رفيق إبراهيم
أُسِّس حزب العمال الكردستاني، في السابع والعشرين من تشرين الثاني، عام 1978، على يد مجموعة من الطلبة الماركسيين، ومن بينهم مؤسس الحزب، القائد عبد الله أوجلان، في قرية فيس التابعة لآمد، “ديار بكر”؛ بهدف إنهاء سياسة الإبادة والإنكار بحق الشعب الكردي، في تركيا، تلك السياسية التي مارستها الأنظمة التركية المتعاقبة، على مدار قرن من الزمن.
خلال المسيرة الطويلة، التي امتدت لنصف قرن من الزمن، عقد الحزب 11 مؤتمراً، وتوجها بالمؤتمر الثاني العشر الذي عقد ما بين الخامس والسابع، من أيار عام 2025، تلبية لنداء القائد عبد الله اوجلان، التاريخي، حول السلام والمجتمع الديمقراطي، المؤتمر خرج بقرارات هامة للغاية، ستساهم في إخراج عملية السلام من قمع الزجاجة، حيث أن الدولة التركية وحتى الآن تراوغ في خلق الأرضية القانونية والسياسية، للخوض في عملية سلام حقيقية.
القائد عبد الله أوجلان، وحزب العمال الكردستاني، دائما ما كانوا السباقين في مبادرات السلام، ووقف إطلاق النار من طرف واحد، وفي كل مرة كانت الدولة التركية وحكوماتها المتعاقبة تجهض مسارات السلام والديمقراطية، وعلى الرغم من ذلك، وتشديد العزلة الممنهجة عليه، إلا أنه جعل إمرالي قبلةً للسلام، والمبادرات، وكان نداؤه الأخير بدعوته للسلام والمجتمع الديمقراطي، في السابع والعشرين من شباط 2025، تاريخيا بكل ما تحمله الكلمة من معاني.
حزب العمال الكردستاني، من جهته بادر وبشكل مباشر، بوقف إطلاق النار من طرفه، تأكيداً على أنه يتوافق مع مبادرة القائد عبد الله أوجلان، وأنه رغم مرور 26 عاماً، على اختطافه لا يزال يقود الحزب بكل اقتدار، فهو الشخص والقائد المخول، بقيادة هذه المرحلة المصيرية من تاريخ الشعب الكردي، ولم يتأخر حزب العمال الكردستاني، في عقد مؤتمرة الطارئ، ولبى مطلب القائد العظيم والتاريخي للشعب الكردي، عبد الله أوجلان، وخرج بقرارات حاسمة، نحو التغيير والتجدد والتحول الديمقراطي.
انعقد المؤتمر الطارئ الثاني عشر لحزب العمال الكردستاني، واختتم، وفي جعبته الكثير من الحلول للمشاكل العالقة، ولعل من أهمها حل القضية الكردية سلمياً، وحصول الكرد على حقوقهم الكاملة، وإنهاء الصراع المسلح، واستبداله بالسير في عملية السلام، التي ستكون نتائجها واضحة، في المراحل المقبلة، وخاصة على الشعب الكردي، وشعوب المنطقة.
وبعد نضال حزب العمال الكردستاني، الذي دام مدة 47 عاماً، قدم خلالها تضحيات كبيرة، حول خلالها سياسات التهميش والإنكار والإبادة، بحق الشعب الكردي، إلى تغيير نظرة شعوب ودول العالم، حول القضية الكردية، ووضعها على طاولة المجتمع الدولي، ولعل ما تعيشه شعوب شمال وشرق سوريا اليوم، من حالة الحرية والديمقراطية، وأيضاً القضاء على الإرهاب، كان من الإنجازات الهامة، التي حققتها حركة التحرر الكردستانية، عبر مشروع الأمة الديمقراطية، ورائدها القائد والمفكر والفيلسوف العظيم عبد الله أوجلان.
حزب العمال الكردستاني، بعد عقد مؤتمره الطارئ، أنهى مهمته العظيمة، ومسيرته المليئة بالنضال، والمقاومة، بنجاح، واتخذ اليوم قرارات في غاية الأهمية، وهو مهد بذلك طريق السلام، وعلى الحكومة والبرلمان التركي، عدم تفويت هذه الفرصة التي لا تعوض، والقيام بمسؤولياتها التاريخية حيال نداء السلام، وتحقيق مطالب الشعبين الكردي والتركي، في العيش بوئام وسلام دائمين.