رامان آزاد –
الحديث عن الحوار الوطنيّ يوازي عمر الأزمة السوريّة التي مازالت نارُها مستعرة، حيث الجبهات مفتوحة ومتعدّدة، وما حدث خلال السنوات السبع هو نقلٌ للمعارك من مكانٍ لآخر، لتصلَ إلى بلدات ومدنٍ كافحت طويلاً لتحافظ على بيئةٍ آمنة وكانت مقصدَ النازحين من المناطق الساخنة، وكأنّ الحرب قدرٌ يجب أن تناله كلُّ الجغرافيا الوطنيّة، ولعلَّ ما حدث في عفرين نموذجٌ مستجدٌّ على كاملِ مسارِ الأزمة السوريّة، إذ لا تبرير له، إلا أنّه إرادةُ احتلالٍ تركيّةٍ.
منذ بداية الأزمة السوريّة لم تنفك الأطرافُ الضالعةُ في الأزمة تتحدث عن حلٍّ وشيك اعتمدت فيه على إحدى حالتي إسقاط؛ إما المؤامرة أو النظام، وبالتوازي مع حديثٍ عن الحوار وطاولات التفاوض، فعُقِدتْ سلسلةُ اجتماعاتِ جنيف لتصلَ إلى نسختها التاسعة، وتبعتها آستانه تناهزها عدداً، وأما سوتشي فقد كانت الملحق الذي استحدثته موسكو لتؤكّد حصريّة قيادتها للملف السوريّ. إلا أنّ كل هذه الاجتماعات انتهتْ إلى بدايتها والمربع الأول، ومازال السوريون في مناطق النزوح وبلدان اللجوء والهجرة بانتظار حلٍّ وطنيّ يُنهي المعاناة ويضعُ حداً للحربِ.
مشروعُ سورية الديمقراطيّة دعوةٌ لحوارِ وطنيّ
من المشاكل الأساسيّة التي تعطّل الحوار السوريّ هو التدخل الخارجيّ والمسائل التقنيّة، وطريقة تشكيل الوفود والوصاية عليها وتعمّدِ تغييب أطراف سوريّة وطنيّة، وفي مقدمتهم أبناء شمال سورية استجابةً للطلب التركيّ، وما ذاك إلا لأنّهم يمثلون مشروع حلٍّ سياسيّ هو التعدديّة الديمقراطيّة، فأنقرةُ تخشى انتقالَ التجربة إليها فراحت تحاربها بكلِّ قوّةٍ عبر المرتزقة ومن ثم انتقلت للتدخل العسكريّ المباشر فبدأت بجرابلس ومرّت بالباب ووصلت إلى عفرين، وغنيٌّ عن القول أنّ التدخل التركيّ عطّل فرصَ الحوار الوطنيّ الذي يستلزم تطهير الأرض السوريّة من كلّ الإرهاب سواء أكان المرتزقة العابرين للحدود أم إرهاب الاحتلال التركيّ، وتلك أولويّة وطنيّة يجب أن تكون محلّ توافقِ كلّ السوريين وأن تكون حاضرةً بقوة في نقاشاتهم على الطاولة وقبلها.
كثُر الحديثُ في الآونة الأخيرة عن فرصةِ حوارٍ طرحها النظامُ السوريّ مع قوات سورية الديمقراطيّة بعد موقفٍ ضبابيّ سابقٍ حول تقييمِ هذه القوات، ولكن الواقعَ أنّ هذه القوات تجاوزت كلّ حدود التقييم اعتباراً من تمثيلها لكلّ أبناء شمال سورية، وبذلك أكّدت قيم التعايش والوطنيّة الجامعة، وهنا لا تحتاج إقرارَ أحدٍ بالشرعيّة من حيث تشكيلها، فحتّى الجيوش الوطنيّة قد تنقلب على شعوبها فتمارسَ القمع عندما توجّهها السّياسات، وباعتبارها السدَّ المنيعَ الذي واجهَ الإرهابَ فإنّها أضافتْ مزيداً من الشرعيّة في الأداء. عدا عن إقرار الآخرين عبر علاقات التنسيق والتعاون كما هي الحال مع الجيش العراقيّ. فيما تمّ تأكيد الوطنيّة عبر المشروع السياسيّ التعدديّ الديمقراطيّ في إطار سورية الموحّدة الذي هو هدف هذه القوات. والسؤال البسيط الذي يطرح نفسه: ما هو حجم المبادرات الوطنيّة الجديّة التي طرحها الآخرون ولم يستجب لها مجلس أو قوات سورية الديمقراطيّة؟ والجواب: أنّ الكرة في ملعب الآخرين وهم المقصّرون، إذ ما زالوا يعوّلون على الحلّ العسكريّ ومعطيات الميدان. وباختصار مشروع سورية الديمقراطية دعوةٌ لحوار وطنيّ لحلّ الأزمة بلا شروط.
الحوار سلوكٌ حرٌّ قائم على التشاركيّة