No Result
View All Result
المشاهدات 0
حوار/ آزاد كردي –
لماذا كثُر اختلاف الرؤى وجدليتها التي تثار على انبثاق طرح الحدود الآمنة؟ وما الدواعي الحقيقية وراء طرحها بهذا الشكل؟ وكيف سيكون مآل مثل نموذج هذه المشاريع؟ وما دور الإدارة المدنية حيال هذه النماذج؟ هذه الأسئلة والمزيد من الحقائق عن هذا الطرح الذي اتسعت الفجوة والهوة بينه وبين تنفيذه مع مرور الوقت؛ كونه لا ينهي معاناة الشعب السوري، ولا يحقق آماله ومطامحه في إنهاء الصراع الدامي. للإجابة عن تلك الأسئلة؛ أجرت صحيفتنا حواراً مع رئيس حزب الحداثة الديمقراطي في منبج سابقاً، صلاح الجمعة وكان معه الحوار الآتي:
ـ ما هي رؤيتكم لما يدور حول الحدود الآمنة وقرار الانسحاب الأمريكي من سوريا؟
الحقيقة إن أي من الدول المعنية بالملف السوري، لم تستطع تحديد بعد وجهة استقرائها؛ للحلول المناسبة والحاسمة لهذه المنطقة. طرح الحدود الآمنة، رؤية سياسية بعيدة عن الواقع. وما زاد الملف السوري تأزماً حيال مصير منطقة الشمال السوري، تهور القرار الأمريكي؛ إزاء الانسحاب من هذه المناطق الذي ينم على جهالة واضحة في قراءة تاريخ ونظم العلاقات السياسية العامة التي تتأطر في جوانب عدة، منها التاريخي، واللغوي، والثقافي، بالشكل السليم. فما تحدث عنه الرئيس ترامب؛ بخصوص انسحاب القوات الأمريكية أواخر العام المنصرم، إنما يضع المنطقة في غمرة من تساؤلات عديدة، لا متناهية عن مصيرها بعد الفراغ السياسي المفترض، أبرزها ما هو الوضع السياسي الذي أفرز هذا الواقع المتغير للمنطقة؟ في ضوء ما تكرسه إصلاحات الإدارة على مستوى الداخل من الشعور لأول مرة بالأمن والاستقرار، وبين المعطيات والحيثيات على الأرض، تشير إلى أن هناك إرادة دولية؛ لتمريره دون مسوغ لوجوده بالأصل. في الوقت نفسه؛ استغل الاحتلال التركي هذه المعمعة في السياسة الأمريكية، وأصدرت قراراً سياسياً سمجاً تم تغليفه بكثير من الأمور الخاطئة، فاستحال بين مد وجزر، وبين شد وجذب، فاحتملت تحليلاته؛ إشكالية حقيقية بحد ذاتها، ليست بمقدار الإشكالية التي أنتجها القرار الأمريكي نفسه، وظهور تأثيراته على الأرض.
ـ كيف سيكون تأثير هذا القرار على استراتيجية الولايات المتحدة في المنطقة وعلى وجود المرتزقة فيها؟
إن القراءة الخاطئة من قبل القيادة الأمريكية؛ لمجريات الأحداث السياسية، إذ تتوالى آثاره تباعاً من قبل القادة الأمريكيين، فكانت استقالة ماتيس شكلاً؛ لتبعات اتخاذ القرار؛ وأظهرت على أي حال؛ مدى التخبط العميق في إعداد الخطط الاستراتيجية طويلة الأمد بالقدر الكافي. وهل تكفي قراءة الانتصار بالشكلانية فقط للإعلان عن الانسحاب؟، إذ لم تزل إيديولوجية التطرف، تتغلغل في عقول الكثير من غرر بمنهجهم، واتبعوا غلوه التكفيري. وهل يكفي للانتصار أن يحصد النتائج قبل أن ينتهي موسم الحصاد؟!، فلا تزال قوات سوريا الديمقراطية الذين أوشكوا على القضاء على الغرابيب السود، وانهيار دولة الخلافة المزعومة الوشيك، لرفع أكليل الغار، حتى يستعجل التحالف الدولي ذلك، ويهم بالرحيل، ويترك المقاتلين الذين حاربوا معهم طوال الوقت.
