روناهي/ تل حميس ـ في قرية المجدرة، وعلى أطراف التاريخ الذي ينبض بالحياة، تقف مضافة الشيخ “بشير الهلوش” الأثرية، شامخة رمزاً للتقاليد والهوية الثقافية، فقد بناها “الشيخ بشير الهلوش”، وهي شاهد حي على القيم النبيلة التي تمثلها روح الضيافة العربية.
لاتزال تحافظ الأجيال المتعاقبة على مضافة “الشيخ بشير الهلوش” حتى يومنا هذا، من خلال مزيج متناغم بين الإرث العريق والحياة اليومية، في قرية المجدرة، وهي مثال حي للأصالة والتراث الذي يرفض الاندثار.
تاريخ المضافة ودورها المجتمعي
يعد الشيخ “بشير الهلوش” أحد أبرز شيوخ منطقة الطفيحيين، الذين تركوا بصمة قوية في تاريخ المنطقة وعاداتها الاجتماعية، وُلد عام 1921، في بيئة ريفية تجمع الأصالة والكرم، وكان ذا شخصية محورية في مجتمعه وعُرف بمواقفه التاريخية التي حفرت اسمه في ذاكرة الأجيال.
وبصدد معرفة المزيد عن مضافة الشيخ “بشير الهلوش”، زارت صحيفتنا “روناهي” المضافة في قرية “المجدرة”، في الريف الجنوبي لمدينة تل حميس، فالتقينا ابن الشيخ بشير الهلوش “منهل بشير الهلوش” والذي حدثنا عن مضافة والده التراثية والتاريخية: “كانت المضافة، في بداياتها قبل “1958” عبارة عن بيت شعر بسيط يعكس نمط الحياة البدوية التي كانت تعتمد على البساطة والعيش في الصحراء، ورغم تواضعها، إلا أنها كانت تحمل في طياتها معاني الكرم والترحاب، فقد كان وجهة لكل عابر سبيل”.
وتابع: “ففي عام “1958” قام والدي ببناء المضافة من الطين التي أصبحت رمزًا للضيافة والعراقة، وكانت في ذلك الوقت من المباني الضخمة والفاخرة بالمقاييس الريفية، وقد شكّلت المضافة مركزًا اجتماعيًا وسياسيًا كبيراً للعشائر، حيث كانت تستخدم لاستقبال الضيوف وحل النزاعات ومناقشة قضايا المجتمع”.
وأضاف الهلوش: “ومن أشهر مواقف والدي التي يرويها أهل المنطقة بفخر، أنه في يوم واحد قام بذبح “مائة شاه و13 بقرة” في عام 1962لإكرام ضيوفه، وذلك في اجتماع كبير للعشائر في مضيفه، حيث يعكس هذا الموقف مدى كرمه وسخائه، وكان ذلك تقليداً لاستقبال العشائر والضيوف بهذا الحجم رمزًا للزعامة والقوة الاجتماعية في ذلك الوقت”.
وأردف “منهل بشير الهلوش” في ختام حديثه: “كان والدي شخصية مترفة، عاش حياة مرفهة، ولكنه لم ينسَ واجبه تجاه أبناء عشيرته وكل من طلب عونه، كما كان يقدم المساعدة لكل من لجأ إليه، سواء كانت المساعدة مادية أو معنوية؛ ما جعله محبوبًا من الجميع”.
الاحتفاظ بالعادات والتقاليد الأصيلة
ورغم وفاته في عام”1972″، إلا أن إرثه لا يزال حيًا حتى يومنا هذا، ولا تزال مضافته قائمة وشاهدة على تاريخ هذه الشخصية العظيمة، حيث أصبحت الآن تحت إدارة الشيخ “منهل بشير الهلوش” وهو امتداد لنهج والده في المنزلة الاجتماعية.
يشار، إلى أنه تبقى مضافة الشيخ “بشير الهلوش ” رمزاً للكرم والضيافة العربية الأصيلة، لأنها تحتفظ بتقاليدها وعاداتها المتجذرة في عمق الثقافة العربية، التي تأصلت في المجتمع العربي، من بيت الشعر البسيط إلى مضافة الطين الضخمة، فإنها ليست مجرد بناء طيني، بل روح تعيش في قلوب الأهالي، وشاهد على قيمهم النبيلة التي ستظل خالدة على مر الزمن، فهي قلب المجتمع النابض لأنها تجمع الناس من مختلف الفئات، وتشكل رمزاً للوحدة والترابط.