No Result
View All Result
المشاهدات 0
تقرير/ ايفا ابراهيم –
روناهي/ قامشلو – الكلمات والتعبير بالكتابة لا يمكن أن يوصل الصورة المؤلمة والتراجيدية للنسوة اللواتي رأيناهن في منزل صغير في قامشلو!!!
ثلاث نساء تتفاقم معاناتهن يوماً بعد آخر؛ كونه لا مُعيل لهن، وقوت عيشهن يقتصر على ما يقدمه لهن بعض أصحاب الخير، إضافةً إلى أنهن لا يملكن عدا القليل من المستلزمات المنزلية. ولكن؛ هذا هو مأواهن الآمن الوحيد، ويعجزنَ عن العمل كونهن كبار في السن، وفي سياق هذا التقرير سنتحدث عن تفاصيل قصصهن، ولكل امرأة قصة خاصة بها وهي متشابهة نوعاً ما، ونترك للقارئ قراءة تفاصيلها.
دخلنا إلى ذاك المحل الصغير لبيع المواد الغذائية، وإذ بامرأة في العقد الخامس من عمرها تقوم ببيع هذه المواد، وعندما سألناها عن قصتها طالبتنا بالدخول إلى المنزل، وحين دخولنا إلى ذاك المنزل والمكون من أربع غرف صغيرة، رأينا في كل غرفة تعيش امرأة وقصصهن مماثلة تقريباً؛ كونهن وحيدات ولا معيل لهن، ولكن هذا هو مأواهن الآمن الوحيد.
بقيت وحيدة لا مُعيل لها..
ومن هنا بدأت المرأة التي هي صاحبة المنزل بسرد قصتها وتدعى بديعة حسن، وهي متزوجة منذ 25 عاماً وكانت أوضاعهم المادية ميسورة الحال. ولكنها؛ لم ترزق بأطفال على الرغم من محاولات الأطباء لعلاج الأمر، تأقلمت مع حياتها شيئاً فشيئاً، وحول تفاصيل قصتها؛ أكدت لنا بديعة قائلةً: “منذ عام 2015علمنا بأن زوجي مصاب بمرض شق الصدر والذي يصعب علاجه في مناطقنا. لذا؛ سافر زوجي إلى الدول الأوروبية بمساعدة أولاد أعمامه لتلقي العلاج، ولم يعد”.
بعد أن بقيت بديعة وحيدة قررت إيجار منزلها الكبير لعدة نساء وذلك للعيش سوياً، وناهيك عن ذلك فتحت محلاً صغيراً ضمن منزلها برأس مال صغير لتأمين لقمة عيشها بعد أن بقيت وحيدة لا معيل لها، وتابعت بديعة بالقول: “أقوم بشراء المواد الغذائية بالدين ومن ثم بيعها؛ كوني لا أملك رأس مال لشراء المواد لاسترزق منها”.
دموعاً تخفي وراءها آلاماً شديدة
كما والتقيا بإحدى المستأجرات ضمن المنزل والتي تسكن فيه منذ أكثر من سنة ونصف، وتدعى حسينة سليمان وتبلغ من العمر خمسين عاماً من مدينة قامشلو، فحدثتنا ونبرة صوتها توحي بألم شديد ولم تستطع أن تخفيه وعيناها ممتلئتان بالدموع وقالت: “تزوجت من ابن عمي القاطن في تركيا، وبعد مرور شهر من زواجي تلقيت اتصالاً من والدي ليطلب مني المجيء إليهم لمساعدته في العناية بوالدتي الكبيرة في السن، فقررت المجيء وتركت زوجي في سبيل مساعدتهم”.
بعد مرور سنتين توفيت والدتها ومن ثم والدها، وبعد فقدان حسينة لوالديها رفض أخوتها الاثنان أن تعيش معهم، ورفضت العودة إلى زوجها بعد أن تخلت عنه في سبيل مساعدة والدتها؛ فقررت العيش وحيدة، ولجأت إلى هذا المنزل لتستأجر غرفة صغيرة والعيش فيه، وآجاره مبلغ رمزي وبالرغم من ذلك يشق عليها أن تؤمن آجاره، ناهيك عن ذلك؛ فلقمة عيشها باتت مقتصرة على أصحاب الخير، وحسب ما ذكرته لنا حسينة بأن صاحبة المنزل بديعة تخفف العبء عنها ومتعاطفة معها جداً، ولا تقتضي منها أجرة هذه الغرفة الصغيرة كونها وحيدة لا معيل لها ولا تقوى على العمل بسبب كبر سنها.
واختتمت حسينة سليمان حديثها بالتعبير عما ابتلعته من علقم في حياتها بنبذة قصيرة عنها والتي كانت مليئة بالبؤس والألم.
تؤمّن قوتها من بيع الجوارب
وضمن المنزل ذاته التقينا بالمستأجرة الأخيرة والتي تعجز عن المشي إلا بالاستناد على أصابع يديها ومساندتها على مسند متحرك، وتدعى رمزية حسين ذات الخمس وسبعون عاماً من مدينة دير الزور، حيث أنها تسكن في هذه الغرفة الصغيرة منذ أكثر من ثلاث سنوات، وحسب ما ذكرته لنا بأنها كانت متزوجة ولا تنجب أطفالاً بالرغم من محاولات عديدة لتلقي العلاج. وبعد فترة من الزمن توفي زوجها وبقيت وحيدة بمنزلها الصغير في مدينة دير الزور. وبسبب الأوضاع التي حصلت في منطقتهم وتعرض المنطقة للقصف؛ هربت من العنف والقصف والممارسات اللاإنسانية من قبل المرتزقة، فكانت تنزح من منطقة لأخرى لتأمن مأوى آمن لنفسها، حيث انتهى بها المطاف إلى مدينة قامشلو في هذا المنزل الصغير وبمساعدة أهل الخير للعيش بسلام.
وذكرت لنا رمزية بأن الآجار الشهري لهذه الغرفة الصغيرة هو عشر آلاف، ولتأمين آجاره تقوم بشراء جوارب نسائية ورجالية وبعض من المواد الأخرى وتجلس أمام باب المنزل وتقوم ببيعها، مؤكدةً بأنها تستفاد من كل قطعة خمسين ليرة سورية فقط، وأحياناً أخرى تدفع مبلغ مالياً للبعض من الجيران لشراء مواد غذائية لها من السوق، وتقوم هي ببيعهم.
واختتمت رمزية حسين حديثها بالقول: “ماذا سأفعل سوى الشكوى لله، وأبكي وأدعو لربي وأشكو له وضعي السيء لعله يستجيب لي”.
دموع مؤلمة شاهدناها في هذا المنزل والتي تنزف بدل الدمع دماً، السؤال الذي يطرح نفسه في مثل هذه الحالات الإنسانية؟ أين الجمعيات الخيرية والمنظمات الإغاثية والمختصين بهذه الشؤون؟؟!
No Result
View All Result