No Result
View All Result
المشاهدات 1
ماهر زكريا –
توهم أردوغان أن (المنطقة الآمنة) في شمال وشرق سوريا من حق تركيا، وعلى شعوب المنطقة أن تنصاع لأوامره كأنه عاد إلى بدايات القرن السابع عشر، الرئيس التركي الفاشي أردوغان الذي وقف وحيداً حاملاً مشروعه في إنشاء (منطقة آمنة) في شمال سوريا، عندما رفع الخريطة التي تدل على ذلك أثناء إلقاءه كلمة في الجمعية العامة للأمم المتحدة، وأكد على أن مشروعه هو الوحيد الذي يكفل حل أزمة اللاجئين السوريين ومعاناتهم وأنه يمتلك لهم الحل وأنه قادر على تطبيق ذلك.
يخطئ من يعتقد أن الديكتاتور أردوغان قد يتراجع عن مشروعه بسهولة وبخاصة أنه يعاني كثيراً مما يجري في الداخل التركي، لدرجة أنه وضع له خططاً بديلة لإدارتها. ما توهمه أردوغان في إقامة حربه لتكريس مشروع (المنطقة الآمنة) المفترضة والتي قُدرت مصاريفها بحوالي 150 مليار دولار بأن له الحق في استخدام السلاح بأنواعه ومن ثم المطالبة بتحصيل الكلفة المالية لها من الدول المانحة، وأن من حق الشركات التركية أن تحتكر تنفيذ هذا المشروع بحجة أن تركيا هي التي ستقدم الدعم اللوجيستي لإنشائه.
انطلق أردوغان دون كيشوت في رحلته نحو المجد الذي رسمها لتكون هذه أولى الحوادث التي صادفت أردوغان في طريقه، حيث أفرغ للمشروع ساعات طويلة من العمل مع فرق كثيرة من زملائه السابقين، الذين عملوا معه سابقاً في بلدية إسطنبول وأما عن تفاصيل مشروعه الذي يريد بناءه على طول الحدود التركية -السورية وبعمق 30 كيلومتراً ليحقق لذاته المطالبة بأموال (المنطقة الأمنة) من الدول الأخرى. إلا أن ذلك شابه صراع دون كيشوت ديلامنشا مع طواحين الهواء التي توهم أنها شياطين لها أذرع هائلة تقوم بنشر الشر في العالم، بينما تبدو الفكرة غريبة وغير قابلة للتطبيق؛ عندها جوبه أردوغان بالرفض الأميركي – الروسي لإنشاء هذه المنطقة وتفرد تركيا بالسيطرة عليها، نتيجة إلى استحالة توفير هذا المبلغ الضخم من الدول المانحة.
والمعارضة السياسية في تركيا ممثلة في حزب الشعب الجمهوري وبعض الأحزاب الأخرى، تنتقد هذا المشروع وتعتبره مخالفاً للقوانين الدولية وقانون حقوق الإنسان العالمي، لأنه تدخل في شؤون دولة أخرى ذات سيادة من دون إذنها، وفيه إعادة قسرية للاجئين السوريين، وتغيير ديموغرافي للتركيبة السكانية في تلك المنطقة، ويهدد سيادة الأراضي السورية ووحدتها. وحيث قام دون كيشوت بمهاجمة طواحين الهواء فغرس فيها رمحه؛ لكنه علق بها ليدور معها فرفعته إلى الهواء عالياً ثم طاحت به أرضاً فكسرت عظامه، وعلى هذه الحال ما كان لدون كيشوت أن يفلت من خطر إلا ويقع في آخر، ودونكي شوت العصر أردوغان يصر على المحظور وتطبيق (المنطقة الآمنة) ولو أدى ذلك لخوضه حرباً طويلة الأمد، فالأمر في ظاهره يتعلق بملف اللاجئين وطلبه من الدول الأوربية دعمه وإلا سيُصدّر هؤلاء اللاجئين إلى دولهم، بينما الحقيقة هي غير ذلك تماماً، لأن هدفها التدخل في سوريا واحتلال الأراضي السورية.
بينما يعتقد تيار القوميين في تركيا أن هذا هو الحل الوحيد الذي يمكن أن يمنع قيام حكم ذاتي كردي في شمال سوريا، وتمدده إلى تركيا مستقبلاً، وخلال خلاف أردوغان مع حلفائه، ومروراً بالمحاولة الانقلابية الفاشلة صيف عام 2016، وطرد عشرات الآلاف من موظفي الدولة بتهمة الانتماء إلى جماعة غولن. بدأ القوميون ملء تلك الوظائف وبعد الحملات الأمنية المكثفة على أنصار غولن، هنا تعترض تخيلاته مع تصريحاته حيث تراجعت شعبية أردوغان داخلياً، وحصلت الانشقاقات في حزبه، وكشفت المعارضة كثيراً من ملفات الفساد الكبيرة في البلديات التي كان حزبه يسيطر عليها سابقاً، في حين رفع كبير الفاشيين أردوغان شعار «بقاء تركيا» في حملاته السياسية، لأنه يعرف أن منافسيه السياسيين خصوصاً حزب الشعب الجمهوري، والأحزاب الجديدة التي سيشكلها المنشقون عنه، تدعم خيار حل القضية الكردية سياسياً. من خلال توسيع الحريات والديمقراطية في تركيا، هناك من لا يزال يؤمن ببراغماتية أردوغان وقدرته على الاستدارة 360 درجة وحسب ما تقول مخيلته التي توهمها وفي نهاية المطاف يُقعِد المرض دون كيشوت على فراشه لسبعة أيام وليالي، فيأتي الطبيب ليعاينه فيجد أنه لا أمل من شفائه، وفي إحدى تلك الليالي يستفيق دون كيشوت من جنونه ويعود إلى رشده آخذاً في لعن ما قام به من أعمال مخلة بمن يحيط بهم، عندها قال “لقد كنت مجنوناً والآن صرت عاقلاً، لقد كنت دون كيشوت ديلا منتشا، والسؤال هل سيأتي يوم ليفيق أردوغان من أوهامه وفي ذاك الوقت ماذا سيقول أردغان؟؟.
No Result
View All Result