إن القراءة المستعجلة، كان من شأنها إيجاد بؤرة للمشاكل، فيمن قدم التمويل لهؤلاء المرتزقة المتطرفين، وكيف سلكوا الطريق للدخول في سوريا، ومن احتضنهم في بادئ الأمر؟!، وليس من منظور حل المشكلة بالطريقة السليمة التي تقتضي النظر لحال أخوّة الشعوب. حقيقة الأمر إن أمريكا لم تستفد أبداً من تجاربها السابقة، على غرار ما حدث حين انسحابها من العراق، فتم إدراج ذلك من الأخطاء الكارثية، في استقراء الخطر الذي سبب فيما بعد في تنامي خطر تنظيم القاعدة المتطرف، وبلوغ أوجه في حصد المواطنين الأبرياء. مما جر على المنطقة الكثير من الويلات، فضلاً عن تعميق الخلافات والانقسامات في إظهار التمثيل السياسي في العراق؛ باعتماده على حكومة تكنو قراط، وأيضاً من خلال طريق المحاصصة الطائفية.
ـ ماذا بشأن التدخلات الخارجية في الشأن السوري وكيف أصبحت الساحة السورية ساحة للصراع بين الجميع؟
هذه الحالة تكررت كما كانت السيناريوهات السياسية والعسكرية التي حدثت سابقاً في العراق. لكن؛ بشكلها السوري، ها هو الحال يتكرر أيضاً في سوريا من خلال تصعيد في اللهجة العدائية عبر إرهاب الدولة التركية تجاه منطقة شمال وشرق سوريا في ظل عدم انتهاء الحرب مع المرتزقة المتطرفين من حيث اقتراب المعارك من نهايتها، إذ إن ذلك سيتيح للمرتزقة المتطرفين؛ من إعادة ترتيب أوراقهم، واستجماع لقراره الداخلي. خاصة وأن بعض قياداته لا تزال تعمل في بعض الجيوب بشكل سري، أو ربما من خلال تنفيذه لهجمات خاطفة ومباغتة على إحدى الدوريات أو الحواجز والنقاط العسكرية، مع احتفاظ الغالبية من هؤلاء بأموال طائلة التي تمكنهم من تمويل حروبهم، والاعتماد على العدد القليل من المرتزقة، للإيقاع بأكبر قدر ممكن من الضحايا بعدما فقد داعش كل شيء؛ وهذا ما يجعل من الصعوبة بمكان تفكيك الخلايا النائمة؛ لأنها في هذه الحال انتقلت حرب المواجهة المباشرة إلى تكتيك الكر والفر. وتعتبر هذه الحرب طويلة الأمد بالنسبة للمتطرفين وسيحاولون تجميع قواهم وإيقاظ خلاياهم النائمة، بعد الضربات الموجعة التي تعرضوا لها. والعمليات العسكرية من خلال استهدافهم بسلاح الطيران لا يعني بأي حال من الأحوال أنهم تم تصفيتهم بشكل كامل، فالقوات على الأرض هي الوحيدة التي باستطاعتها أن تحقق النصر على هؤلاء المرتزقة. ولذا؛ جاء قرار الانسحاب متسرعاً ليخلط الأوراق على الأرض، حيث كان الكل يترقب الانسحاب الذي تراجع عنه الرئيس الأمريكي في وقت سابق، والقراءة الأمريكية للواقع لم تكن بالشكل المطلوب، ويجب أن تكون قرارات القادة الأمريكان مدروسة.
