سياسية - اجتماعية - ثقافية - عامة، تأسست عام 2011

فنانون: صوت محمد شيخو لا يزال خالداً يُلامس الألم الكردي

تقرير/ هيلين علي- هايستان أحمد  – 

روناهي ـ أحيا فنانون بمختلف مناطق روج آفا, الذكرى الحادية والثلاثين لرحيل الفنان الكردي الكبير “محمد شيخو”, وأكدوا على دوره في ارتقاء الفن والفلكلور الكردي الأَصيل ونضاله في سبيل قضيته, وقالوا: “صوت محمد شيخو لا يزال خالداً يلامس الألم الكردي و ستذكره الأجيال طويلاً”.
“إذا ما متُّ أيها الأحياء يوماً، لا تدفنوني كما موتاكم، احفروا قبري في ظلال الجبال ولتكن شاهدتا قبري جديلتان كلّما يحين آذار فلتوقظوني، لأعتصر لكم الألم بصوتي”, وفاءً لوصيته الذي غناها وتقديراً للنضال الذي قدمه لشعبه خلال مسيرته الفنية, يستذكر أهالي روج آفا وفنانوها كل عام سفير الأغنية الكردية محمد شيخو في ذكرى رحيله الذي يصادف التاسع من آذار, وذلك من خلال أغانيه التي تمثل التراث والفلكلور والقومية الكردية “.
أغانيه وموسيقاه وصوته المنفرد المتميز وطابع فنه الرصين وتمسكه بهويته الكردية، جلَّ هذه الصفات جعلت من الفنان الكبير محمد شيخو عندليب الكرد وملجأهم للتفريغ عن النفس، فنبرة الحزن تلك لم تفارق صوته يوماً، لطموحه بدولة للكرد سالمة أبيّة، ولا بد أنه لكل مجتهدٍ يومٌ يلمع فيه نجمه ويصبح قدوة للمجتمع أما الفنان الراحل محمد شيخو لمع في كل أيامه فالشخص الذي يبعث بنفسه وسط الجحيم من أجل قضية شعبه شخصٌ مناضل وغيور على وطنه، فقد شبع هذا الفنان العظيم المرار والقسوة كل حياته إلى أن وافته المنية مريضاً، فقد تعذب على أيدي الأنظمة الفاشية التي تهدف إلى كسر شوكة الكرد وتفرقتهم بالقوة والقسر والظلم، ولكنه لم يأبه لكل تلك المخاوف، وقدم أغاني ثورية قيل عنها “كل أغنية بمثابة جريدة سياسية ثورية”، وبالإضافة إلى السجن والملاحقة الدائمة والضرب والتعذيب بأبشع أنواعه لم تكتفِ الأنظمة البعثية وبدأت تتسبب له ولعائلته خطراً كبيراً، ما دفعه إلى الهجرة إلى باشور وكان فناناً إلى جانب حمله للسلاح في صفوف البيشمركة، وغنى الكثير من الأغاني عن كردستان ومعاناة الشعب الكردي في أجزاء كردستان الأربعة، ولم يطل الأمر كثيراً إلى أن اضطر إلى السفر مجدداً إلى إيران وهناك غنى أغنيته “كي دنيا هجاند”، أشار فيها إلى عظمة القائد الراحل ملا مصطفى برزاني، وكيفية نضاله هناك، هذا ما سلط غضب الإيرانيين الذين يكرهون حتى لفظ كلمة كرد، وقاموا بسجنه وعن هذا الأمر وفي احتفال استذكاره لهذا العام الذي أقيم في المركز الثقافي الذي يحمل اسمه في مدينة قامشلو وعدة مدنٍ أخرى قال أخاه الأكبر عبد الحميد شيخو: “لا أحد يعلم ما مر به أخي في سجون إيران فهو كان جباراً يتحمل ولا يتكلم عن أوجاعه أبداً، ولكنني عندما ذهبت لزيارته في سجن إيران لم يستطع أن يخبأ أكثر وفتح قلبه لي، وحدثني عن تلك الجرائم التي ارتكبها الإيرانيون بحقه”.
محمد شيخو…الصوت الذي طالما دعا للوحدة الكردية
