No Result
View All Result
المشاهدات 1
سيهانوك ديبو –
في البداية الأولى من الأزمة السورية ظهر الخط الثالث كقوة ضرورية تسهم في تجسيد أهداف الحراك الثوري السوري ومطالب شعب سوريا في التغيير الديمقراطي الجذري الشامل، الخط الثالث الذي هو ليس مع النظام ولا يمكن أن يكون طرفاً في إعادة إنتاج النظام المركزي الاستبدادي في سوريا من جهة، ومن جهة مغايرة ليس مع المعارضة التي هُمِس لها من عدة مستويات على أنها هي الشرعية والممثل الشرعي لشعب سوريا أو على الأقل للمعارضة السورية كما في وضعية المسمى قوى الائتلاف كامتداد لما كان يسمى بالمجلس الوطني السوري المتأسس في 23 أغسطس آب 2011.
وعلى الرغم من أن هذا الخط اقتصر في البداية على مكونات الإدارة الذاتية السياسية لشمال وشرق سوريا العربية السريانية الكردية؛ بريادة حركة المجتمع الديمقراطي وحزب الاتحاد الديمقراطي، حتى استقر به الأوضاع وتباين بشكل أوضح في نهاية العام 2015 ضمن منظومة مجلس سوريا الديمقراطية المظلة السياسية لقوات سوريا الديمقراطية.
على الرغم من ذلك فإنه من غير الإنصاف أو غير المقبول تفسير ولادة الخط الثالث بسبب تغييب مكوناته من أطر المعارضة المعترَف بها، ولاحقاً من اجتماعات الحل السوري إنْ كانت في الآستانا أو في جنيف، معلوماً لدى الجميع بأن هذه تحوّلت بالنسبة للجميع إلى محطات استعصاء الحل السوري وتفتيت المجتمع السوري في الحالة المزرية التي نشاهدها اللحظة.
نزيد فوق ذلك بأن غياب أو تغييب/ استبعاد مجلس سوريا الديمقراطية كتجسيد للخط الثالث يعتبر أحد أهم أسباب هذا الاستعصاء وانسداده إنْ في جنيف أو في آستانا السورية، ولو فرضنا بأن من باب الفرض المحض بأن قُدِّر لمجلس سوريا الديمقراطية التواجد في الائتلاف فإن الانحسار عنه لم يكن ليأخذ الوقت الطويل.
وهذا بسبب عشرات الخلافات ما بينهما إن في تحديد الموقف من تنظيمات الارتزاق الإرهابية كداعش والنصرة؛ الأخيرتين مجتمعين أثبتت الدلائل تورط معظم مكونات الائتلاف بدعمها وتحولّها جميعاً إلى أداة مُشَغِّلة بيد تركيا، منذ لحظة تأسيسها إلى اللحظة الحالية في تحولّ آلاف السوريين المنضويين في (الجيش الوطني السوري الائتلافي) إلى مرتزقة وأحجار تتراصف بغية خلق جسر إرهابي من شمال سوريا إلى شرقي ليبيا.
ناهيكم عن موقف جماعات المعارضة من إعادة تعويم النصرة والمرتبط بها، وبالتركيز على أن مكونات الخط الثالث تصر بأن سوريا جزء من محيطها الإقليمي، وبترجمة ذلك من خلال نسج العلاقة المتوازنة مع محيط سوريا دون التدخل في شؤونها ودون السماح لها بالتدخل في الشأن الداخلي السوري، كما أن أعوام الأزمة السورية أوضحت بأن هذه (المعارضة) لم يكن في عهدتها أي مشروع سوى الاستيلاء على السلطة.
اليوم ووفق التصدعات الكبيرة التي أصابت تلك (المعارضة) من جهة وفي الوقت نفسه الظاهرة منها في مقلب السلطة والتفكك البنيوي الهائل الذي تحظى به، وكلاهما في ظل عجز الدول من إيجاد الحل السوري والدفع به أو ربما التقصد بعدم استجلاب الحل المناسب لسوريا، المتنوعة أثنياً وقومياً ودينيناً وطائفياً كجزء من محيطها الإقليمي والعربي والدولي، فإنه يمكن القول بأن أغلب السوريين باتوا أكثر قرباً من الخط الثالث ومن مشروع الحل السوري المتمثل بالإدارة الذاتية، أو سوريا الإدارات الذاتية، والإدارة الذاتية هي التجسيد الإداري لمفهوم اللامركزية الديمقراطية، كمفهوم معرفي سياسي حديث يظهر لأول مرة في الأزمة السورية.
لكن، ما يعيب على ذلك يتمثّل في أن قوى سوريا الديمقراطية الوطنية المدنية العلمانية غير موحدة، وإذا ما تم الاقتناع بذلك فإن مجلس سوريا الديمقراطية يتحمل أكثر من غيره مسؤولية توحيد هذه القوى والأحزاب والشخصيات، التي تؤمن بأن سوريا لن تستقيم ولا يمكن إعادة حكمها ضمن إنتاج نظام سياسي شديد مركزي كما في حال ما قبل 2011، فإنها إما ستكون فاشلة أو مقسّمَة وبكل الأحوال يعتبر ذلك بمثابة العملة التي لا تحتمل سوى وجهاً واحداً.
إنما تؤمن بأن تستعيد هذه القوى المبادرة؛ فإنه ليست سوريا وحدها التَعِبة، إنما كل من في المنطقة والعالم في غاية الوهن، وهذا الوهن ليس له العلاقة بالجائحة كورونا إنما العكس فالجائحات تصيب المجتمعات والشخصيات الضعيفة لتصبح تربة خصبة لتعشش الأمراض، أصعبها الأمراض المجتمعية التي لها الحل الوحيد المتمثل من خلال السؤال الكبير: أيّها الديمقراطيات التي تناسبنا، وفي أية أمة يجب أن نعيش؟ لقد جرّبت البشرية العيش ضمن أطر متعددة، أثبتت بأنها ضيقة أو لا تنسجم وإنسانية الإنسان.
الخط الثالث الذي هو التبدي للمنظور المعرفي الأمة الديمقراطية، فإن أحوال البشر والعمران البشري يكون بالأفضل كثير من خلال العيش ضمن رؤى براديغما الأمة الديمقراطية.
No Result
View All Result