سياسية - اجتماعية - ثقافية - عامة، تأسست عام 2011

متحف الموصل وطريق طويل قبل الافتتاح للزوار

قبل خمس سنوات اقتحم مرتزقة داعش، متحف مدينة الموصل وحطموا عشرات التماثيل الأثرية الموجودة فيه، ونشروا تسجيلاً مصوراً لتحطيم التماثيل داخل المتحف، قبل أن يخيم الظلام ويتراكم الحطام على بقايا الآثار العريقة في المتحف العراقي.
دمروا أيضاً الثيران الآشورية المجنحة وحولوها إلى ركام، ورغم دحرهم بات المتحف اليوم مدمراً تماماً، ولم يسلم من محتوياته شيء. وداخل القاعة المظلمة أكوام من الحجارة حيث كان السياح من قبل يندهشون من تمثالين للثور الآشوري المجنح ذي الوجه البشري.
وكان التمثالان بارتفاع مترين ويزنان أكثر من أربعة أطنان. وبين الأنقاض توجد بقايا أرجل وأجنحة وقطع أثرية محطمة تحمل نقوشاً وحروفاً أبجدية مسمارية، بينما يقف مشهد المتحف حالياً كنصب تذكاري لمأساة ثقافية كبرى في القرن الحادي والعشرين.
محاولة الاسترداد
وفي تقرير موقع “ميدل إيست أي” البريطاني قال عالم الآثار الموصلي غسان سرحان: “لقد جمعنا كل قطعة صغيرة من كل مربع، ووضعناها بعناية في التخزين، حتى نعرف موقعها بالضبط”، مضيفًا أن موظفي المتحف يعملون مع متحف اللوفر الفرنسي في المشروع.
وتابع سرحان “قبل سبعة أشهر، لم يكن بإمكانك السير هنا لأن هناك الكثير من الشظايا المنتشرة على الأرض. لكن فرق الآثار طهرت هذه المنطقة باتباع قواعد تراث الإنقاذ الدولية”.
وأشار مدير متحف الموصل زيد العبيدي أن التماثيل الآشورية تم تدميرها بالمتفجرات، وقال للموقع البريطاني “هذا دمار هائل ونحتاج إلى الكثير من الوقت لإصلاحه.. “.
وتابع العبيدي قائلاً إن “متطرفي داعش قاموا بوضع متفجرات بين الجدران وتفجيرها وكذلك فعلوا بقاعدة عرش الملك نمرود”. وأظهر شريط فيديو واسع الانتشار كيف يحطمون التماثيل، ولكن عندما دخل موظفو المتحف المبنى بعد أشهر قليلة من التحرير، وجدوا حتى شظايا هذا التدمير أزيلت بعناية وافترضوا أنها سرقت.
وقال سرحان إن المتحف سيحتاج قرابة الثلاث سنوات لإعادة بنائه، وثلاث سنوات من العمل المتواصل لإعادة بناء التماثيل المكسورة، وهو ما يعني الانتظار عدة سنوات قبل أن يستقبل المتحف الزوار مرة أخرى، وحتى بعد افتتاحه لن يعود لسابق عهده، إذ لا تزال نسبة 70% من مقتنيات المتحف مفقودة، بحسب العبيدي.
ومنذ التحرير، تم استرداد أكثر من مئة قطعة أثرية من مقتنيات المتحف من منازل المدنيين التي كان يحتلها مرتزقة تنظيم الدولة سابقًا، أو تم الاستيلاء عليها عند نقاط التفتيش من قبل القوات العراقية، ووضعت المقتنيات في مخزن مخصص لها حتى يصبح المتحف في حال يسمح بإعادة وضعها فيه، ولكن لا يزال الكثير مفقودًا.

المتحف الكبير
يعد متحف الموصل ثاني أكبر وأقدم متاحف العراق، بعد المتحف الوطني في بغداد، تعرض للنهب والتدمير أثناء الغزو الأميركي للعراق عام 2003م، ثم بعد سيطرة متطرفي تنظيم الدولة على الموصل.
وضم متحف الموصل قطعاً أثرية من الحقبة الهيلينية التي سبقت المسيحية بثلاثة قرون، فضلاً عن قطع صغيرة متنوعة عُثر عليها في القصور الملكية بمدينة نمرود الأثرية بجنوب شرقي الموصل، تعود إلى القرن التاسع قبل الميلاد.
وقد اشتهرت الحضارة الآشورية بتماثيل الثيران المجنحة، ولا سيما مملكة آشور وقصور ملوكها في مدينتي نينوى وآشور في شمال بلاد ما بين النهرين.
وتركت الحضارة الآشورية – التي تعود أصولها إلى القبائل السامية التي استقرت شمال نهر دجلة في الألف الرابعة قبل الميلاد- إنجازات فنية ومعمارية، منها تشييد عاصمة جديدة قرب نينوى أطلق عليها اسم “دور شروكين”، كما شهدت فتوحات خارجية عظيمة، منها القضاء على المملكة اليهودية الشمالية (السامرة) سنة 721 قبل الميلاد.
ومن أهم ملوكها آشور بانيبال (668-626 ق.م) الذي أُغرم بالأدب والمعرفة، فجمع الكتب من أنحاء البلاد ووضعها بدار كتب خاصة شيدها في عاصمته نينوى، وبلغت الإمبراطورية الآشورية أوج مجدها وقوتها وعظمتها في عهده.
صورة من التدمير الاعمى لداعش لاثار الموصل القديمة