وتابع عبد الحميد شيخو حديثه الي خالطه الوجع  والدموع قائلاً: “لقد حاول النظام الإيراني قتل محمد شيخو ثلاث مراتٍ ألا أن القدر كان يريد له حياة أطول، لقد مر أخي بالكثير من المعاناة والظلم والقهر من أجل قضية الكرد فأتمنى أن يلتزم الكرد بقضيتهم وأن يتحدوا وأن يسيروا على نهجه”. طبعاً فالكرد اليوم يقتدون به ويسعون إلى تحقيق الحرية والوحدة بين أجزاء كردستان التي جزأتها الدول بموجب معاهداتٍ ووثائق لعينة أرادت بها الضغط على الكرد وإضعافهم، ولكن الشعب الكردي لم يستسلم لتلك المؤامرات وكانوا جسداً ينبض بقلبٍ واحد وحققوا الكثير من الانتصارات، وأضحى الفنان محمد شيخو مدرسة للفن الكردي الجميل الراقي، ورسم بكلمات أغانيه الثورية طريق المستقبل للفنانين القادمين.
 محمد شيخو رسم لوحة الأغنية الكردية في زمن الحرمان والسلطة
 وكان لصحفيتنا لقاءً مع فنانين من ديريك أشاروا من جهتهم إلى دوره العظيم وجهده في سبيل ارتقاء الأغنية الكردية وأكدوا على الاحتذاء بدرب الفنانين الكرد من أمثال محمد شيخو وتخليد أغانيهم ومواصلة ما بدأه الفنانين الكرد لإيصال الثقافة الكردية إلى كافة أرجاء المعمورة والحفاظ عليها.
“يعد الفنان الكردي محمد شيخو أحد أعمدة الفن الكردي الذي رسم لوحة الأغنية الكردية في زمن الحرمان والكبت والسلطة وكانت أغانيه القومية سبباً للاعتقال والنفي سنين طوال, حيث كان يؤلف موسيقاه في أكواخ طينية بعيداً عن أسماع السلطة وبآلة البزق الوحيدة وبتلك الامكانيات البسيطة لامس محمد شيخو الألم الكردي وغناه وعليه أسس مدرسة غنائية مما أثّر بشكل كبير في الفن الكردي بشمال سوريا, بهذه الكلمات وصف عضو فرقة جودي في ديرك الفنان “عماد إبراهيم” دور وتأثير الفنان محمد شيخو في الفن الكردي.
وأضاف: “اليوم نستذكر ذكرى رحيل الفنان الكبير ورمز الأغنية الكردية محمد شيخو، تقديراً لنضاله وكدحه لقضية شعبه, وما لاقاه من معاناة جرّاء ذلك، وما زال الشعب الكردي وفياً لمحمد شيخو وميراثه الفني بطابعه الوطني والوجداني, ولا يزال صوته خالداً يلامس الألم الكردي وستذكره الأجيال طويلاً”.
ساهم في الارتقاء بالموسيقى والأغنية الكردية إلى مصافِ العالمية
وفي السياق ذاته؛ حدثنا الإداري في مركز دجلة للثقافة والفن بمدينة ديرك “علي يوسف”, قائلاً: “نحن كفنانين مدينين لكافة الفنانين أمثال محمد شيخو الذين نقلوا الأغنية الكردية إلى آفاق فنية واسعة, رغم المنع القديم, فبالعـودة إلى تاريخ ومسيرة الفنان الكبير محمد شيخو سنرى أنه من أبرز الفنانين الذين قدموا التضحيات من أجل قضية شعبه، وحمل مآسي وآلام شعبه على ظهره وغنى أجمل الأغاني التي مازالت تذكر إلى يومنا هذا”.
وأضاف: “اشتهر الفنان محمد شيخو بين كافة فئات المجتمع الكردي، وعمل من أجل الارتقاء بالموسيقى والأغنية الكردية إلى مصافِ العالمية، وبالرغم من كل ذلك لم تستطع الدول المعادية للقضية الكردية مــن إنهاء فنه وتهميشه وظل على هذا النهج الذي سلكه حتى آخر أيام حياته.
واختتم الإداري في مركز دجلة للثقافة والفن بمدينة ديرك علي يوسف حديثه, قائلاً: “الفن الكردي بشكل عام يمتاز بجذوره العميقة كما أنه متنوع الألوان والمصادر بسبب غنى التراث والتاريخ الكردي, مشيراً أن للفن ثورة وخصائص يجب أن يعتز بها فنانو العصر وأن يسعوا لإيصالها إلى كافة أرجاء المعمورة, كما يحافظوا عليها من الضياع والاندثار لأنها تمثل التاريخ الكردي والملاحم الأسطورية”.