No Result
View All Result
المشاهدات 39
إعداد/ آزاد كردي-
روناهي/ منبج ـ احتفى الشاعر محمد الفيتوري بنضال القائد عبد الله أوجلان، وكتب عنه كمبدع يستحق الثناء والمدح بما فعله من أجل شعبه، فامتزجت شاعرية الفيتوري بفكر أوجلان.
قبل أن يحاول المرء أن يصبح ناجحاً، عليه أن يحاول أن يكون إنساناً له قيمة، وبعدها يأتي النجاح تلقائياً؛ باعتبار أن الإبداع لا يمكن إيقافه ببعض الكمات العابرة التي لابد أن تُنفذ مهما كان الأمر بعد ذلك، فقط هم هؤلاء المبدعون والملهمون يبقى الخلود لهم، لأنهم اختاروا قدرهم أن يكونوا كذلك.
احتفى كثير من الشعراء بكثير من المبدعين الذين قدّموا للإنسانية دون مقابل سوى أنهم دفعوا ضريبة هذه الإنسانية حياتهم، ولا يزالون يدفعونها كل يوم من حشاشة نهجهم وأرواحهم، وهذا الحال ينطبق بالفعل مع القائد “عبد الله أوجلان”، الذي دفع روحه لقاء الفِكر الحر زنزانة انفرادية وغياهب منفى مرير، حتى استحق الثناء والمدح من قبل العديد من الشعراء الذين بجّلوا هذا الثائر المتمرد على عصره، الباحث عن الحقيقة المطلقة الغائبة. ومن هؤلاء الشعراء الذين خاضوا في مدحه، الشاعر “محمد الفيتوري“، الذي يعرف أن المبدعين والإبداع لا يمكن أن يخفى على أحد، فمدح القائد “عبد الله أوجلان” بقصيدة جميلة، تحمل في ثناياها الكثير من الألفاظ الممشقة الهادئة، مثل قوله “الرؤى، المنحى، الانتماء، الشهداء” التي تهيم مع شخصية هذا المفكر الهائم على نفسه؛ كقوله “ورفوفُ طيورٍ مهاجرةٍ، ، ونهرٌ عظيمٌ من الشَّهقات الحزينة “كما أنها تتسم بالسهولة والرقة؛ كقوله “تنتفضُ الرُّوحُ، يلبسُ أمواجَهُ فجأةً” وملائمة للمعنى؛ كقوله “ويَدُقّونَ أصفادَهم ومساميرَهم في يَدَيْكْ، وجيشٌ من السَّامريين والقرمطيين والعملاء المرابين، يرنو إليكْ”. الشاعر محمد الفيتوري يستخدم القصيدة الحديثة استخداماً حداثوياً منذ عام 1999م على الرغم أن القصيدة الحديثة نجدها هذه الأيام، إلا أنها ما تزال تراوح هذا البناء البنيوي الشكلاني وهذا يحسب له ولإبداعه الفائق، والآن، مع قصيدة “أوجلان” للشاعر محمد الفيتوري، حيث تلتقي فرادة الموضوع وعمقه الفلسفي والفكري مع شاعر مخضرم كبير له وزنه الشعري وتجربته الفريدة:
أبداً لم يكنْ شامخاً، وعظيم الرّؤى
مثلما هو في عرسِهِ الآن
أزهارُ ثلجٍ على قمةِ المنحنى
وقناديلُ مِن ذهبٍ تتوهَّجُ في ظلِّه
ورفوفُ طيورٍ مهاجرةٍ
تتداخلُ عبرَ ثقوبِ السماواتِ
أو تتعانقُ في مقلتيه
ونهرٌ عظيمٌ من الشَّهقات الحزينة
يلبسُ أمواجَهُ فجأةً
ويحطُّ على كَتِفَيْهِ المعذبتين
تحطُّ خيولُ المغولِ قديماً
على كَتِفَي أوجلان
الوحيدُ هنا وهنالك…
في حيث تنتفضُ الرُّوحُ زاعقةً
فوقَ أضرحةِ الشهداءْ
والحزين الذي قتلَ الضعفَ والذلَّ
تنتفضُ الرُّوحُ
الغريبُ المقدَّس في صلواتِ تمرُّده
المتفرّد في حالتيه
شموخ الإرادة والانتماء
* * *
أوجلان
أيها الحارس الجبلي
الذي انتزع الشمس من كهفها
ذات ليل
وراح يدحرجها خلفه
كرة ضخمة من دخان
هو ذا مجد مثلك
في صنع مثلك
في مثل هذا الزمان
هو ذا قدر الحق
ما بقيتْ رايةُ العدلِ ساقطةً…
والجريمةُ صاحبةُ الصولجانْ…
هي ذي لعنةُ العصرْ
ما بقيَ الحاكمُ المتألّهُ
في عمرِهِ السرمديِّ
تشيخُ الملايينُ تحتَ عباءته
وهوَ مبتسمٌ خالدُ العنفوانْ
* * *
أوجلانْ…
وهموا ينفخونَ مزاميرَهُمْ فرحاً
ويَدُقّونَ أصفادَهم ومساميرَهم في يَدَيْكْ
وجيشٌ من السَّامريين
والقرمطيين
والعملاء المرابين
يرنو إليكْ…
سلامٌ عليكْ
سلامْ الشعوبِ عليكْ
سلامُ الخلودِ عليكْ
سلامُ الإلهِ عليكْ
الجدير ذكره، أن الشاعر “محمد مفتاح الفيتوري” من أشهر الشعراء في السودان البارزين، يعتبر من رواد الشعر الحر الحديث، ويلقب بشاعر إفريقيا والعروبة. وتم تدريس بعض أعماله ضمن مناهج آداب اللغة العربية في مصر في ستينيات وسبعينيات القرن الماضي، كما تغنى ببعض قصائده مغنّون كبار في السودان. وولد في 24 تشرين الثاني عام 1936م في مدينة الجنينة بولاية غرب دارفور الحالية بالسودان، ووالده هو الشيخ مفتاح رجب الفيتوري، وقد حصل على عدة جوائز، منها؛ «وسام الفاتح» الليبي، و«الوسام الذهبي للعلوم والفنون والآداب» بالسودان. توفي الشاعر” محمد الفيتوري” في 24 نيسان 2015م، في المغرب التي كان يعيش فيها مع زوجته المغربية عن عمر ناهز 85 عاماً بعد صراع طويل ومرير مع المرض، تاركاً العشرات من الدواوين الشعرية.
No Result
View All Result