التدريب والتعليم أساس بناء المجتمع

نصر الدين عثمان –

في ظلّ الظروف القاسية التي يعاني منها الشعب السوريّ على مدار السبع السنوات المنصرمة من الأزمة؛ والحربِ الدائرةِ التي شملت كلّ الجغرافيا الوطنيّة، حيث لم يلتزم أيٌّ من الأطراف بالضمير والوجدان ولا بالقوانين الدوليّة، ، ورغم كلِّ المعوقات والآهات والآلام وتوترِ الأجواءِ والحروبِ الخاصّةِ التي تمارسُها الدولُ والأطرافُ الإقليميّة على عموم المجتمع في سورية والشمال السوري بخاصة، لم يكن أمام أبناءِ شعبنا المزيدُ من الخيارات، فإما الصمودُ والمقاومة والتشبث بالأرض، أو الهجرة وإدارة الظهر للوطن.
جسّدت حالة المقاومة في شمال سورية إرادة مجتمعيّة جماهيريّة يُحتذى بها باقي المناطق السوريّة، إذ فرض شعبنا إرادته وقوته المجتمعيّة وأكّد على تلاحمه وتماسكه بكلِّ المكوّنات الاجتماعيّة على اختلاف الانتماءات القوميّة والعرقيّة والإثنيّة والمذهبيّة وتنوّع الطوائف فالعيش المشترك والمحبّة المتبادلة والتعاون والتفاهم والتشاركيّة في جميع القضايا المجتمعيّة، وتوافق حول فكرة المصير المشترك والتحاور والتعاون أسسٌ راسخة يمكن البناء عليها، لاتخاذ القرار والإدارة في كلِّ الأمور الاجتماعيّة والسياسيّة والصحيّة والاقتصاديّة والخدميّة… إلخ.
بمرور أكثر من سبع سنوات على هذه الأزمة الظالمة والخانقة بحقّ شعوبنا، بسبب تنافس الحكومات والدول الإقليميّة والعظمى، والتي قلبت البلاد إلى ساحات حرب من أجل مصالح حكومات ودول إقليميّة رهنت نفسها لصالح التوجّهات الدولتيّة الاستعماريّة المقيتة، انقسم السوريون إزاءها إلى طرفين متنازعين فيما كان خيار شعوب شمال سورية مختلفاً جسّد الوطنيّة الحقيقيّة مستنداً لإرادة شعبيّة وتنظيم الحياة اعتباراً من مأسسة المجتمع، ومن ملامح هذه الإرادات الشعبيّة والمجتمعية إيلاء التعليم والتدريب الاهتمام الكافي على أسس تنظيميّة وتطبيق نظام التعليم الديمقراطيّ، الذي يهدف إلى العدالة والمساوة والتعاون والمحبة والتفاهم وإرساء روح الديمقراطيّة وثقافتها وتأكيد قبول الآخر دون إقصاء لأحدٍ.
لتحقيق ذلك كان لا بد من رفعِ سويةِ التعليمِ وتحسينِ الأداء في مجال التعليم وتبني طرائق التدريس المناسبة والتدرُّب على استخدام الأساليب والنماذج بطرق تنظيميّة وعلميّة وتأهيل الكادر التربويّ والتعليميّ ليتمكَّن من إيصال المعلومة للتلاميذ بسهولة وجمال. وقد بذلت في هذا السياق جهودٌ ملحوظة في جميع قطاعات هيئة التربية والتعليم في إقليم الجزيرة، ولم تدخر أيام العطلة الصيفيّة للمدارس الإدارة الذاتيّة الديمقراطيّة، فأقيمت دوراتٌ تدريبيّةٌ مكثّفةٌ ومتلاحقةٌ للعاملين في قطاع التربية والتعليم وتمّ توفير وتسهيل مستلزمات العمليّة التربويّة لتأمين كادر تعليميّ قادر على النهوض بأعباء المهمة وتحسين عملية التعليم بالتحرُّر من الأساليب الكلاسيكيّة التي تعتمد على استظهار المعلومات وإرهاق الطلاب بالواجبات وتخليصهم من الاتكاليّة وتشجيع المبادرات الإيجابيّة وتعزيز الشعور بالمسؤوليّة، وبهذا يمكن بناء نموذج تعليم ديمقراطيّ للمجتمع تسوده العدالة والمساواة والوعي الثقافيّ وأخوة الشعوب والعيش المشترك والتلاحم والتماسك المجتمعيّ بروح وطنيّة تشاركيّة.
في 16/7/2018م