المشاتل الزراعية… مصدر دخل وإلهام

تقرير/ شيلان يوسف، بيريفان حمي –

روناهي/ قامشلوـ يمارس كل شخص في المجتمع مهنة معينة، وتكون ذات فائدة عليه وعلى المجتمع وتتطلب مهارات وخبرة وممارسة في ذلك المجال, وفي أغلب الأحيان تتوارث هذه المهنة إلى الأبناء من قِبل الآباء.

وتعتبر مهنة التشتيل من المهن التي تحتاج إلى هواية في الزراعة والتشجير, والمشتل هو المصدر الرئيسي لإنتاج وتكاثر النباتات، وتستخدم لتلبية احتياجات مشاريع التشجير والتجميل والتنسيق في المدن والقرى.

وأجرت صحفيتنا “روناهي” لقاءاً مع أحد أصحاب المشاتل في مدينة قامشلو.

الشاب “كاوا حسو” الذي يعمل في هذه المهنة مع والده منذ وقتٍ طويل, وكانت لديه هواية في هذا المجال, ومن المعلوم أن هذه المهنة ممتعة، ولكنها؛ متعبة بعض الشيء.

ولمعرفة المزيد عن هذه المهنة، أفادنا حسو أن “أغلبية أنواع الأقلام يتم تحضيرها ضمن المشتل, ولكن الظروف الحالية أدت إلى بعض الصعوبات في تأمين جميع أنواع البذور التي تزرع في المشتل”.

النباتات التي تنمو في المنطقة وتأثير الجو عليها

ويتابع حسو صاحب المشتل الواقع على طريق عامودا: “هناك أنواع أخرى لا تنمو في بيئة المنطقة، لأنها بحاجة إلى جوٍ رطب؛ ويتم استيرادها من الداخل السوري والمناطق التي تكثر فيها الرطوبة كـ “مناطق حماة، أريحا، جسر الشغور” ولكن هناك صعوبة في تأمين المواصلات”.

وأشار حسو إلى أن “الأنواع المرغوبة والتي تباع وتنجح زراعتها في مناطق إقليم الجزيرة؛ هي الحراجيات مثل “السرو والصنوبر” بالإضافة إلى الكينا والتي عادةً يتم استيرادها, لأنها تحتاج إلى رطوبة وحرارة خاصة, أما أشجار الفاكهة الموجودة في المشتل هي “الدراق، المشمش، خوخ ومانجا” بالإضافة إلى أنواع أخرى فهي أيضاً تباع ولكنها تحتاج لمعرفة من قِبل المزارع وكيفية التعامل معها وخاصة في فصل الصيف؛ نظراً لارتفاع درجات الحرارة”.

وأكد حسو: “أنه يجب زيادة العناية بها في فصلي الخريف والربيع وتزويدها بالأسمدة اللازمة لتحمل درجات الحرارة المرتفعة في فصل الصيف؛ والعناية الكافية لتستكمل نموها”.

وأضاف حسو أنه “في فصل الربيع النبات يكون في بداية نشاطه؛ ويتم معالجته بواسطة أدوية ليتحمل درجات الحرارة المرتفعة في الصيف, ليكتسب قوةً أكثر, أما في فصل الخريف فتتشكل على الأوراق والأشجار فضلات الديدان والحشرات، وبعد معالجتها بالأدوية تزول هذه الفضلات، وتؤدي إلى عدم إصابة الشجرة بأمراض في السنة المقبلة”.

مراحل إنبات البذور ضمن المشتل

وبخصوص المراحل التي يتم فيها إنبات البذور ضمن المشتل أفادنا حسو قائلاً: “تجلب البذور حسب احتياجات المشتل, ومن ثم توضع ضمن حاضنات التراب الهولندي “وهو بقايا أوراق النباتات التي تتخمر تحت الأرض على درجات حرارة معينة”، مع العلم بأنه يتم استيرادها من دول أوروبية”.