ـ ما الهدف من الحدود الآمنة المزعومة، والتي تُمني تركيا النفس بإدارتها؟
نستطيع القول إن قرار الانسحاب الأمريكي، قد خلط الأوراق في المنطقة، ليكون البديل؛ هو الحدود الآمنة، كخيار لم يأتِ بجديد خاصة وإن الخلايا النائمة لداعش لا تزال تمتلك وتتمتع بقوتها؛ لضرب أي أهداف عسكرية ومدنية على حد سواء، كما فعل في مدينة منبج؛ عندما استهدفت الدورية الأمريكية، وراح ضحيتها؛ أربعة جنود أمريكيين. فهل هذا الطرح البديل عن الانسحاب، كان من المتوقع أن يكون حلاً توافقياً؛ لتحقيق تطلعات الشعب السوري في إنهاء لغة التهديد التركية الرامية لتدمير واحتلال المنطقة عبر إنشاء الحدود الآمنة السالفة الذكر. فهي على النقيض تماماً من مطامح الشعب السوري؛ لأنها تكرس التقسيم في الهوية والانتماء السوري، لا شك إن دولة الاحتلال التركي، تناور سياسياً مع الجانبين الأمريكي والروسي؛ لإيجاد موطئ قدم لها مجدداً في شمال وشرق سوريا. فأغلب المناطق الخاضعة لسيطرتها في الباب وإعزاز وجرابلس وعفرين، تعاني من افتقارها لأبسط مقومات الأمن والأمان، كما أن الأجندة التركية أكبر من رغبتها في مساعدة السوريين التي تدّعي مراراً، أنها تمد يد العون لهم والعكس صحيح. ولذا؛ فالأطماع التركية واضحة لنا جميعاً، إذ أنها لا تتوافق مع رغبة السوريين في إنهاء معاناتهم، ضاربة مشاعرهم الوطنية عرض الحائط. إذاً للسوري الحق في الدفاع عن أرضه وقيمه وثقافته التي وضعت تحت عجلة العربات التركية والمدفعية؛ للإجهاز على ثمرة الأمن والاستقرار.
والدولة التركية ترمي للاستفادة من خيار طرح الحدود الآمنة، على طريقة احتلال الأرض نفسها، فلا غرابة إذاً أن يتذرع الاحتلال التركي بشتى الحجج؛ لتسويق شنها للعمل العسكري المفترض على مناطق الشمال السوري؛ لتحطيم التنمية الذاتية الحقيقية التي يعيشها السوريون في هذه المناطق الآن، مقارنة مع غيرها من المناطق السورية، وكأن السوريين بعد كل سنين الحرب بحاجة مرة أخرى للمزيد من الألم والوجع. وهناك سؤال برسم حزب العدالة والتنمية وقادتها؛ ما الذي سيجنونه من تقويض فرص السلام في سوريا؟ وبإمكان دولة الاحتلال التركي؛ إعادة اللاجئين إلى مناطقنا الآمنة، وتعتبر مناطق شمال وشرق سوريا ملاذاً آمنناً لجميع المواطنين في سوريا. وهي على الأغلب لا تريد توضيح مكاسبها السياسية، فقط لاحتضانهم كمكسب سياسي على أرضها؛ وتركيا هدفها المقامرة والابتزاز بهم؛ لأنهم على دراية تامة بأن في مناطقنا استراتيجية كبيرة، من خلال الحرص الشديد على تقديم أبرز الخدمات الأمنية التي تضاهي غيرها من المناطق في سوريا. وهم على يقين تام أن مناطقنا، تتسم بالديمقراطية الحقيقية. لذا؛ لا نستغرب وجود مواطنين سوريين من مناطق سوريا الأخرى؛ لأنهم بالنهاية شركاء في بناء الوطن، وفي هذا الجانب لا تتوانى الدولة التركية عن إرسال عملائهم للنيل من أمن منطقتنا؛ لتضرب عملياتهم الإرهابية سبل السلام والأمن الوطني.
