No Result
View All Result
المشاهدات 0
فوزة يوسف
أنا طفل من أطفال عفرين اليوم استشهدت في تل رفعت، وعمري ٣ سنوات، عمري٦ سنوات، عمري ٧ سنوات، عمري ٩ سنوات، عمري ١٢سنة ، عمري ١٥ سنة. اليوم فقدت رجلي وأنا في الثالثة من عمري، فقدتُ عيني وأنا في السادسة من عمري، فقدت يدي وأنا في العاشرة من عمري. هذه المرة الثانية التي أتعرض للقتل على يدكم يا أسياد العالم، مرة عندما هجرت قسراً من عفرين واليوم وأنا نازح في الشهباء، هل تعلمون إن اليوم استشهدت إنسانيتكم على مرأى من أعينكم، قُتل ضميركم في صمت الموتى، واليوم حكمتُ على الإنسانية حكم الإعدام دون أن يرثي عليها أحد. فلتعلموا أن اليوم لم يكن مراسيم عزاء على جسدي الصغير الذي كان يحلم أن يكبر أو على أرجل الشهيد المقطوعة، بل كانت مراسيم عزاء على ما فقدتموه من قيم؛ القيم التي تقتل وتنتحر يومياً على باب الدولار والمصالح القزمة، نعم إنني ضحية لإنسانية انتهت، لإنسانية باتت تتسول على أبواب السفلة.
وهل تعلمون ما هو ذنبي، ما هي الجريمة التي ارتكبتها لكي أعاقب بهذا الشكل؟ ذنبي هو أنني ولدت من أم وأب كردية، ذنبي إنني ابن الزيتون. هكذا نحن، نُقتل دون أن نعلم ذنبنا، دون أن ندرك ما اقترفناه من ذنوب، نقتل دون محاكمة، فقط ذنبنا هو إننا أطفال شعب قتله حلال ولم يحرم هذا القانون في أي بلد في العالم، لا أصحاب القرآن ولا الإنجيل ولا التوراة. كأنها شريعة من شرائع الله و”قتل أطفال الكرد حلال”.
اليوم قامت أمي بجمع أشلائي المتناثرة، هل تدركون شعور أم تقوم بجمع أشلاء طفلها، هل لديكم قلب يمكن أن يدرك ما عاشته أمي من ألم ووجع عندما كانت تجمع أرجلي، تجمع يدي، وتجمع أحلامي التي تناثرت وتحطمت على يد الجلادين. أحلامي لم تكن كبيرة لتخوفكم لهذه الدرجة، كل ما هنالك هو إنني كنت أريد أن أعيش كأي طفل في العالم في وطني، أريد أن أتكلم وأتعلم بلغتي، كنت أريد أن ألعب دون خوف أو ذعر، كنت أريد حضن دافئ ، كنت أريد أن أكبر وأن أحقق كأي شاب في العالم طموحاتي.
اليوم استشهد ثمانية أطفال وجُرِح ثمانية أطفال، بأسلحتكم وبأوامركم يا أسياد العالم. فهنيئا لكم ما تشربونه من شراب على شرف موتنا، إننا كنا نسمع قهقهاتكم وأنتم ترقصون على أجسادنا الطرية، لكن كونوا على ثقة بأن هذه الأرض لن تنبت إلا الزيتون، ولن تنطق إلا بلغة بنات الشمس والنار. إننا سنحول أشلائنا إلى سلاح ونقاتل، وسنحول آهاتنا وأنينا إلى زغاريد النصر ونقاتل، أشجار الزيتون التي بُترت أغصانها، فجذورها ستنبت براعم وتقاتل. فلتعلموا إن مصطلح اليأس لا يوجد في كتابنا، نموت واحداً ونحيا آلافاً. جثثنا الصغيرة ستحاصركم ، وتنتقم أحلامنا منكم، أعرف إن القذيفة كانت تريد أن نترك أرضنا وأن نهجر إلى حيث لا رجعة، لكن فلتعلموا، بأن قبورنا الصغيرة ستكون عنواناً للأجيال القادمة وهوية شعب لن تتمكن أي قوة أن تمسحه من ذاكرة التاريخ.
No Result
View All Result