No Result
View All Result
المشاهدات 42
نصرالدين عثمان –
يبدو بشكلٍ واضح وجلي في الآونة الأخيرة من خلال الرصد والمتابعة أنّ أزمات الحقبة المعاصرة وحروبها السياسيّة والاقتصاديّة والاجتماعيّة والعسكريّة في أرجاء العالم تُدار من قبل شبكات عالميّة دوليّة متعددة ومتخصِّصة في إثارة الفتن والنزاعات الداخليّة واستغلال فائض الانتاج والخيرات الاقتصاديّة للشعوب والسيطرة على رؤوس الأموال العالميّة لغرس الفتن وإشعال الحروب والمؤامرات وجعل كثير من مناطق العالم غير آمنة أو مستقرّة وتابعة لها من خلال الصفقات والاتفاقات التي تحقّق مصالحها دون الاكتراث بالمصالح الاجتماعيّة والإنسانيّة، إذ تُحاك المؤامرات ضد الشعوب وتُخضع لجبروت الطغمة المستبدة ويتمُّ عسكرة الشعوب وتضييق الخناق عليها ويفرض عليها الرضوخ لأجنداتهم ومصالحهم ويتمّ تجريدهم من الإرادة ومن أيّة مقومات للحماية الذاتيّة المجتمعيّة. والهدف هو سلب إرادة الشعوب وتوجيهها كيفما يريدون أيّ سرقة الشعوب والمجتمعات بطرق عديدة للنيل من إرادة الشعوب والتطفّل عليها لتقوية سلطاتهم المستبدة وعسكرة الشعوب وإدارة الفتن باستخدام الحرب الخاصة والتركيز على عوامل الاختلاف والنزاعات الطائفيّة والعرقيّة والدينيّة والإثنيّة والمذهبيّة بين الشعوب والمجتمعات لتفتيتها وتقسيمها المستمرّ.
بهذه الطريقة تسدّ طرق تطوير النمو الذهنيّ لدى المجتمعات عبر تلك الإثارة مسائل غاية في الحسّاسية في مراحل زمنيّة دقيقة وعلى نحو مستمر، للتحكّم بتاريخ الشعوب على هذه الوتيرة واللعب على الوتر الحسّاس وتنمية ذهنيّة الاختلاف بين الناس، وبهذه الصورة يتم استغلال الإنسان وسلبُه الإرادةَ والعزيمة وتكريس الخنوع وإفقاده الإرادة وأيّ من مقومات الحماية الذاتيّة. وبالمحصلة القضاء على الأخلاق والعادات والتقاليد الاجتماعيّة والمحبة والاحترام المتبادل والتعاون والتفاهم وأخوة الشعوب، لتكونَ هذه المجتمعات والشعوب دائماً تحت احتلالها وسلطتها وتعتبرها مستعمرة لها.

عندما تتعطل سبل وصول المجتمع إلى وحدة مجتمعيّة يسودها الفكرُ الحرّ والديمقراطيّ وقيم المساوة والعدالة والتعاون والتفاهم، سيفشل في حلّ كافة القضايا المجتمعيّة، ولهذا سينتقل إلى مسار آخر يودي به آخر الأمر إلى مرحلة متقدمة من العنف والإرهاب واللا إنسانيّة، وسيتم تجميع تلك الوسائل دفعة واحدة وتشغيلها ضد الشعوب والمجتمعات. وفي صورة أخرى معممة ستتصدّر المشهد الدوليّ أزمات عالميّة وركود اقتصاديّ كبير وخانق للشركات التي تتحكّم بمصير المجتمعات والشعوب في العالم وبخاصة الشرق الأوسط، ويبدو من خلال الرصد والمتابعة أنّ الحروب الأخيرة ستؤدّي لثورات شعبيّة جماهيريّة وبخاصة خلال السنوات العشر القادمة إذا استمرّت الحروب الخانقة لأنفاس الشعوب بهذه الوتيرة فتتفجر كما أمواج المحيطات في العالم والشرق الاوسط. وقد تتبلور ثورات شعبيّة جماهيريّة بنماذج أكثر حداثة وتنويريّة للنيل والقضاء على الطغاة والمستبدين والمحتلين ومصاصي دماء الشعوب وناهبي خيراتها، ويبقى الأملُ كبيراً بتحرير الشعوب والوصول الى الحرية وتحقيق العدالة والمساواة والديمقراطية نهاية ليست محالة.. لأنّ إرادة الشعوب والمجتمعات هي الأقوى فاعليّة على الأرض وعندما تتصدّى للحفاظ على وجودها.
No Result
View All Result