في قلب ريف الحسكة، وبين الحقول الجافة، التي كانت يوماً ما تنبض بالحياة، تنطلق نوال الأحمد كل صباح، في رحلة جمع أعشاب الربيع. فوسط ضغوط الحياة والأوضاع الاقتصادية المتدهورة، تحولت هذه النباتات البرية إلى مصدر رزق أساسي للعديد من العائلات، التي لم تجد بديلاً لمواجهة تحديات المعيشة.
في ظل الأوضاع الاقتصادية الصعبة التي تعاني منها عموم المنطقة، تلجأ العديد من النساء الريفيات إلى جمع الأعشاب الربيعية وبيعها في الأسواق لتأمين لقمة العيش لأسرهن. ومن بين هؤلاء النساء، نوال عيد الأحمد، البالغة من العمر خمسين عاماً، من قرية الحمة في ريف الحسكة.
جمع الأعشاب الربيعية مصدر رزق أساسي
وبين الحقول الجافة التي كانت يوماً ما تنبض بالحياة، تنطلق نوال الأحمد كل صباح في رحلة البحث عن أعشاب الربيع، تخطو بثبات وسط الأراضي التي تأثرت بتغير المناخ وشح الأمطار، تبحث عن نباتات كانت فيما مضى تغطي الحقول بكثافة. تمضي ساعات طويلة وهي تجمع الأعشاب المختلفة، ملتقطة كل نبتة صالحة للبيع أو للاستهلاك المنزلي.
فوسط ضغوط الحياة والأوضاع الاقتصادية المتدهورة، تحولت هذه النباتات مصدر رزق أساسي للعديد من العائلات، التي لم تجد بديلاً لمواجهة تحديات المعيشة، وعلى الرغم من الجهد الشاق الذي تبذله النساء الريفيات، فإن الجفاف المتزايد جعل هذه المهنة تحدياً إضافياً، حيث أصبحت الأعشاب أكثر ندرة، ما دفع النساء إلى البحث في أماكن أبعد ولأوقات أطول على أمل العثور على ما يسد احتياجاتهن اليومية.
حيث قالت نوال الأحمد: “أعمل في جمع الأعشاب الربيعية والبقوليات، وبعدها نقوم ببيعها في أسواق مدينة الحسكة، من أجل تأمين لقمة العيش”.
وتعدّ الخبيزة من أبرز النباتات التي تجمعها، نظراً للإقبال الكبير عليها هذا العام. ويصل سعر الكيلوغرام الواحد من الأعشاب الربيعية إلى أربعة آلاف ليرة سورية، ما يجعلها مصدر دخل مهم للعائلات التي تعتمد على هذه المهنة.
الأعشاب الطبيعية وأهميتها
وتعد الأعشاب الربيعية، مثل “الخبيزة، والقنيبر والمرير”، مصدراً غنياً بالفيتامينات والمعادن التي يحتاجها الإنسان، فهي ليست فقط بديلاً غذائياً صحياً، ولكنها أيضاً تلعب دوراً في الطب الشعبي لعلاج العديد من الأمراض.
وتعتمد النساء في الريف على هذه الأعشاب لطهي الوجبات التقليدية، ما يسهم في الحفاظ على التراث الغذائي المحلي ويقلل من الحاجة إلى شراء الخضروات المكلفة.
تأثير الجفاف على نمو الأعشاب الطبيعية
ويعاني ريف الحسكة كباقي المناطق هذا العام من الجفاف الذي أثّر بشكل كبير على نمو الأعشاب الطبيعية هذا العام، وأوضحت نوال: “بسبب حالة الجفاف لم تنمُ الأعشاب الربيعية بشكل كافٍ، ولذلك لم نتمكن هذا العام من الاستفادة منها كما في السنوات السابقة”.
فوائد الاعتماد على الطبيعة في تأمين الغذاء
ويعدّ الاعتماد على الطبيعة في تأمين الغذاء حلاً مستداماً في ظل الأوضاع الاقتصادية الصعبة. فجمع الأعشاب الربيعية يسهم في تقليل الاعتماد على المنتجات الزراعية المكلفة ويعزز الأمن الغذائي للأسر الفقيرة. كما أن استخدام النباتات الطبيعية يحافظ على الصحة ويقلل استخدام المواد الكيميائية والمبيدات التي تلوث البيئة.
مطالبات بالدعم والمساعدة
وأمام هذه التحديات، تطالب “نوال الأحمد” الجهات المعنية بتقديم الدعم للمزارعين والفلاحين، خاصة في ظل الجفاف وانخفاض الإنتاج الزراعي، وتؤكد أن المساعدة ستسهم في تحسين ظروف العائلات الريفية، التي تعتمد على الزراعة، وجمع الأعشاب كمصدر رزق أساسي.
ويبقى جمع الأعشاب الربيعية أحد الحلول المتاحة للنساء الريفيات في الحسكة، ولكنه حل مؤقت لا يغني عن ضرورة توفير دعم مستدام يضمن استمرار الحياة الكريمة للعائلات التي تعيش في هذه الظروف الصعبة.
وكالة هاوار للأنباء