آرين ميركان.. شعلة الحرية

إعداد/ إيفا ابراهيم –

روناهي/ قامشلو- المرأة التي جعلت من جسدها درعاً وأوقدت شعلة الحرية لتمنع بذلك العدو من الاحتلال والتقدم صوب مدينتها، هي البطلة “آرين ميركان” التي أصبحت مثالاً يحتذي به العالم وتتكلم عنها كل الصحف، والحديث الذي يجري في كل زاوية عن عمليتها الفدائية كرمز للتضحية.

مسيرة الحرية بالإخلاص للوطن تبدأ من المناضلة زيلان “زينب كناجي”، التي استطاعت أن تحرر المرأة من العبودية والظلم، وعلى مدى التاريخ الكثير من المناضلين والمناضلات ساروا على خطاهم من دون تهاون وقادوا الحرية حتى النصر، ودوّنوا صفحات التاريخ ومنهن “آرين ميركان” التي حوّلت جسدها الطاهر إلى شعلة من النار لتتحول إلى فلسفة للحياة تنير بها درب نساء الكرد والشرق الأوسط والعالم أجمع.

ولنعرف من هي هذه البطلة التي يتكلم العالم عن مسيرة نضالها ومقاومتها، ولنسرد حكايتها أعددنا هذا التقرير.

نبذة عن حياتها

ولدت آرين ميركان الاسم الحقيقي “دلارا كينج” في قرية ميركان أو قرية حسى التابعة لناحية موباتا بمقاطعة عفرين عام 1992م، وسميت باسمها ديلارا نسبة إلى المناضلة ديلارا التي استشهدت ضمن صفوف حركة التحرر الكردستانية.

درست المرحلتين الابتدائية والإعدادية بمدرسة في قريتها ميركان، وأنهت المرحلتين بدرجة التفوق، ومن ثم التحقت بصفوف حركة التحرر الكردستانية في مطلع عام 2007م، ومع اندلاع الثورة في روج آفا وشمال سوريا، شاركت في العديد من الفعاليات الوطنية التي أقيمت في  المنطقة، ومن ثم انضمت إلى صفوف وحدات حماية المرأة لتدافع عن تراب وطنها وتحقق الحرية لشعبها.

صفات تميّزت بها الأسطورة آرين

المناضلة آرين كانت تتحلى بفكر وروح وطنية مترسخة وكانت مصدر المعنويات لجميع المقاتلات والمقاتلين في جبهات القتال من خلال ما كانت تتحدث عنه من تاريخ النضال الكردي وملاحم سطرها مناضلون من حركة التحرر الكردستانية، وبحسب ما ذكرته رفيقاتها فقد كانت مؤمنة بفكر وفلسفة القائد أوجلان وهذا ما دفعها لتكون صاحبة إرادة قوية وإصرار على المقاومة والتضحية بمعنويات عالية.

تحلت المناضلة آرين بعد التحاقها بصفوف وحدات حماية المرأة بكل الخصائص التي تؤهلها لتكون قيادية في وحدات حماية المرأة وفي كل ساحات المعارك ولتصبح دائماً مصدراً لقوة رفيقاتها ورفاقها مهما كانت الظروف والشدائد، لتنشر بابتسامتها وحيويتها الدائمة السعادة حولها، وبروح المسؤولية العالية التي تحلت بها تجاه كل شيء في قضية شعبها أصبحت منبعاً تتلقى منه رفيقاتها التوجيهات والمعرفة.

بعمليتها الفدائية رسمت درب الحرية

في الخامس من شهر تشرين الأول عام 2014 وقع اشتباك بين وحدات حماية الشعب ومرتزقة داعش على تلّة مشته نور في كوباني، حيث استغلت المقاتلة العفرينية الكوبانية ذلك وتقدمت نحو نقطة تجمّع فيها المرتزقة، وقامت بعمليتها الفدائية لتكبّد مرتزقة داعش الكثير من الخسائر، هكذا ضحت آرين بروحها فداءً لوطنها وشعبها، ولم تأبه بملذات الحياة لأنها فضلت الشهادة بدلاً من العيش في الذل والخنوع، فبعمليتها هذه رسمت نهجاً للحرية سارت عليها الكثيرات، وانتصارها لم يكن عادياً فقد انتصرت على قوى كان يقال عنها بأن لن تهزم وبأنها أصبحت على مقربة من احتلال كوباني كاملة، ولكن هذا لم يتحقق وصار العكس انتصر صرخة آرين ميركان ضد المرتزقة.

نضالها ميراث لرفيقاتها

ضج العالم جميعاً خلال عمليتها الفدائية التي هدفت بها منع مرتزقة داعش الدخول إلى أراضيها فأثبتت بأنها امرأة قادرة على هزيمتهم، هزيمة أولئك الوحوش الذين دمّروا الأصقاع والأماكن، فعملية آرين ميركان هي امتداد لميراث عريق في البطولة مستمد من بطولة زيلان وبيريتان ورفاقها وهذه المقاومة والنضال لازالت مستمرة حتى الوصول إلى الهدف المنشود ألا وهو الحرية.

الكثير من المناضلات اللواتي أفصحن عن رسائلهن للعدو  أثبتن بأن الشعب ذو الإرادة الحرة وبالأخص المرأة لن يستسلموا البت ولن يركعوا لسياسته، فما فعلته المناضلة زيلان ضد دولة الاحتلال التركي سارت على مسارها آرين ميركان وفعلت المثل بمرتزقة داعش في مقاومة كوباني، والشيء ذاته حققته أفيستا خابور ضد مرتزقة الاحتلال التركي في عفرين، ما نود قوله بأن نهج حرية المرأة ثبت في التاريخ والمرأة تسير عليها باستمرار لتحقيق النصر والحرية وهي بذلك تصبح شعلة المقاومة التي لا مثيل لها.

فثورة 19 تموز في شمال وشرق سوريا عُرفت بثورة المرأة، كونها أثبتت نفسها في المجال العسكري وأدت دوراً ريادياً ضمن صفوف وحدات حماية المرأة وقوات سوريا الديمقراطية، إضافةً إلى تأدية دورها في المجالات الأخرى على الصعيد السياسي والثقافي والاجتماعي وغيرها الكثير من المجالات، ناهيك عن ذلك ففي الآونة الأخيرة افتتحت أول أكاديمية عسكرية للمرأة.

يوم السبت وبتاريخ 5/10/2019، يصادف الذكرى السنوية الخامسة لاستشهاد الفدائية آرين ميركان التي باتت عمليتها كرمز للتضحية والفداء، وفي الأخير لا يسعنا القول سوى بأن ما دام هنالك نساء مثيلات للمناضلة زيلان وآرين وأفستا وغيرهن فلا داعي للخوف، لأن إرادة المرأة لا تلين البت، فالمرأة لا تستسلم أبداً ففي كل خطوة نحو الحرية تزداد قوة.