً يدفعني للبحث كثيراً والتساؤل لماذا يريد الأتراك إفناء الأرمن واضطهاد الكرد وجعل العرب حطباً لتلك المحارق؟!!

الثعبان التركي يتربص بنا في كل مكان

ولأنه كما ذكره يجري في دمه الدم الأرمني فأنه حاول مراراً وتكراراً التساؤل حول إبادة الأرمن وانصهار لغتهم وثقافتهم بعض الشيء فيتساءل “لماذا لم يعد الأرمن الذين تزوجوا في تلك الفترة من عرب يتكلمون لغتهم أو يلبسون تراثهم في تلك الفترة التي أسميها فترة الاختباء من الظلم والجور بل فترة القهر الذي لن ينسى فكيف ننسى وأنا أتذكر موقفاً حين طَلب شخص من أحد النساء الكبيرات في العمر أن تعلمه بعض الكلمات الأرمنية لتبكي تلك الأم قائلة: ذبحنا وهجرنا واغتصبنا بالملايين لأجل تلك اللغة تعلموا غيرها فإن الثعبان التركي يتربص بنا في كل مكان أخشى عليكم أن يدق في أرجلكم حذوات الأحصنة وأخشى عليكم أن تصلبوا عرايا”؛ مشهد يعبر عن أفعال الثعبان التركي كما وصفتها الأم لشخص أراد تعلم لغته بحق الأرمن.

ويسترسل عبد الكريم حديث الأم الأرمنية “الثعبان التركي علمونا لهجات مندثرة مزيج غريب من كلمات انقرضت ولم تذكر أصلها قائلة: بها كنا نتواصل لتنتقل من الأجداد إلى الأحفاد ولو بشكل قليل”.

لماذا يحارب الأتراك رجلاً واحداً

منذ صباه كان مثنى متابعاً للأحداث التي تمر بها المنطقة ومنذ ذلك الوقت لفت انتباهه أمر محاربة الأتراك لرجل واحد مشيراً إلى القائد عبد الله أوجلان فبحث عن هذا الشيء كثيراً “كحال كل السوريين في ظل حكم الفردية والشوفينية كنت في صباي أتابع الأخبار دون أن أفهم لماذا يريد الأتراك بجيوشهم أن يحاربوا رجلاً واحداً !! من هذا الشخص الذي استنفرت تركيا قواتها كلها لأجله؟! ماذا فعل !! كل ما فهمته أنه ليس متشدداً إسلامياً لأتساءل إذاً لماذا تحاربه تركيا؟!!.

استعان مثنى بصديق له عله يجد أجوبة لأسئلته “يدور في ذهني الكثير من الأسئلة لكن لم أجد أجوبة، أذكر أنه كان لي صديق من عامودا اسمه جودي رغم أنه كان يفوقني عمراً بمرات إلا أنه كان صديقي يزورنا كثيرا في منزلنا وكنت أسأله دائما فلا يجيب إلا بابتسامة طلبت منه أن يعلمني الكردية فعلمني لم ألقَ أي اعتراض من أهلي حينها مما شجعني على أن أعيد السؤال من هو أوجلان؟! ما قصة حربه مع تركيا أو حرب تركيا عليه؟!، كانوا يصمتون ويضحك جودي ليقول خالو الحيطان إلها أذان وأنت لسا العمر قدامك”.

تعرف على فكر يعتبره الحل لأزمة الشرق الأوسط

مثنى كان أحد الشهود الذي عاشوا في زمن تتالت بعض الجهات في السيطرة على المنطقة واتباع سياسة خاصة فيها فقد عاش حسب قوله في شرق سوريا حيث تتابعت الجهات على أرضها من نظام وجيش حر ونصرة وداعش رغم كثرة المتتابعين لكن لم يجد ما يحركه نحوهم ورغم كل الإغراءات فالأيدولوجيا التي كانوا يحملونها لم تكن حقيقية بل غائية أي لغايات والدوغمائية الراديكالية كانت مسيطرة على الأسلاموين فرأى بأنهم بدون مستقبل حتى أعلن عن تشكيل قوات سوريا الديمقراطية “قسد” وبدء معركة التحرير.