وأكد كاوا حسو في حديثه: “لا يمكن استخدام التراب الأحمر العادي لأنه هناك احتمالية أصابتها بالتعفن, وبعده توضع البذور ضمن التراب في الحاضنات, ويجب أن تكون الحاضنة رطبة خلال الـ 48 ساعة، وبعدها يتم فحص النبات بشكل دوري, وأقصى حد للإنبات هو أربعة أيام، وأكثرها خمسة عشر يوماً؛ وذلك حسب النوع النباتي وقساوة البذور، وبعد إنبات البذور يتم فرز الأنواع النباتية ووضعها ضمن الأكياس المخصصة للبيع, ليتم تربيتها ضمن الأكياس لمدة شهر ومن ثم تصبح جاهزة للزراعة”.

تأثير درجات الحرارة على النبات

وتحدث كاوا عن تأثير درجات الحرارة على الأشتال قائلاً: “النبات بشكلٍ عام يحبذ الجو المعتدل الذي تتراوح درجة حرارته بين (10 ـ 20) درجة مئوية, فإذا ازدادت الحرارة عن 20 درجة مئوية؛ يجب وضع النبات في جو رطب لتنخفض درجة الحرارة ويعود النبات إلى الجو المعتدل, أما في حال انخفضت الحرارة تحت الصفر فيجب زيادة تدفئة الجو, وفي الشتاء يجد النبات صعوبة في استكمال نموه؛ وذلك بسبب البرودة الشديدة”.

وتابع كاوا “أنه في بداية الربيع في الأشهر الثلاثة “شباط وآذار بالإضافة إلى شهر نيسان” يكون النبات في حالة نشاط، أما فصل الصيف تكون درجات الحرارة مرتفعة ويستطيع النبات تحمل حتى 40 درجة مئوية، والزيادة عن ذلك الحد، تحبذ تهيئة ظروف الرطوبة للنبات”.

النباتات التي تنجح زراعتها في المنطقة

وبخصوص النباتات التي تنجح زراعتها في المنطقة قال كاوا أن “الحراجيات تنجح زراعتها بشكلٍ عام في مناطق إقليم الجزيرة؛ مثل “السرو، والصنوبر، والكينا”, بالإضافة إلى أنواع كثيرة من الفاكهة إلى جانب أنواع من الورود كـ “الورد الجوري، والقزمي” ناهيك عن أنواع كثيرة وعديدة”.

وأضاف كاوا أن “الأسمدة بشكل عام تستخدم في زراعة النباتات كـ “الحديد، النحاس، المغنيزيوم، البوتاسيوم، بالإضافة إلى الفسفور”، ونسبة استخدم الأسمدة في النباتات ضئيلٌ جداً”.

تأثر الأولاد بالمهنة

العم نهيت حسو الملقب بـ “أبو كاوا” أورث هذه المهنة إلى ولده كاوا حسو, وكانت هذه المهنة كهواية ومصدر دخل للعم نهيت, ومن ثم اكتسبها كاوا, الذي يعمل حالياً في المشتل.

وكان العم نهيت قد ترك هذه المهنة لفترة من الزمن، ولكنه؛ عاد لمزاولتها وهي بمثابة هواية لديه، ليورثها لابنه كاوا ويحافظ على هذه المهنة.

كما أن المهن أيضاً لها الدور الكبير على الأبناء، غيفارا وسردار استوحيا الرسم من طبيعة عمل والدهم, تعلما فن الرسم وكان لهذه المهنة تأثير على أولاده يستوحون الرسومات والفنون الجميلة من الطبيعة التي كان يعمل بها والدهم, حيث أصبح كلا ولديه رسامان ولهما لوحات مميزة عن الطبيعة على حد وصف العم نهيت وتُعرض في المعارض العالمية في الدول الأوربية.

وبدوره يقول ماجد عثمان صديق العم نهيت؛ وكان يعمل في هذه المهنة منذ القدم وكان تأثير هذه المهنة كبيراً على أولاده, حيث أصبح ولداه رسامان ولديهما معارض في الدول الأوربية، وكان ذلك كله نتيجة تأثرهم بالطبيعة التي كان يعمل فيها والدهم وفتحت من مدارك الخيال واستلهام جمال الطبيعة من منظرها الخلاب.

وتعتبر المشاتل من أهم أسباب نجاح وتقدم النهضة الزراعية، حيث تعتمد على تطبيق الأساليب العلمية المتطورة المختلفة.