روناهي/ تل حميس ـ يعدّ مزار الشهداء في مدينة تل حميس من أهم المعالم الرمزية في المنطقة، حيث يمثل ذاكرة حية لتضحيات الشهداء، الذين قدموا أرواحهم في سبيل الدفاع عن القيم والكرامة الإنسانية.
لا يعد مزار الشهداء في مدينة تل حميس، مكاناً للتأمل فقط، بل صرح يروي حكايات النضال ويُذكّر الأجيال الحالية والمستقبلية بما بذله الشهداء من تضحيات عظيمة.
فقد أصبح المزار وجهة يومية لأهالي المنطقة ومقصداً للزوار من مختلف القرى، لأنه ساهم أبناؤهم الشهداء في تحرير مدينة تل حميس وغيرها من المناطق، ويحتضن هذا المزار المئات من الشهداء العرب والكرد، تعبيراً عن أخوة الشعوب التي حاربت ضد مرتزقة داعش والاحتلال التركي.
مزار الشهداء في تل حميس
ولمعرفة المزيد عن مزار الشهداء بتل حميس، التقت “صحيفتنا “روناهي” الرئيس المشترك لعوائل الشهداء والمشرف العام عن شؤون المزار “خالد نايف آل العبد الله“، والذي حدثنا بدايةً عن تاريخ افتتاح المزار: “أسس مزار الشهداء في مدينة تل حميس بتاريخ 9/8/2017، وكان أول من دُفن فيه الشهيد “راغب أحمد العطية”، الذي ضحى بروحه في سبيل الدفاع عن الحرية والكرامة”.
وتابع: “وتخليدًا لذكراه، أطلق اسم الشهيد على المزار ليصبح “مزار الشهيد راغب أحمد العطية”، ومنذ ذلك الحين، أصبح المزار رمزًا يقصده الأهالي لتكريم ذكرى الشهداء الذين ضحوا بأرواحهم من أجل الوطن”.
عدد الشهداء في المزار
وتابع العبد الله: “يرقد في مزار الشهيد (راغب أحمد العطية) حتى يومنا هذا، قرابة 117 شهيداً، من كرد وعرب، ممن جعلوا من أنفسهم مشاعل نور للرية والوطن”.
وأضاف: “ولكل شهيد منهم قصة وتضحية بطولية في سبيل الدفاع عن الأرض والإنسان، ففي كل قبر اسم الشهيد وتاريخ استشهاده، وهذا يؤكد أن الشهداء مشاعل نور لما قدموا من القيم والمبادئ الإنسانية”.
وبدوره قال المسؤول المباشر عن إدارة الشهداء “صالح محمد الخلف“: “يقع المزار على مساحة تقارب خمسة دونمات، وهو منظم بطريقة تعطي الاحترام الكبير للشهداء، الذين يرقدون فيه، ففي تنتشر أشجار الزيتون والسرو في أرجاء المزار، إلى جانب مساحات مزروعة بالورود الملونة، هذه الأشجار والورود تضفي على المكان سكينة ووقاراً، وتجعل منه بيئة مناسبة للتأمل والتعبير عن الامتنان”.
وتابع: “كما يحتوي المزار على بركة صغيرة للمياه في وسطه، تُستخدم رمزاً للحياة والخلود، ما يعزز القيمة الروحية للمزار. فالتصميم العام يدمج الطبيعة مع رمزية التضحية؛ ما يمنح الزوار تجربة مليئة بالمشاعر العميقة”.
كما أفادنا المسؤول المباشر عن إدارة الشهداء “صالح محمد الخلف” في ختام حديثه، بأنه يعمل في المزار فريق من العمال ممن يتولون مسؤولية تنظيفه والعناية بالأشجار والمساحات الخضراء، حرصاً على بقاء المزار في أفضل حالاته بشكل دائم”.
مزار الشهداء ملتقى روحاني للمجتمع
وأردف الخلف: “ولا يقتصر مزار الشهداء على أنه مكان لقبور، بل هو أيضًا ملتقى روحاي للمجتمع، حيث تقام فيه فعاليات سنوية إحياءً لذكرى الشهداء، ويتجمع الأهالي والمسؤولون لتكريم ذكرى الأبطال الذين ضحوا بأرواحهم”.
يشار، إلى أن وجود مزار الشهداء في تل حميس، يعزز روح الانتماء لدى السكان، ويُذكّرهم بواجباتهم تجاه الوطن، كما أن زيارته تُعدُّ جزءًا من التقاليد الاجتماعية والدينية، حيث يحرص الأهالي على زيارة قبور الشهداء في المناسبات الوطنية والدينية.
كما يمثل رسالة واضحة للأجيال القادمة، وهي: أن النضال والتضحيات هما أساس الحرية والكرامة، فالشهداء الذين يرقدون هنا هم أبطال حقيقيون، يستحقون أن نحافظ على ذكراهم وأن نعمل على تحقيق القيم التي ضحوا من أجلها.
لذا، نجد بأن مزار الشهداء يبقى شاهدًا على عظمة التضحيات التي قُدمت، ومكانًا يزوره كل من يؤمن بقيم الحرية والعدالة، فإنه رمز خالد يربط الماضي والحاضر، ويؤكد أن دماء الشهداء لن تُنسى أبدًا.