بيوت الطين.. وملاءمتها للظروف الجوية

تقرير/ مصطفى السعيد –

روناهي/ الطبقة ـ قبل دخول مواد البناء الحديثة كان غالبية قرى منطقة الطبقة تبني منازلها من مادة الطين الممزوجة بالتبن، والتي يطلقون عليها تسمية «اللِّبْن»، وهي كلمة فصيحة مستخدمة بصيغة الجمع وأساسها «لَبِنة»، والبيوت الطينية ما تزال تبنى في الريف حتى يومنا هذا بسبب كلفتها القليلة، ومقاومتها الجيدة لحرارة الصيف وبرد الشتاء.
وتبدأ عملية بناء بيت الطين أو «اللِّبْن»، بأن تقوم العائلة برجالها ونسائها، بحفر الأرض لاستخراج التراب، والذي يطلقون عليه اسم «التراب الحر»، وهو لا يحتوي عادةً على الكثير من الشوائب، وبعد ذلك يتم إضافة مادة «التبن» إليه، ويخلط بعضه إلى بعضٍ، ثم يفتح في كومة التراب هذه حفرة واسعة ليصبَّ فيها الماء، وبعد أن يتشرب الترابُ الماءَ، تبدأ هنا عملية جبل التراب بواسطة «المجرفة»، ثم الدوس عليها بالأقدام، وتستمر حتى يتم الحصول على خليط متجانس، ويترك لمدة يوم أو أكثر كي يتجانس، وخلال هذه المدة يرشُّ بالماء حتى لا ينشف. بعدها يتم تعبئة هذا الخليط في قوالب حديدية تأخذ شكل اللبنة، وتسمى هذه العملية «قَطْعْ اللِّبْن»، وهناك قوالب تقطع لبنتين، وأخرى تقطع أربعة، ويتم نزعها مباشرةً، وتترك حتى تجف تحت أشعة الشمس، ولا تتم سقايتها بالماء، كما هو الحال مع مادة «البلوك» الإسمنتية، وتكون أبعادها عادةً /25/سم عرض، وطول /45/سم، وارتفاع /12/سم.
بعد ذلك تبدأ عملية بناء البيت، ويستخدم الطين في إلصاق «اللِّبْن» بعضه فوق بعض، وتكون أبعاد الغرف عادةً بطول /6/أمتار، وعرض /3،5/متر، وارتفاع /3،5/ متر، ويوجد فيها باب ونافذتين، ويكون اتجاههم بشكل عام إلى الجنوب، وهناك على الأغلب شباك من جهة الغرب لكي يدخل الهواء إلى الغرفة.
ويسقف البناء بواسطة الأعمدة الخشبية الغليظة، حيث توضع الأعمدة بالعرض، ثم يوضع فوقها وبشكل طولي مجموعة من الأعمدة الخشبية الرفيعة، والتي يتم تغطيتها بالقش، ويسمى «السفير» (القمح والشعير بعد الحصاد)، ومن ثم يوضع فوقه الوحل المجبول بالتبن، لضمان عدم إنتاش بذور القمح، أو الشعير التي من الممكن أنها اختلطت بالتبن، ويوضع للغرفة على الحائط الخلفي «مزاريب» لتمرير مياه المطر من سطح البناء، وأحياناً توضع طبقة رقيقة من مادة «الجص» على السطح الخارجي للسقف, وتطلى جدران تلك الأبنية إما بواسطة الوحل المجبول والمخلوط بمادة التبن, أو بواسطة مادة كلسية بيضاء.
وفي زيارة لصحيفة روناهي على القرى الواقعة منطقة الطبقة في قرية بير الصناع الواقعة شمال الطبقة بنحو 25كم، حيث التقينا هناك أحد العمال الذين يقومون بصناعة اللبن في المنطقة عبد القادر الحمد والذي حدثنا عن بيوت الطين قائلاً: «تقوم المنطقة ببناء منازل من الطين بسبب رخص تكاليفها مقارنةً مع الإسمنت، حيث لا يكلف بيت الطين المؤلف من غرفتين ومطبخ سوى 800 ألف ل.س فقط، وبخاصةً أن الريف يعتمد على بيوت الطين بسبب تلاءمه مع الظروف الجوية في الفصول المختلفة حيث يكون بارد في الصيف دافئ في الشتاء».