No Result
View All Result
المشاهدات 9
إعداد/ غاندي إسكندر –
تعتبر رواية الحمار الذهبي للكاتب الأمازيغي لوكيوس أبوليوس، وفي النطق المحلي “أفولاي” أول رواية في تاريخ الفكر الإنساني كاملة الفصول، فهناك عدد من الروايات كُتبت قبلها لكنها ناقصة ويعد هذا العمل الأدبي الإبداعي المنطلق الحقيقي لظهور الرواية الأمازيغية.
هوية أبوليوس:
ولد أبوليوس أو أفولاي الأمازيغي في أوائل القرن الثاني حوالي 125 ميلادي وتوفي حوالي 170م، إبان الامتداد المسيحي، وكان يتميز بثقافته الإفريقية، وهويته الأمازيغية إذ كان يقول: “لم يتملكني في يوم من الأيام أي نوع من الشعور بالخجل من هويتي، ومن وطني” ويقول أيضاً ” أنا نصف كدالي ونصف نوميدي”، بيدَ أن بعض الباحثين أدرجوه ضمن الأدباء اللاتينيين المقلدين للإغريق، وقد جرد الباحث المغربي حميد الحميداني أبوليوس من هويته الأمازيغية وأدرجه ضمن الأدب الروماني القديم الذي كان يعتمد اللاتينية لغة، إلا أن عدد كبير من الباحثين دافعوا عن أمازيغيته، وصنفوه ضمن أدباء الثقافة الأمازيغية في عهد الوثنية الذين تثاقفوا مع الأدب الإغريقي واللاتيني.
مضمون الرواية:
يتوجه شاب، يدعى لوكيوس من مدينة كورنث لأسباب عائلية إلى مدينة هيباتا بمقاطعة تيساليا، فيلتقي في طريقه إليها بمسافرَين سمع من أحدهما حكاية بشعة، ولكنها مثيرة، من الأعمال السحرية، حركت الحكاية فضوله، وعندما وصل إلى مدينة هيباتا نزل ضيفاً على رجل غني بخيل يدعى ميلو، والتقى في المدينة بقريبة له حذرته من الأعمال السحرية التي تمارسها “بافميلا” زوجة مضيفه ميلو، وزاد هذا التحذير لوكيوس من فضوله على التعرف على القوى السحرية الغامضة وأخذ يتقرب لبلوغ هذا الهدف من خادمة الساحرة التي تدعى “فوتيس” والتي أخذته إلى مكان خفي استطاعا من خلاله أن يلاحظا معاً كيف أخذت بافميلا مرهما من أحدى العلب ودهنت به جسمها فتحولت إلى بومة، وطارت مبتعدة عن بيتها فأثار هذا العمل رغبة لوكيوس للقيام بنفس تجربة التحول فألح على الخادمة أن تستجيب لرغبته، فلم تمانع في ذلك وحين أحضرت له المرهم المطلوب أخطأت في تناول العلبة المناسبة، فكان نتيجة ذلك أن تحول لوكيوس إلى حمار يتصف بجميع صفات الحمار الظاهرة إلا عقله الذي ظل عقل إنسان، وكان على لوكيوس أن يأكل باقة من الورد ليستعيد شكله الإنساني، ووعدته الخادمة بجلب الباقة في صباح اليوم التالي لكنه عندما كان في الإسطبل تعرض المنزل إلى عملية سرقة وقد تم تحميل الأمتعة المسروقة على ظهر لوكيوس، وتطول عودة لوكيوس إلى آدميته بعد مغامرات عديدة تتخللها قصص جزئية متداخلة
خصائص الرواية:
تعتبر رواية “الحمار الذهبي” قراءة انتقادية ساخرة للمجتمع الروماني، وعلى جميع الأصعدة السياسية، والاقتصادية والاجتماعية، والدينية، وتبدو الرواية في رحلتها “الفانتستيكية” على الرغم من تعدد أجزائها نصاً واقعياً ساخراً ينتقد العقل الظلامي، ويسفه سلوكيات السحرة، وأباطرة القضاء الروماني الذين اتهموا لوكيوس بالسحر، والشعوذة، فالرواية هي إعلان صريح لانهيار الإمبراطورية الرومانية، وإفلاسها أخلاقياً، كما تتضمن فكرة المسخ لدى الإنسان القديم المرتبط بفكرة عقاب الآلهة، فهي تنزله على من هم أكثر بعداً عن الروح الإلهية، وأكثر قرباً من الحياة الحيوانية البائسة ومن خصائصها أيضاً أنها رواية عجائبية غرائبية يتداخل فيها الواقع مع الخيال، والسحر مع العقل، والوعي مع اللاوعي.
No Result
View All Result