واقع الصحافة الأدبية في روج آفا وشمال شرق سوريا

دلشاد مراد –

 تعتبر الصحافة الأدبية إحدى أبرز أشكال الإصدارات الإعلامية، ولها أهمية كبيرة في تنشيط الحالة الأدبية والثقافية في أي بلد كان، ولاسيما إذا كانت ذات مضامين نوعية في مجال الفكر والإبداع الأدبي.

وخلال النصف الثاني من القرن العشرين تكللت جهود الكتاب والمثقفين والحركة السياسية الكردية بتأسيس وإصدار العديد من المجلات الأدبية ذات المضامين النوعية إلى حدا ما – وإن كانت بشكل غير مرخص من السلطة الحاكمة – مثل هذه المجلات: “هاوار، كليستان، كلاويج، خناف، ستير، كورزك كول، زانين، آسو، برس، بهار، الحوار، روجدا، سوركول، أجراس، زفي، نرجس.. وغيرها” ساهمت في إحياء الثقافة الكردية وتشكلت طبقة مثقفة مرتبطة بالسياسة العامة للحركة القومية الكردية في سوريا.

وبعد رحيل سلطة النظام وقيام الثورة في روج آفا عام 2012م، تأسست عشرات من المؤسسات الإعلامية ذات التوجهات والتخصصات، وصدرت العديد من الصحف والمجلات من بينها مجلات أدبية.

في بادئ الأمر، حاولت مؤسسات الثقافة والفن في الإدارات الذاتية إصدار مجلات ثقافية، لكنها لم تستمر بإصداراتها لنقص الخبرة، والعشوائية في التنظيم، من بينها مجلة فيان، وبينوسا زمان، وميزوبوتاميا. وحاولت هيئة الثقافة والفن في الجزيرة إصدار مجلة أخرى كبديل عن ميزوبوتاميا وهي مجلة سيوان، ورغم أنها فصلية إلا أنها ومنذ تأسيسها عام 2017م، لم تصدر عنها حتى الآن سوى ثلاثة اعداد، وتعاني من سوء التنظيم الإداري والتحريري.

اتحادات الكتاب من جانبها أصدرت مجلاتها الأدبية، إلا انها عانت أيضاً من سوء التنظيم وتأثيرها بالخلافات والانشقاقات والأمور التنظيمية داخل تلك الاتحادات، فأصدر اتحاد الكتاب الكرد مجلة (الكاتب – نيفسكار) عام 2016م، وهي منذ سنتين لم تصدر أي عدد جديد، وبالتالي يعتبر بالمفهوم الإعلامي متوقفة عملياً. أما مجلتي “دشت” و”روج آفا” التي يصدرها اتحاد مثقفي روج فآي كردستان منذ عام 2018م، فهي أيضاً تعاني من سوء التنظيم وتأخر أعدادها. وهكذا بالنسبة لمجلة “بينوسا آزاد” التي يصدرها اتحاد كتاب كردستان سوريا. كما أن مجلة سورمي المستقلة توقفت بسبب عدم توفر التمويل اللازم.

اما مجلة “شرمولا” الأدبية الفصلية، وهي المجلة الوحيدة المستقلة عن المؤسسات واتحادات الكتاب حالياً، فتصدر أعدادها بشكل دوري وفي مواعيدها المحددة منذ صدور عددها الأول عام 2019م، وتمتاز بالتنظيم الإداري والتحريري، والاستمرارية، وكثرة الكتاب المشاركين فيها، وهي أكبر المجلات الأدبية الموجودة مضموناً وطباعةً وتوزيعاً.

وبالتالي نلحظ إن الاستقلالية الإدارية والتحريرية وكفاءتها، وكذلك توفير الدعم والتشجيع المطلوب، لها الدور الأبرز في إنجاح واستمرارية الصحافة الأدبية، وهذا ما ينبغي أن يتم تعميمه على كافة الصحف والمجلات الصادرة في المنطقة.