المرأة في عينِ الإعلام

هيفا حيدر حسن

للإعلام دور كبير في الحياة، وله القدرة على تسليط الضوء على الكثير من القضايا الحياتية والاجتماعية والإنسانية، وتنبيه الأذهان، والرأي العام إليها؛ من أجل القيام بالواجب المطلوب تجاه تلك القضايا، واتخاذ القرار، وإيجاد الحل المناسب للحد منها.

ولقد نجح الإعلام إلى حدٍّ كبير في القيام بدور إيجابي في تلك المجالات، وفي مجتمعنا الذي يعتبر جزءاً من المجتمع العالمي، هناك مسارب ومحطات إعلامية، ووسائل وتقنيات إعلامية جديدة ظهرت في منطقتنا (روج آفا)، سواء أكانت مسموعة أم مقروءة أم مرئية، إضافة إلى وسائل التواصل الاجتماعي، وتناولت العديد من القضايا، ولعبت دوراً كبيراً في حلها، ومعالجتها؛ فخصصت برامج لمواضيع معيّنة، خاصة، وسلطت الضوء عليها، وإن لم يتم ذلك بالشكل المطلوب حتى الآن، لأنها تحتاج إلى تخصص عميق، خاصة في قضايا ومواضيع مهمة كقضية المرأة، فالمرأة تشكل الطرف الفاعل، والقوي في المجتمع؛ لما لها من دور كبير فيه، وجميعنا يشاهد أن وسائل الإعلام لم تنسَ أن تظهر المرأة بصور متنوعة، لكن هل كانت تلك الصور تبرز مكانتها، ودورها الأساسي في المجتمع؟

غالباً ما نرى حضور المرأة في وسائل الإعلام بشكل لا يناسب قيمتها وقدرها، ولا يليق بحقيقة جوهرها في بعض الأحيان، بل ينتقص من شأنها، فتظهرها لمجرد الدعاية من خلال التركيز على مظهرها الخارجي كجسد فقط (صورتها الجميلة)، مستغلة إمكاناتها الشكلية، لأجل لفت انتباه الآخر، بعيداً عن الاهتمام بقضاياها، وحقوقها، أو فسح المجال أمامها، لتتمكن من إيصال صوتها عبر وسائل الإعلام إلى العالم، على العكس تماماً، وهذا ما يبين غاية ونظرة الإعلام للمرأة، حيث يهتم اهتماماً سطحياً بها، فيراها لوحة جميلة، من خلال التركيز على حُسن مظهرها، دون الالتفات فعلياً لفكرها، أو عقلها، فعلى الرغم من أن المرأة في بعض البلدان قد حصلت على حقها في التعليم والتربية، وقامت بأدوار متميزة في المجتمع، وكذلك استطاعت أن تلعب دوراً مهما في السياسة، إلا أن الإعلام المحلي لم يقم بإبراز إنجازاتها بالشكل المطلوب، خلاف ذلك بالضبط، فبعض البرامج والمسلسلات الدرامية والأفلام قد ساهمت، وأكدت على ترسيخها في الأذهان إلى أدوارها التقليدية كـ (زوجة، ربة البيت)، في ظل القيود الأسرية المفروضة عليها، واستسلامها لواقعها المرير.

نحن بحاجة ملحة إذاً لتشجيع المرأة على المساهمة في تطوير المجتمع، وممارسة كافة حقوقها، بعيداً عن كل مظاهر التمييز المادي والمعنوي بين الجنسين، وبما أن لوسائل الإعلام دوراً كبيراً في التأثير والتوعية والتوجيه، يقترح كخطوة أولى في طريق البحث عن الحل، أن تكون هناك برامج إعلامية مخصصة، هادفة، وتشجيعية للمرأة، ولكل شيء يتعلق بها، وبإمكاناتها، للرد على المفاهيم الخاطئة؛ فيما يتعلق بالمواقف والمعتقدات، وحول جميع قضايا المرأة، ومناقشتها، والبحث عن الحلول الجذرية لها، والتأكيد على ضرورة تحريرها، ومنحها كافة حقوقها المسلوبة، لما لها من دور مهم وفعّال، ولقدرتها على المساهمة في تطوير جوانب عديدة في الكثير من المجالات في الحياة، وتساهم بالإضافة إلى ذلك على تحقيق التقدم في عملية التنمية البشرية، والتخلص من كل ما يؤدي إلى التقليل من شأنها ودورها.