جل آغا/ أمل محمد – “فجرة خليل” امرأة في عقدها الخامس من العمر تمارس حياتها بالطابع الريفي البسيط بالرغم من التطور الحضاري الذي شمل مختلف جوانب الحياة، حيث أكدت، أن للريف نكهة فريدة تنبثق من جذور الماضي ويضيف للحياة رونقاً آخر.
عاشت المرأة الريفية في إقليم شمال وشرق سوريا في انسجام وتناغم مع الطبيعة، وتكيفت مع عملها بكل دقة، فالمرأة الريفية كانت ولاتزال قوة للاقتصاد ولا يمكن الفصل بينها وبين الريف حتى يومنا هذا، فغالبية النساء تمتهن الحرف الريفية وتُبدع في ذلك، بالرغم من التطور الحضاري إلا أن الريف لا يزال يحتفظ بوجوده ومكانته ولا يزال يجد الكثيرون في الريف الهوية والتاريخ.
طقوس يومية على الطريقة الريفية
وفي قرية قرغو التابعة لكركي لكي، لا تزال “فجرة خليل”، تمارس طقوس حياتها اليومية على الطريقة الريفية القديمة، من صناعة الخبز إلى إعداد مؤونة الشتاء ومروراً بتربية الأبقار والماشية وزراعة الخضار، ففي زيارةٍ لصحيفتنا “روناهي” منزلها حدثتنا فجرة: “مقارنةً مع الماضي فكل شيء قد تغير، الحياة أصبحت أكثر سلاسة وبساطة، الزمن تغير وأصبحت الحضارة والتطور السبيل الوحيد لممارسة الأعمال وإدارة شؤون الحياة”.
وتابعت: “لقد مارست عدة أعمال، حالي حال باقي النساء الريفيات فالعمل في مختلف الأعمال كان إرثاً متوارثاً، والمرأة كانت ولا تزال الأساس في العمل، ولا يمكن الاستغناء عنها وعن خبرتها، حيث عملنا في الزراعة وتربية المواشي والخياطة وصناعة الخبز وجمع الحطب وغيرها من الأعمال، اليوم كل هذا متوفر، ولكن بالرغم من ذلك فإني أدير شؤون المنزل بالطابع الريفي أجد في ذلك متعة”.
وتمتلك “فجرة” قطعة أرض في فناء المنزل مزروعة بعدد من أشجار الفاكهة، وكما تستغله في زراعة الخضار في الموسمين الشتوي والصيفي، وتعتمد على خيرات هذه الأرض عوضاً عن شرائها من الأسواق، والتي تبعد مسافة طويلة عن القرية.
مؤونة بلمسات ريفية
وتحترف فجرة خليل بصناعة المؤونة من مكدوس وجبن ولبنة وغيرها وعن هذا حدثتنا: “المرأة الريفية تمتلك الخبرة في المهن والحرف كافة، ففي المدن يتسابق الأهالي إلى شراء المؤونة والأطعمة الجاهزة من الأسواق، ولكن نحن على خلاف ذلك نصنع مونتنا بأيدينا، مضيفةً، حيث أنني أصنع الجبن واللبنة و”السيرك” بكميات كبيرة، وأخصص قسماً منها لأبنائي المتزوجين خارج القرية”.
وفي القرى يعتمد الأهالي على الخبرة وخيرات الأرض هكذا تابعت فجرة حديثها: “نعم نتبضع في الأسواق ولكن في القرى كل فرد له دور وعمل، المرأة تجيد الأعمال المنزلية كلها، والرجل يحترف في تربية المواشي والزراعة وكذلك الأطفال لا يمكن الاستغناء عنهم”.
وزادت: “فإننا نكتفي من خيرات الأرض، ونعتمد على جهد اليد في إدارة شؤوننا، حيث لهذه الأعمال طعم مميز، فسهولة العيش تجعل الفرد شخصاً مهمشاً لا دور له”.
إرث متوارث.. هوية ووجود
وتعد المرأة الريفية رائدة بالنظر لتعدد الوظائف الملقاة على كاهلها، حيث اختتمت “فجرة خليل” حديثها: “الأعمال التي نقوم بها اليوم لا تُساوي 20 بالمائة من أعمال الماضي، ففي السابق كنا نحرث الأرض ونزرعها ونعد الطعام ونربي الماشية ونجمع الحطب، واليوم نقوم بالشيء البسيط، فالخبز أصبح جاهزاً وحراثة الأراضي أصبحت مهمة الآليات الحديثة، والملابس أصبحت تُشترى جاهزة، وفي وقتنا الراهن نقوم بالأعمال الريفية البسيطة؛ لكي نحافظ قليلاً على إرثنا وحضارتنا الريفية ونقلها للأجيال القادمة”.