تل شرمولا/ كلشيناز

رستم عبدو

باتت التّلة الأثريّة الواقعة في الجّهة الجّنوبيّة من عامودا تُشكّل رمزاً لسكان عامودا, الذين يقدَّر عددهم  بـنحو خمسون ألف نسمة, هذه المدينة التي تتبعها حوالي 150 قرية, وينتشر فيها نحو 80 موقعاً أثريّاً يعود تاريخ أقدمها إلى الألف السّابع قبل الميلاد (تل جاغر بازار) إلى جانب مواقع ازدهرت خلال الألف الثّالث قبل الميلاد (تل موزان) وأخرى خلال الألف الثّاني (تل حمدون).

بالنّسبة لعامودا أو تل شرمولا يعتقد الباحثين أنّ تاريخ الاستيطان فيها يعود إلى مُنتصف الألف الثَّاني ق.م, وكانت مزدهرة خلال فترة أواخر عصر البرونز الحديث وبدايات عصر الحديد, تحديد في عام 1250 ق.م عندما أصبحت تابعة للدّولة الآشورية في عهد ملكها شلمنصر الأول وذلك بعد سقوط الدّولة الحوريّة- الميتانية, وكانت المدينة تُعرف آنذاك باسم كلشيناز، كما تقول إليزابيث واكنر .وجين ماري إينارد.

في عام 1983م، زارا الباحث الأثري جورجيو بوتشيلاتي  تل شرمولا وكان يعتقد شأنه شأن الكثيرين من الباحثين أنّ الموقع هو مصدر الأسدين المُتواجدين في متاحف لوفر والميتروبوليتان قبل أن يكتشف أن تل شرمولا لا يحوي سويات عائدة للألف الثّالث ق.م وهي فترة الأسدين.

تبلغ مساحة تل شرمولا مع المدينة المُنخفضة بنحو 12 هكتار وجرت فيها عمليات مسح أثرية في عام 1984م، من قبل ليونيت، ثم بعد ذلك تنقيبات قصيرة من قبل الفرنسيين خلال عام 1986م، بإدارة دوراند.

ظهرت في تل شرمولا بعض الكِتابات المِسماريّة (ثلاثة ألواح) تتحدّث عن الأمور الإداريّة, ورد فيها أسماء حوريّة وأكادية, وكذلك تتحدّث عن زيارة العائلة المالكة في آشور لهذه المدينة وتناول وجبة غداء هُناك قبل توجهها لمكان آخر.

باتت كلشيناز خلال القرن الثّالث عشر ق.م أي بعد سقوطها لربما إحدى المقاطعات الهامة التابعة للدولة الآشورية وذلك في أعالي الخابور وهو ما تذكره إحدى النّصوص المُكتشفة في تل طابان (جنوب الحسكة)، وكذلك الأرشيف الآشوري الذي عثر عليها في أحد المعابد في آشور (الموصل), ولعبت حينها دوراً هاماً في الّربط بين مناطق النّفوذ الآشوري الشّرقية والغربيّة إضافة إلى دورها في الرّبط بين مناطق نفوذ آشور  من جهة ومناطق الأناضول الخاضعة حينها للنّفوذ الحثي والحوري من جهة أخرى وذلك بسبب قربها من ممر ماردين.

لأنّ الموقع لم ينقب فيها بعد بالشكل المطلوب ولأن جزء كبير من التّلة الأثريّة قد تم تجريفها منذ زمن بعيد من قبل الأهالي وترحيل الأتربة منها, لا نملك معلومات مفصلة عن كامل سوياتها الأثرية ومراحل الاستيطان فيها, إلا أنّ كل المؤشرات تؤكد على استمرارية الاستيطان في الموقع وإنْ حدثت فيها بعض الانقطاعات.

في كتاب محمد الآلوسي  ” نشوة المدام في العودة إلى دار الإسلام” يُذكر أنّ الموقع كان مأهولاً خِلال القرن الثّالث عشر ميلادي.

المعلومات المؤكّدة تُرشِّح تاريخها الحديث إلى مُنتصف القرن الثّامن عشر الميلادي لذلك يُقال إنّها من أقدم قرى ونواحي الجّزيرة.

بعد اتفاقية سايكس بيكو وترسيم الحدود بين الدّول أصبحت جزء من عامود (تل الكمالية) في الجّانب الآخر وأصبحت سكة القطار بغداد – برلين هو الحد الفاصل بين شمال كُردستان وجنوب كُردستان.