شمعة موهبتها لم تنطفئ في التهجير

مقاومتها ضد المحتل التركي بعد التهجير القسري كانت من خلال الاستمرار بموهبتها بالعزف على البيانو حتى أسست فرقة موسيقية، وبذلك لم تنطفئ شمعة موهبتها بعد التهجير.

سعى المحتل التركي ومرتزقته للقضاء على وجود وهوية شعوب شمال وشرق سوريا وبسط سيطرته على أراضي ليست بأراضيه، وقد استخدم في سبيل تحقيق أطماعه كافة الوسائل اللاأخلاقية واللاإنسانية من قتل ونهب وترهيب وخطف واغتصاب إلى أن مقاومة أهالي المنطقة كانت صامدة في وجه المحتل ووحشيته.

سري كانيه كانت إحدى المناطق التي استهدفها المحتل التركي وهجر أهلها وسلب ممتلكاتهم ولكن أهلها المقاومون بقوا صامدين أمام غطرسة المحتل وظروف التهجير لم تحد من نضالهم ومقاومتهم وكل مهجر صار يقاوم بطريقته الخاصة والمهجرة سناء عباس من سري كانيه إحدى النساء التي برهنت بأنهم سيقفون ضد كل الظروف ورغم التهجير سيستمرون بممارسة هوايتهم.

مقاومتها كانت بأسلوب آخر بالاستمرار بالعزف على آلتها الموسيقية وليس هذا فحسب بل وأسست فرقة موسيقية أيضاً.

سناء عباس، من قرية أم عظام في ريف سري كانيه خريجة معهد الموسيقا، بدأت مشوارها الموسيقي بإعطاء دروس الموسيقا للأطفال في المركز الثقافي في مدينة سري كانيه, لتصبح لاحقاً عضوة في اتحاد فناني المدينة.

آلة البيانو كانت الأقرب لشخصيتها واستطاعت العزف على آلة البغلما أيضاً، فالموسيقا ولّدت دفعاً كبيراً لديها لبذل العطاء فتوجهت لتعليم الأطفال الموسيقا.

وبعد التهجير لم تستلم وتابعت ممارسة الموهبة وتعليم الأطفال، وتمكنت من إنشاء فرقة فيروز الغنائية للأطفال بالتعاون مع بعض الفنانين الموجودين في المركز الثقافي بمدينة الرقة.

الفرقة التي سُميت بـ “فيروز” تُعنى بشؤون تدريب الأطفال على أداء أغاني المطربة فيروز الوطنية والهادفة, وتم تقديم عدد من الأغاني للتذكير بالمجازر التي وقعت ضد الأطفال في عفرين وتل رفعت والمناطق المحتلة الأخرى.

سناء ومن خلال عملها تمكنت من نيل ثقة الإداريين في المركز الثقافي بالمدينة، وأصبحت الرئيسة المشتركة له، بعد أن أدرك الجميع عمق التضحية لديها في سبيل نشر الفن بين الأطفال والكبار على حدّ سواء.

واستفقدت سناء عباس مدينتها فقالت لوكالة هاوار: “مدينتي رأس العين كانت كباقة ورد ملونة، حتى أتى المحتل التركي ومعه شرذمة يدّعون أنهم سوريون، ودمروا المدينة وهجّروا سكانها، واستباحوا كل شيء لإرضاء سلطانهم القابع في أنقرة”.