هيفيدار خالد
عقبَ انتشار تسجيل صوتي، أكد الكثيرون أنه مفبركٌ، ومنسوبٌ إلى شخص درزي يتضمن إساءات إلى “النبي محمد”، شهدتْ بلدةُ جرمانا القريبة من دمشق ويقطنها الدروز والمسيحيون، ليلة الثلاثاء الأربعاء الماضيين اشتباكاتٍ عنيفةً بين المجموعات المحلية المسلحة وعناصر ما يُسمَّى “الأمن العام” التابعة لسلطة دمشق، وامتدت ليلَ الثلاثاء الأربعاء إلى منطقة صحنايا التي يقطنها كذلك دروز ومسيحيون، أسفرت عن قتلى وجرحى، الأمرُ الذي أدى لتصاعد حدة التوترات والاشتباكات وتوتر الأوضاع. مراقبون للشأن السوري والعام اعتبروا هذه الاشتباكات ذات خلفية طائفية بحتة تقف وراءَها أطرافٌ لا تريد الاستقرارَ لسوريا.
هذه الأحداث الدامية جاءتْ بعد أكثر من شهر على المجازر والانتهاكات التي تعرض لها العلويون في الساحل السوري على يد عناصرَ أمنية تابعة لسلطة دمشق. وارتكبوا انتهاكات فظيعة بحق السكان في القرى العلوية وقُتل الآلاف بينهم نساء وأطفال وكبار في السن. كما أن مصير المئات مازال مجهولاً حتى اللحظة، والمئات منهم مازالوا يعيشون في العراء بلا ملجأ أو مأوى، والجثث تملأ الطرقات وتستمر الاقتحامات والاعتداءات.
سلطةُ دمشق مسؤولة عما يجري اليوم في جرمانا وصحنايا فمنذ سيطرتها على السلطة في البلاد، تدّعي حماية جميع الشعوب السوريّة إلا أن المجموعات العسكرية المنضوية تحت ما يُسمّى “وزارة الدفاع”، تدعو إلى قتل الشعوب السوريّة وتنفذ عمليات القتل الجماعي بحقهم أمام أنظار الجميع. بمعنى آخر وأدق، الشعب السوري يتعرض لمجازر وعمليات قتل جماعي، منذ وصول أحمد الشرع المعروف بالجولاني إلى السلطة والشعب يتعرض للمجازر، ولا يستطيع كما يزعم حماية جميع الشعوب، وتأمين الأمن والاستقرار وضبط العناصر الذين يعملون تحت حكمه.
من جهته أعرب مبعوث الأمم المتحدة الخاص إلى سوريا غير بيدرسون، عن قلقه البالغ إزاء “العنف غير المقبول” في سوريا، لا سيما في ضواحي دمشق وحمص. بدوره حمَّل مجلس سوريا الديمقراطية، سلطةَ دمشق كامل المسؤولية عن تدهور الأوضاع في جرمانا وصحنايا، وطالب بوقف فوري للعنف وبدء خطوات جدية نحو حل سياسي شامل. نعم، على الجميع العمل من أجل وقف مسلسل القتل والتهجير بحق جميع الأبرياء. بعد الأحداث الدامية أكدت وحثت القيادات الدرزية أيضاً على أهمية الحوار ورفضت محاولات الفتنة التي تدمّر حياةَ السوريين وخاصةً المدنيين، وخلاصهم من التهديدات التي يتعرضون لها تحت فوضى السلاح المنفلت بيد كثيرين.
نعم، تصاعد الاشتباكات بريف دمشق ينذر بتطوراتٍ خطيرة، ستكون لها تداعيات ونتائج سلبية على الوضع العام في البلاد والمنطقة أيضاً. كل هذه المجريات والمستجدات تؤكد مرةً أخرى، فشلَ سلطة دمشق في إدارة البلاد وحماية حقوق جميع السوريين، بل على العكس تماماً ساهمت سياسيات هيئة تحرير الشام الفاشلة في ضرب النسيج الشعبي بعضه ببعض، وكشفت عن الوجه الحقيقي لمخاطر التدخّلات الخارجية في الوضع السوري. من التدخّل التركي والدعم القطري والصمت الأمريكي والروسي؛ ليصبح بذلك الشعب ضحيةَ النفاق الدولي. من جهة أخرى لم يستطيعوا حلَّ مشاكل سوريا المتعلقة بالسلم الأهلي واستعادة السلام الوطني.. حتى الآن مازالت سوريا تحت الصفر أمنياً وسلمياً واجتماعياً وسياسياً والشعب هو من يدفع الفاتورة، ولا بد أن تنتهيَ هذه المأساة وهذه المعضلة.