أغانيه وموسيقاه وصوته المنفرد المتميز وطابع فنه الرصين وتمسكه بهويته الكردية، جلَّ هذه الصفات جعلت من الفنان الكبير محمد شيخو عندليب الكرد وملجأهم للتفريغ عن النفس، فنبرة الحزن تلك لم تفارق صوته يوماً، لطموحه بدولة للكرد سالمة أبيّة، ولا بد أنه لكل مجتهدٍ يومٌ يلمع فيه نجمه ويصبح قدوة للمجتمع أما الفنان الراحل محمد شيخو لمع في كل أيامه فالشخص الذي يبعث بنفسه وسط الجحيم من أجل قضية شعبه شخصٌ مناضل وغيور على وطنه، فقد شبع هذا الفنان العظيم المرار والقسوة كل حياته إلى أن وافته المنية مريضاً، فقد تعذب على أيدي الأنظمة الفاشية التي تهدف إلى كسر شوكة الكرد وتفرقتهم بالقوة والقسر والظلم، ولكنه لم يأبه لكل تلك المخاوف، وقدم أغاني ثورية قيل عنها “كل أغنية بمثابة جريدة سياسية ثورية”، وبالإضافة إلى السجن والملاحقة الدائمة والضرب والتعذيب بأبشع أنواعه لم تكتفِ الأنظمة البعثية وبدأت تتسبب له ولعائلته خطراً كبيراً، ما دفعه إلى الهجرة إلى باشور وكان فناناً إلى جانب حمله للسلاح في صفوف البيشمركة، وغنى الكثير من الأغاني عن كردستان ومعاناة الشعب الكردي في أجزاء كردستان الأربعة، ولم يطل الأمر كثيراً إلى أن اضطر إلى السفر مجدداً إلى إيران وهناك غنى أغنيته “كي دنيا هجاند”، أشار فيها إلى عظمة القائد الراحل ملا مصطفى برزاني، وكيفية نضاله هناك، هذا ما سلط غضب الإيرانيين الذين يكرهون حتى لفظ كلمة كرد، وقاموا بسجنه وعن هذا الأمر وفي احتفال استذكاره لهذا العام الذي أقيم في المركز الثقافي الذي يحمل اسمه في مدينة قامشلو وعدة مدنٍ أخرى قال أخاه الأكبر عبد الحميد شيخو: “لا أحد يعلم ما مر به أخي في سجون إيران فهو كان جباراً يتحمل ولا يتكلم عن أوجاعه أبداً، ولكنني عندما ذهبت لزيارته في سجن إيران لم يستطع أن يخبأ أكثر وفتح قلبه لي، وحدثني عن تلك الجرائم التي ارتكبها الإيرانيون بحقه”.
وأضاف: “اليوم نستذكر ذكرى رحيل الفنان الكبير ورمز الأغنية الكردية محمد شيخو، تقديراً لنضاله وكدحه لقضية شعبه, وما لاقاه من معاناة جرّاء ذلك، وما زال الشعب الكردي وفياً لمحمد شيخو وميراثه الفني بطابعه الوطني والوجداني, ولا يزال صوته خالداً يلامس الألم الكردي وستذكره الأجيال طويلاً”.
وأضاف: “اشتهر الفنان محمد شيخو بين كافة فئات المجتمع الكردي، وعمل من أجل الارتقاء بالموسيقى والأغنية الكردية إلى مصافِ العالمية، وبالرغم من كل ذلك لم تستطع الدول المعادية للقضية الكردية مــن إنهاء فنه وتهميشه وظل على هذا النهج الذي سلكه حتى آخر أيام حياته.
السابق بوست