قامشلو/ سلافا عثمان – في إقليم شمال وشرق سوريا، حيث التنوع الثقافي والغنى بالقصص، دخلت “نسريا بدران محمود” من مدينة قامشلو، عالم الإعلام في سن الـ 51 عاماً، رغم أن عمرها لم يكن مألوفاً في هذا المجال، وجدت نفسها في تجربة جديدة وغير متوقعة، أثبتت من خلالها أن الشغف لا يرتبط بمرحلة عمرية معينة.
في كثير من الأحيان، يُعتقد أن النجاح مرتبط بمرحلة عمرية معينة، وأن الفرص تكون أكثر وفرة للشباب، بينما تقل كلما تقدم الإنسان في العمر، لكن هناك تجارب تثبت عكس ذلك، حيث تمكن البعض من خوض مجالات جديدة في سن متأخرة، وحققوا إنجازات مميزة، من بين هذه القصص الملهمة، تبرز تجربة “نسريا بدران محمود”، التي بدأت مسيرتها الإعلامية في عمر الـ 51 عاماً، متحدية التوقعات ومثبتة أن الشغف لا يعرف عمراً.
برنامج “هيفي”.. نافذة للقرى وأهاليها
تعمل “نسريا بدران محمود”، إدارية في منظمة سارا بإقليم شمال وشرق سوريا، إلى جانب تقديمها برنامجاً تلفازياً، وتؤكد نسريا بأنها خاضت تجربة جديدة في حياتها المهنية عندما انضمت إلى مجال الإعلام قبل ستة أشهر، رغم أن عمرها تجاوز الخمسين (51 عاماً)، وجدت نفسها أمام فرصة غير متوقعة عندما أعلنت قناة “ستيرك” عن حاجتها لمذيعين لبرنامج جديد يحمل اسم “هيفي”، وهو برنامج يسلط الضوء على القرى والحياة الريفية، حيث يتم في كل حلقة زيارة قرية مختلفة، والتعرف على سكانها وعاداتهم وتقاليدهم.
وعندما تلقت “نسريا” العرض، شعرت في البداية بالتردد، حيث كانت ترى أن غالبية العاملين في المجال الإعلامي من فئة الشباب، ما جعلها تتساءل عما إذا كانت مناسبة لهذا الدور، إضافة إلى ذلك كانت قلقة من ردود فعل الأهالي ومدى تقبلهم لظهورها مقدمة للبرنامج، تساءلت عما إذا كانوا سيرونها مؤهلة لهذا العمل أم أنهم سيعتبرونها كبيرة في السن بالنسبة لمثل هذه النوعية من البرامج.
لكن مع مرور الوقت، وجدت أن مخاوفها كانت بلا مبرر، حيث لاقت ترحيباً واسعاً من الأهالي، الذين أظهروا دعمهم لها وشجعوها على الاستمرار: “إن هذا التقبل الإيجابي غيّر نظرتي تماماً، وجعلني أدرك أن العمر لا يجب أن يكون حاجزاً أمام الإنسان لتحقيق أحلامه وخوض تجارب جديدة، على العكس أصبح البرنامج هدفاً كبيراً لي، وأصبحت أكثر إصراراً على تطوير مهاراتي الإعلامية وتحقيق نجاح أكبر في هذا المجال”.
أوضحت “نسريا” أن أكثر ما جذبها لهذا البرنامج هو طبيعة العمل الميداني، حيث تذهب إلى القرى وتتعرف على أهلها عن قرب، ووصفت سكان القرى بأنهم بسطاء وودودون للغاية، وأنهم تعاملوا معها وكأنها واحدة منهم، مما جعلها تشعر بالراحة والاندماج التام معهم: “إن أهالي القرى عندما يروني يشعرون بالألفة والطمأنينة، وهذا ساعدني على تقديم البرنامج بطريقة طبيعية وعفوية، دون أي حواجز بيني وبين الأهالي”.
الإصرار لا يعرف عمراً
كما أشارت إن برنامج “هيفي” يُعرض على قناة “ستيرك”، ويُبث مرتين في الشهر، تحديداً يوم الاثنين كل خمسة عشر يوماً، في تمام الساعة الرابعة مساءً: “إن عملية الإعداد للبرنامج تشمل ترتيب الحلقات، اختيار القرى، والتحضير لمقابلات مع الأهالي، مما يتطلب جهداً كبيراً لضمان تقديم محتوى جذاب ومفيد للمشاهدين”. في ختام حديثها شددت “نسريا بدران محمود”، على أن هذه التجربة كانت ذات قيمة كبيرة لها، ليس فقط على الصعيد المهني، بل على المستوى الشخصي أيضاً، فقد تعلمت أن العمر لا يجب أن يكون عائقاً أمام تحقيق الطموحات، بل يمكن للإنسان أن يبدأ مسيرته في أي مجال متى ما وجد الشغف والدافع، وأنها تطمح إلى تطوير مهاراتها الإعلامية بشكل مستمر، وتسعى إلى تقديم محتوى أكثر جودة وتأثيراً في المستقبل، معبرة عن سعادتها الكبيرة بهذه الفرصة التي منحتها تجربة جديدة ومميزة في حياتها”.