يتابع حديثه عن الأحداث التي عاشها في تلك الفترة وتعرفه على فكر ديمقراطي حلل خلاله الواقع “من تلك الفترة القاتمة المليئة بالأوجاع والألم والدم وأذكر كيف دفعت داعش الكرد لتهجيرهم قسراً من بيوتهم ومصادرة أرزاقهم وحالة الغليان التي لن أنساها من الشعب الذي لم يستطع أن يفعل شيئاً فقد كان مغلوب على أمره حتى خرج أصدقائي الكرد من كوباني ليعودوا سراً بعد ذلك متحدين ظلم داعش وهنا أصبحوا هم معلميني فحدثوني عن المفكر والفيلسوف أوجلان وشرحوا لي أغاني شفان الثورية حتى أشرقت شمس التحرير لأصبح حراً لا أخشى آذان الجدران ولأبحث وأقرأ عن مظلومية الشعب الكردي ومحارق الأتراك لهم ولأبناء عمومتهم من الأرمن مستغلين الحطب العربي”.

أيقن مثنى بعدها بأن حل كل الأزمات في الشرق الأوسط هو بهذا الفكر وليس فقط حل الأزمة السورية وفًهم أيضاً لماذا جيَش الطورانيون جيوشهم لحرب القائد آبو واستخدمت الحرب الخاصة الإعلامية لتشويه صورة المقاتلين والمقاتلات الأحرار والتي لا يزال وللأسف البعض من القومويين الشوفيين يرددون تلك المزاعم، بحسب مثنى.

عبر ودروس استخلصها من فكر القائدآبو

بعد قراءة فكر القائد عبد الله أوجلان استنتج مثنى “أن فكر القائد ليس حكراً لحزب أو جهة أو قومية بل هو كالشمس تنير كل أجزاء السماء فهو كردي نعم وهذا فخر ولكنه نشر عبق فكره لكل العالم حتى قال عزيز عرب أموت أنا العربي المولد ولتحيا أخوة الشعوب الشرق أوسطية وليكتب على شواهد القبور نموت ونحن مدينون لشعبنا”.

دروس كثيرة تعلمها مثنى لدى تعمقه في فكر القائد “تعلمت من فكر القائد ألا أيأس إن كنت مؤمناً ومناضلاً ثورياً فالشعب يستحق التضحية والقضية لا تتحمل اليأس، تعلمت أن القيم ومكتسبات الشعب أثمن من أغلى الجواهر، وأن الشعب أمانة يحتاج دائماً لطليعيين مناضلين أحرار وطليعيات ومناضلات حرائر ليعبروا به نحو الأمان وأن المرأة ليست سلعة بل جوهرة ثمينة وأنها ليست عبدة بل شريكة في الخلق والقرار وهي نفسها الإنسان بذاته حرة بفكرها وقادرة على أن تكون إن أرادت شعلة الكفاح والنضال وهناك الكثير من الأمثلة يعجز اللسان عن ذكرهن”.

تطبيق حقيقي لمفهوم التعايش المشترك

وعن التعايش المشترك وأخوة الشعوب السائدة في مجتمع شمال وشرق سوريا أكد عبد الكريم: “نشهد اليوم تطبيقاً حقيقياً وأن لم يكن بالمثالية التي نريد ونسعى لتحقيقها وتجسيداً لمبادئ الأمة الديمقراطية وأخوة الشعوب بكل مكوناتها وأثنياتها وأعراقها والدليل اليوم على روعة التعايش الإدارة الذاتية ومجلس سوريا الديمقراطية وها هو الكردي يحمل نعش العربي ليبكي في حضن الأرمني ويمسح دموعه الأشوري والسرياني”.

وتوجه مثنى عبد الكريم بكلمته الأخيرة للشعب أولاً “أن هذا الفكر هو ضرورة حتمية وإن تماسكنا وتعاضدنا لن نسمح للقومويين الشوفينين ولا الفتنويين بالوصول لمآربهم وتفرقتنا، فقد أرسل القائد سلامه لهذا الشعب بكل المكونات وتحياته للعشائر العربية قائلاً أنه لن  يسامح من يستغل القيم والمبادئ التي قاتلوا لأجلها واستشهدوا لأجلها الكثيرون والكثيرات من بناتنا وأبنائنا وسجن هو أيضا بسببها”.

وللقومويين قال مثنى: “وللقومويين وغيرهم أقول قبل أن تحكموا على القائد اقرأوا كتبه ومرافعاته وانظروا لتقييمهم لكل المراحل عبر التاريخ اقرأوا خصائص المناضلين الثوريين لتفهموا شخصيته ولتعلموا بأنه لا يمكن أن نتحول إلى أمة حقيقية إلا بتحويل المجتمعات المختلفة والمتشابهة في اللغة والثقافة إلى مجتمع ديمقراطي يحكمه الأخلاق وتسوده العدالة الاجتماعية بحيث يكون لكل شخص وأثنية وعرق وقبيلة وعشيرة دور فيها، اقرأوا وابحثوا واعملوا وتدربوا فالتدريب ضرورة ليكون تقييمك وتحليلك صحيحاً”.