الحسكة/ محمد حمودـ في ظلِّ التهديدات المتجددة لمرتزقة داعش واستغلالها للاضطرابات الأمنية في المنطقة، نفذت قوى الأمن الداخلي ـ المرأة، بالتعاون مع وحدات حماية المرأة حملة أمنية استباقية في مخيمِ روج.
وجاءت العملية بناءً على معلومات استخباراتية عن تحركات مشبوهة لخلايا نائمة تسعى لإعادة تنظيم صفوفها، مستغلةً الاضطرابات الأخيرة والهجمات التركية على سد تشرين، فما أبعاد هذه الحملة وانعكاساتها؟
حملة أمنيّة مُكثفة في مخيمِ روج
وفي خطوةٍ استباقية لمواجهة التهديدات الأمنية المتجددة، اختتمت قوى الأمن الداخلي – المرأة بالتعاون مع وحدات حماية المرأة حملة أمنية مُكثفة في مخيم روج، الذي يضمُّ أسر عناصر مرتزقة داعش.
وجاءت العملية التي استمرت ثلاثة أيام بناءً على معلومات استخباراتية دقيقة عن تحركات مشبوهة لخلايا نائمة تسعى لإعادة تنظيم صفوفها، مستغلةً الاضطرابات الأمنية الأخيرة في المنطقة.
تفاصيل الحملة وأهدافها الاستباقية
وقد أعلنت القيادة العامة لقوى الأمن الداخلي – المرأة في بيانٍ رسمي، إن الحملة شملت عمليات تفتيش دقيقة ليلاً ونهاراً، بالاعتماد على معلومات استخباراتية تُفيد بمحاولات مرتزقة داعش تجنيد أفراد جُدد، خاصةً من الأطفال والنساء، داخل المخيم.
كما كشف البيان عن سعي الخلايا الإرهابية لاستغلال التصعيد العسكري الأخير، بما في ذلك الهجمات التركية على سد تشرين، لإثارة الفوضى وتوسيع نفوذها.
ووفقاً للمصادر الأمنية، فإن هذه الحملة تأتي ضمن سلسلة عمليات تهدف إلى:
ـ منع تجدد نشاط داعش، خاصةً بعد التقارير التي تشير إلى تحركات مشبوهة بين الأسر الموالية للمرتزقة.
ـ قطع الطريق على محاولات التجنيد، التي تستهدف الفئات الضعيفة، لا سيما الأطفال الذين يُعتبرون وقوداً مستقبلياً للمرتزقة.
ـ تعزيز الأمن في المخيمات، التي تُشكّل بيئة خصبة لانتشار الأفكار المتطرفة بسبب الاكتظاظ وضعف الخدمات.
آراء المدنيين.. بين التأييد والتحذير من مخاطر التهديد المستمر
وفي السياق، تحدث المواطن “عبد السلام محمد”، من مدينة الحسكة، لصحيفتنا روناهي: “جاءت الحملة في وقتها، فالكثير منا سمِع في الفترة الأخيرة تحركات غريبة داخل المخيم، وبعض الأسر لا تزال متمسكة بأفكار داعش، وهناك مخاوف من أن يستغلوا الاضطرابات الحالية، خاصةً مع الهجمات التركية على سد تشرين، لزعزعة استقرار المنطقة”.
وأضاف: “هذه العمليات الأمنية ضرورية لضمان عدم عودة الإرهاب، لكننا نطالب أيضاً بتحسين أوضاع المخيمات، لأن الفقر واليأس هما ما يدفعان البعض نحو التطرف”.
أما المواطن “عبد القادر درباس” فقال: “نشكر قوات الأمن على جهودها، لكن الخطر لا يزال قائماً. داعش ليس مجرد أفراد، بل فكرة قادرة على التجدد إذا لم تُواجه بخطواتٍ جذرية”.
وأردف: “الهجمات التركيّة الأخيرة ودعمها للمجموعات المسلحة أعطت دفعة معنوية لبقايا المرتزقة. يجب أن تترافق الحملات الأمنية مع مشاريع إعادة تأهيل القاطنين في المخيمات، وتوعية مكثفة ضد الأفكار المتطرفة.”
السياق الأوسع.. ارتباط التهديد الداعشي بالعدوان التركي
وتشير تحليلات أمنية، إلى أن مرتزقة داعش يعملون على استغلال أي فرصة ليعيدوا تنظيم صفوفهم، خاصةً في ظلِّ الاضطرابات الناجمة عن الهجمات التركية على البنية التحتية، مثل “سد تشرين”، ما يشغل القوى الأمنية بجبهات متعددة.
إضافةً إلى الدعم التركي للمرتزقة التابعين لها، التي تتقاطع أحياناً في مصالحها مع بقايا داعش، سواء في المناطق الحدودية أو داخل المخيمات، كما أن الأوضاع الإنسانية الصعبة في المخيمات، تجعل بعض القاطنين فريسة سهلة للتجنيد.
ضرورة تكامل الدورين الأمني مع الإنساني
وتكشف الحملة الأخيرة في مخيم روج، عن حقيقة مفادها أن مواجهة الإرهاب تتطلب أكثر من الإجراءات الأمنية، فبينما تُثني القوات الأمنية محاولات داعش للانبعاث، يبقى التحدي الأكبر هو معالجة الأسباب الجذرية للتطرف، مثل الفقر والإهمال الدولي للمخيمات.
كما أن استمرار العدوان التركي يُشكّل عاملاً مُحفزاً لعدم الاستقرار، مما يستدعي تضافر الجهود المحلية والدولية لمواجهة هذا الخطر المزدوج.
يُذكر، إن الحملة الأمنية في مخيم روج ليست سوى حلقة في سلسلة طويلة من المواجهة مع الإرهاب، نجاحها سيعتمد على مدى تكاملها مع سياسات تعالج جذور الأزمة، وتحاصر الفكر المتطرف قبل أن يحاصر المجتمع، وذلك عبر الدعم الدولي لهذه الجهود.
