كورونا.. وكشف زيف دجل بعض الكهان

رجائي فايد – 

اجتاح وباء كورونا كل دول العالم، وأصبح الشغل الشاغل لكل فرد كيف يحمي نفسه وأسرته وأحبائه من الوقوع فريسة لهذا الفيروس، وقامت كافة الحكومات بإجراءات احترازية لحماية مواطنيها، وكانت كلها إجراءات مؤلمة، إغلاق  المدارس والجامعات والمطاعم والأندية، والسياحة، ومراكز التسوق، وكل ما يترتب عليه أي تجمع بشري، حتى الدورة الأوليمبية التي كان الناس يتشوقون لها كل أربعة أعوام، قد تم تأجيلها لعام آخر، حركة الطائرات توقفت بين الدول، وفرضت السلطات حظر التجول كلياّ أو جزئياّ، ودخل الاقتصاد العالمي في حالة ركود لم تمر عليه من قبل، ولأول مرة يحدث توحد كامل بين الحكومات وشعوبها، فكل قرارات تلك الحكومات قبلها كافة الشعوب رغم قسوتها، بل إن الشعوب طالبت بالمزيد، فالكل يستشعر مدى الخطر الذى يهدد البشرية جمعاء، وكان على المواطنين في كافة الدول البقاء في بيوتهم وعدم الخروج منها إلا للضرورة القصوى، والتزمت الأغلبية الساحقة بتلك التعليمات، إلا أن هناك من شذ عليها، الذين رأوا في تعليمات الحكومات عصياناّ للأوامر الإلهية (قل لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا)، وتغافلوا عن (ولا تلقوا بـأيديكم إلى التهلكة)، وانطلق هذا الفهم إما عن جهل وغباء، وإما وهذا هو الأهم عن تعمد لأنه هناك فئة رأت في تلك التعليمات والأوامر والنواهي ما يهدد مكانتها ورزقها ونفوذها، فبالمخالفة لكل التعليمات التي تقضى لمنع أي تجمع حتى لا ينتشر الوباء، فوجئنا في مدينة الإسكندرية (كان يطلق عليها عروس البحر الأبيض المتوسط وأصبحت بؤرة للسلفيين المتشددين) مظاهرة ليلية ضخمة لرفع بلاء وباء كورونا، ومطالبة بفتح المساجد للصلاة، غير آبهين بخطورة تلك التجمعات سواء كانت بالتظاهر أو بالصلاة في المسجد، بل أن أحد كبار دعاة السلفية حرض الناس على الصلاة في الشوارع متحدياّ بذلك قرار إغلاق المساجد، وما جرى في الإسكندرية جرى أشد منه وأمرّ في الوسط الشيعي في العراق وإيران، فأفتى أحد رجال الدين (إن المرض لن يتفشى لو تجمع الناس بشكل كبير في المراقد الدينية لأنها ستكون حامية لهم)، وفتوى من آخر (إن فيروس كورونا لا يصيب المؤمنين الذين يحرصون صلاة الجماعة وزيارة المراقد الدينية في النجف وكربلاء وقم)، وتنفيذاّ لذلك، اقتحمت حشود غاضبة باحات مراقد الأئمة في النجف وكربلاء، ومرقد الرضا في مشهد، ومزار فاطمة معصومة، في قم، وقاموا بالتبرك بالمزارين وتقبيله، وتكرر الأمر في دول إسلامية أخرى ومنها باكستان حيث اعترض المتشددون على إغلاق المساجد واقتحموها عنوة وأقاموا الصلوات فيها، وفي الوسط المسيحي المصري لوحظ أنه لم يحدث التزام بتعليمات الدولة، ففي بعض الكنائس جرت عظات رعوية حضر في كل منها المئات وبشكل يتناقض مع تعليمات الوقاية من الوباء، وأكد أحد كبار أساقفة الكنيسة القبطية في عظة جماهيرية له حضرها (أن الحديث عن فيروس كورونا أخد حيزاً من الإعلام أكثر من حجمه، خصوصاً ما أثير مؤخراً من التخوفات بشأن تفشي الفيروس بسبب سر التناول في الكنائس، إننا نؤمن بـأن سر التناول هو سر الحياة)، ويتم ذلك بالتناول من فم إلى فم بيد الكاهن، فى تناقض تام على كل تعليمات درء خطر الوباء، لقد استقبل المواطنون على مختلف عقائدهم هذه الممارسات بالسخرية والاستهزاء، وأيقنوا أن مثل هؤلاء ينتمون إلى زمان غير زماننا، ولأن الشعب المصري يلخص رأيه في نكتة، لذلك قالت نكتته (يبدو أن مصر ستقابل إيطاليا في نهائي كورونا)، والخلاصة إن كان للكورونا من فضل، فهو ما يتمثل في كشف حقيقة هؤلاء .