No Result
View All Result
المشاهدات 14
إعداد/ غاندي إسكندر-
الحكواتي، أو الراوي، أو القصّاص، أو القاص، عادة شعبية تقليدية، وهو شخص امتهن سرد القصص في المنازل، والمحال، والمقاهي، والطرقات، كان يحتشد حوله الناس قديماً، وكان لا يكتفي بسرد أحداث القصة بتفاعل دائم مع جمهوره، بل يدفعه الحماس لأن يجسّد دور الشخصية التي يحكي عنها بالحركة، والصوت أحايين أخرى.
قصص تُغذي النفوس وتشحذ الهمم
ما يميز الحكواتي تلك النفحة من القيم، والفضائل التي كانت تتسم بها شخصيات روايته، وكانت تغذي نفوس المتلقين، وعقولهم، ولاسيما الشباب منهم، والحكواتي شخصية واحدة جسدها كثيرون على مر عقود من الزمن، وهي مهنة عرفتها بلاد الشام منذ مطلع القرن التاسع، وحظيت بشعبية كبيرة جعلتها جزءاً من التراث الشعبي في هذه البلاد، واشتهرت مدينة دمشق شهرة كبيرة بالحكواتي، فلا يوجد مقهى من مقاهي مدينة دمشق التراثية إلا وفيه حكواتي، وهو الشخص الذي يتخذ مكانه على سدة عالية في صدر المقهى، والاستماع للحكواتي عادة قديمة، فيجتمع في المقهى عدد من الناس يختلف أعمارهم بحسب نوع القصة، وشهرتها وجودة القصاص، ومن قصص الحكواتي “عنترة والزير سالم وأبي زيد الهلالي والظاهر بيبرس ” وهي روايات حماسية تمثل الشجاعة، والكرم، والحمية، والوفاء، والصدق، والمروءة، والجرأة، وحفظ الذمم ورعاية الجار إلى آخر ما هنالك من المكارم التي ينسبونها إلى أبطال الرواية، ويجعلون النصر لهم والدائرة على مناوئيهم، حيث يصفونهم بالجبن، والكذب، والبخل، والرياء، والغدر، والخيانة، والنكث بالعهد، إلى آخر ما هنالك من المفاسد.
حكايات تعتمد أسلوب التشويق
يقدّم الحكواتي الروايات على أقسام، كل يوم قسم، ويتوقف الحكواتي عادة في موقف حرج من الرواية مما يربط المستمع ويشده في اليوم التالي لمتابعة ما حدث للبطل، وحدث أن الحكواتي توقف مرة أثناء قراءة قصة عنترة عند أسره وزجه في السجن بعد تكبيله بالحديد، والأغلال، وصعب على أحد الحاضرين الذين يهيمون بعنترة أن يتركه سجيناً، ولما ذهب إلى منزله لم يستطع النوم، فرجع إلى منزل الحكواتي، وأيقظه مهدداً إياه بالقتل إذا لم يخرج عنترة من السجن ويفك قيوده في الحال، فاضطر الحكواتي لمتابعة القصة حتى أطلق سراح أمير الفوارس، ومن أطرف ما يُروى أنه عندما كان يصل الحكواتي إلى زواج عنترة، يقوم عشاقه بتزيين الحي وإقامة الأفراح وقرع الطبول، ويعود ظهور الحكواتي إلى عهد الخليفة الراشدي عمر بن الخطاب حيث كان الناس يعتمدون أسلوب التواتر الشعبي في تداول الأحداث التاريخية، وسرد السيرة النبوية، وسمي الحكواتي بعدة أسماء، ففي مصر سمي بالراوي وفي العراق القص خون في حين أطلق عليه أهل المغرب اسم المحدث أما في بلاد الشام فسمي الحكواتي، ومن صفات الحكواتي أنه يخرج بكلمات جديدة أحياناً لا علاقة لها بالنص ليداعب الناس بها ويحاول إفهامهم ويتحاور معهم.
No Result
View All Result