قامشلو/ دعاء يوسف – في مشهد يعكس قوة الإرادة وجمال الإبداع، شاركت نساء من ذوي الهمم في قسم الأعمال اليدوية بفعاليات مهرجان “أدب وفن المرأة” العاشر، وقد لاقت هذه المشاركة اهتمامًا واسعًا من الزوار والمنظمين، لما حملته من رسائل إنسانية وثقافية بالغة الأثر.
تأتي مشاركة ذوي الهمم هذا العام تأكيدا لفلسفة المهرجان الشاملة، التي تسعى إلى تمكين المرأة بمختلف فئاتها، وإتاحة المساحات العادلة للتعبير الفني والثقافي، بعيدًا عن الحواجز الجسدية أو الاجتماعية.
وقد خُصص قسمان لهذه الفئة من المجتمع في مهرجان أدب وفن المرأة العاشر، الذي أقيم في حديقة آزادي في قامشلو تحت شعار “الفن الحر بلون وصوت المرأة” واستمر لثلاثة أيام على التوالي.
فن يتحدث بلغة الإرادة
وفي جناح الأعمال اليدوية في قسم منظمة السفراء لذوي الهمم، مجموعة مبهرة من المعروضات التي تنوعت بين “التطريز، والحياكة، والإكسسوارات، والرسم على القماش، وصناعة السجاد”، أنجزتها نساء من ذوي الهمم الجسدية والسمعية، بإشراف ورشات دعم فني ونفسي في منظمات تهتم بشؤونهم، وكانت الأعمال تحمل في تفاصيلها قصصًا شخصية مليئة بالتحدي والإصرار.
حيث عبرت إحدى المشاركات في هذا القسم من مدينة عامودا “نادية عبد الحليم” والتي تعاني من شلل في قدمها منذ الطفولة، من خلال حديثها مع صحيفتنا “روناهي”، عن فخرها بالمشاركة: “أشعر بأنني جزء من مجتمع يحتفي بي ويمنحني قيمة، الفن يعيد الثقة بالنفس”.
ونوهت، إلى أنها بالرغم من تركيب صفائح في قدمها بسبب حادث قريب لم تتوانَ عن المشاركة في المهرجان: “لم تكن مشاركتي بالمستوى المطلوب، ولكنني أردت أن شارك مع صديقاتي كدعم نفسي لهن، وبهذه المشاركة أردنا أن نبرهن أن ذوي الهمم لسن متلقيات فقط، بل صانعات للثقافة، ومساهمات في بناء مجتمع أكثر وعيًا وشمولًا”.
ودعت في ختام حديثها، النساء من ذوي الهمم إلى إظهار إبداعهن وتعلم حرف تساعدهن في التغلب على الإعاقة وتدعمهن في المستقبل.
دعم وتفاعل جماهيري
وقد شاركت منظمة نودم للتنمية والتأهيل لذوي الهمم بمزروعات من الزهور، وشارك جناح منظمة السفراء لذوي الهمم بالمنسوجات الصوفية والسجاد من أربع نساء من ذوي الهمم، حيث حظي الجناحان بزيارة عدد كبير من الحضور، حيث أشاد الزوار بجمالية المنتجات ودقتها، وأبدوا إعجابهم بالرسائل التي تنقلها تلك الأعمال.
وقد رُصت أصص الزهور المزينة بألوان نابضة بالحياة، والتي زُرعت ونُسقت بأيادٍ نسائية متحديات الإعاقة الحركية والذهنية، في عمل جماعي دام لأسابيع قبل المهرجان، وكل أصيص حمل اسماً أو عبارة خاصة، عبّرت فيها المشارِكات عن أحلامهن، وحبهن للطبيعة، ورغبتهن في المشاركة بالحياة الثقافية والبيئية لمجتمعهن.
فبينت مديرة منظمة نودم “دافيان محمد“: “إن الزهرة لا تتكلم، لكنها تبهج من يراها، نحن أيضًا، نريد أن يُنظر إلى ذوي الهمم جزءاً من الجمال لا استثناء”.
فاختيار أصص الزهور لم يكن مجرد عرض نباتي، بل تحوّل إلى مساحة للتعبير والتواصل غير اللفظي، حيث عبّرت النساء المشاركات من ذوي الهمم في هذا المشروع عن مشاعرهن من خلال تنسيق الألوان، واختيار الزهور للأصص، ما منحها طابعًا شخصيًا وإنسانيًا مميزًا.
وقد نوهت دافيان، أن كل أصيص هنا هو شهادة على أن الفن لا يحتاج إلى جسد كامل، بل إلى قلب حيّ وروح قادرة على الإبداع.
ويمكن القول: إن قسما منظمة نودم ومنظمة السفراء للسلام كانا رسالة صامتة، لكنها بليغة، وهي، أن ذوي الهمم جزء لا يتجزأ من نسيج المجتمع، وأنهم مثل الزهور، قادرون على النمو رغم الظروف، وعلى منح الجمال والمعنى لمن حولهم.
التوصيات المستقبلية
ـ إنشاء ورش عمل مستدامة لذوي الهمم ضمن الفضاءات الثقافية طوال العام.
ـ دعم تسويق المنتجات الفنية لذوي الهمم عبر معارض محلية ودولية.
ـ تعزيز التعاون بين الجمعيات النسوية ومراكز تأهيل ذوي الهمم لإنتاج مشاريع مشتركة.
يذكر، جسدت مشاركة ذوي الهمم في مهرجان “أدب وفن المرأة” العاشر لوحة إنسانية مؤثرة، تؤكد أن الإبداع لا يعرف حدود الجسد، وأن كل صوت نسائي يستحق أن يُسمع ويُحتفى به، إنها خطوة نحو مجتمع أكثر احتواءً وعدالة، حيث يصبح الفن وسيلة للشفاء، والتعبير، والاندماج الحقيقي.