ـ ما الذي يجب فعله للمضي في إيجاد الحلول للأزمة السورية، وهل بإمكان السوريين التغلب على كل ما حصل لهم منذ ثماني سنوات؟
نحن السوريين نمتلك مقومات السلام بالفطرة وعلى مر التاريخ، والحقائق التاريخية تثبت ذلك، والأزمة في سوريا تتعدد الرؤى السياسية حولها عند الدول ذات الشأن بالملف السوري؛ بعد أن حصدت الآلة العسكرية الكثير من الأرواح البريئة، فانتزعت الدعائم الأساسية للبنى التحتية والاقتصادية، وخطفت من السوريين الروابط الاجتماعية. فكان تأثيرها كبيراً على حياة المواطن الذي ظل رهين المحبسين الفقر والتشرد، ودفع فاتورة الحرب بلا ثمن، وظل المجتمع الدولي عاجزاً عن تبني قراراً دولياً في مجلس الأمن؛ يضع حداً لمعاناة الشعب السوري طيلة ثماني سنوات. وعلى هذا؛ فإن العجز الدولي؛ أتاح لظهور حلولاً فردية، لا تكاد تسمن ولا تغني من جوع، من قبل بعض الدول الراعية للملف السوري، أو لبعض السياسات التي تم التوافق عليها من قبل عدة أطراف دولية أخرى. ولا بد من الإشارة إلى أن هذه الدول، تتاجر بأجمعها بالقضية السورية؛ لتحقيق أجنداتهم السياسية على حساب الدم السوري، بغض النظر عن التكاليف والخسائر البشرية. فانبثقت من رحم الخارج؛ اجتماعات جنيف وآستانا وسوتشي؛ بقصد إيجاد حل سوري؛ يوقف فتيل الأزمة السورية بشكلها الدموي. ونستطيع القول إن تلك الطروحات؛ فشلت فشلاً ذريعاً؛ لإيجاد حل مناسب لأن أغلب تلك المشاريع؛ نشأت في أحضان وبيئة غير مناسبة، وتم تعهد رعايتها من قبل جهات، لا تعي جيداً المواصفات، والمستلزمات الدقيقة التي تتقاطع مع المناخ المناسب للنمو الطبيعي، ومدى استجابتها؛ لرغبات وتطلعات الشعب السوري. فأرجح القول إن تلك المشاريع المستوردة من الخارج، لن تنجح أبداً في إيجاد حل يرضي جميع السوريين إلا إذا كان الحوار من الداخل السوري فقط.
ـ ما هي نظرتكم للروابط التي تربط بين الإدارة المدنية والشعب في مدينة منبج والأعمال التي قدمتها الإدارة هناك؟
إن المكتسبات التي أنجزتها الإدارة المدنية في مدينة منبج بخاصة، وفي عموم شمال وشرق سوريا، لهو أمر جدير بالاهتمام. فهناك قناعة تامة من أن الذي يقوم هاجسه على البناء والتنمية، إنما يعبر عن رغبة كبيرة في إنجاز الإصلاحات التي انبثقت عبر عدة مشاريع تنموية شملت المرافق العامة كافة. وتقدم الخدمات الاجتماعية في شتى أصنافها للمواطنين والتفّ المواطنون حول إدارتهم الرشيدة هذا الاتجاه؛ لأنها تمثل الشرعية التي تمثلها تطلعات الشعب في العيش بكرامة؛ لأنها باختصار منبثقة من أعماق أصالة هذا الشعب الأبيّ، بكل الموزاييك الاجتماعي، والأثري، والتاريخي، والديني. وفي ماءها العذب، وخضرتها النضرة، مكوناته الاجتماعية وبمختلف مشاربهم. كما قامت الإدارة منذ فترة طويلة بعدة اجتماعات مع أهالي المدينة، في عدة مناطق، لمعرفة متطلباتهم ورغباتهم، إضافة إلى اطلاعهم بشكل مستمر، وبشكل شفاف على آخر المستجدات السياسية في المنطقة. لذا؛ أعتقد أن حالة الالتفاف حول الإدارة من قبل الشعوب كافة، تمثل رداً حاسماً للنظر في واقع الحدود الآمنة، وما يحمله من فضاضة واتساع في مقياس تطلعات السوريين، الذين يعلمون بأن لا شريك حقيقي لهم في قيادة المجتمع، سوى الإدارة المدنية في عموم الشمال السوري.
No Result
View All Result