قامشلو/ دعاء يوسف ـ على خشبة مسرح المركز الثقافي التابع لحركة ميزوبوتاميا ومركز محمد شيخو للثقافة والفن، لعبت المرأة أدواراً متعددة، وأثبتت جدارتها، وقوة أدائها، وبالرغم من حضورها القليل في مجال الإخراج والتأليف، إلا أنّها كانت سيدة أغلب المسرحيات محاكية واقع وقصص لامست قلوب المتلقين.
انطلقت عروض مسرحيات مهرجان الشهيد “يكتا هركول” بدورته السابعة، في الخامس من نيسان الجاري بمعدل مسرحيتين يومياً، وتستمر على مدار ستة أيام، وكان للمرأة إبداع مميز في مهرجان المسرح، الذي حمل شعار “الوطني الحقيقي الفنان الشجاع”، فقد شاركت العديد من الفرق المسرحية المتنوعة، وكان لها دور كبير في المسرحيات في إضاءة، أو الإخراج أو التمثيل أو التأليف.
سيدة الحضور على المسرح
ففي أول مسرحية “الموسيقا الحمراء” التي كانت الانطلاقة الأولى في مهرجان الشهيد “يكتا هركول” وقد سلّطت المرأة الضوء على الصعوبات والمعاناة التي تواجهها في الحياة، والعقبات التي يخلقها الرجل أمام طريقها، وقد استطاعت الممثلة أن توصل الرسالة إلى الجمهور، بالرغم من أن المسرحية كانت باللغة السورانية، غير المألوفة لدى جمهور المنطقة، وفي نهاية المسرحية جسدت خوف المرأة بظهور عازف أنثى تنكرت في قناع الذكورية لتعيش في مجتمعٍ يمنع النساء من العزف.
أما مسرحية “صورة” حاكت وجهاً آخر، فجسدت صوراً من ذكريات كردستان ومجازر حاكتها تعابير الممثلة ومعالم وجهها، وقد حملت المسرحية رسالة أن “خلف كل دمار وألم ولادة، حياة جديدة، فالقلب يتشبث بالحياة ليزهر من جديد حاملاً ذكرى الماضي، التي تزيده صلابة وقوة”.
وتوالت المسرحيات، واختلفت الصور والعروض فكانت، تارو نويا للإيجار، وشهنازي وحنين، وكوميديا الأيام السبعة وغيرها من الأعمال المميزة، التي جسدت عروض مونودراما فنية متنوعة، وناقشت قضايا وقصصاً منها الكوميدي، ومنها المأساوي.
وقد قدمت العديد من الفرق من خارج مناطق إقليم شمال وشرق سوريا عروضاً في المهرجان لأول مرة، إذا شاركت فرق من كركوك، وباشور كردستان، والداخل السوري من السويداء، فكان عن حق مهرجان الشهيد “يكتا هركول” مهرجاناً مسرحياً محلياً ودولياً.
وبينت ممثلة مسرحية “إيجار” للفرقة القادمة من السويداء “فادية أبو ترابي” أنهم بمشاركتهم في المهرجان المسرحي للشهيد “يكتا هركول” لهذا العام أرادوا إيصال رسالة أن الفن يتغنى بتنوعه وجماله، ونوهت: “لقد كان طريق قدومنا صعباً، ولكنها تجربة تستحق أن نخوضها فقد رأينا الإبداع على خشبة مسرح مدينة قامشلو، وليس المهرجان فقط فسحة للعروض المسرحية بل فرصة لتلاقي الإبداع، وخلق أفكار وقصص جديدة، وتطوير الذات”.
كما ترى أنها أعجبت بالعروض التي قدمت: “إن فن المونودراما صعب، وقد استطعنا إيصال رسائلنا بالتعبير والمشاعر بلغة مسرحية معبرة، على خشبة مسرح مميز حتى التقى الممثل والنص والمكان، مع الجمهور الذي تفاعل مع العروض كلها بمهارة الحاضر الناقد؛ ما شكل منظرا وقيمة مبدعة ومتطورة”.
وقد حاكت مسرحية “إيجار” معاناة الأمهات، اللواتي فقدن أطفالهن في الحرب: “إيجار كانت قصة أم فقدت أولادها لتبحث عن طفل للإيجار، والقصة تحمل أوجاع أمهات الشهداء فجميع الأولاد في العالم هم أطفالهن، وسوريا هي وطن يتقبل أولاده دون انحياز، فيحمل في قلبه الحب للجميع، وهكذا كانت هذه الأم التي جسدتها المسرحية تبحث عمن تعطيه الحنان والحب”.
وعن مشاركة المرأة في المهرجان، قالت “فادية أبو ترابي” في ختام حديثها: “لقد أبدعت المرأة على خشبة المسرح، والعروض التي قدمتها النساء هي 90% من العروض المقدمة، فحضورها على الخشبة كان مناسبا، وقد كان هناك تجارب نسائية لممثلات ما زلن في بداية الطريق، ولكن حاجز الخوف من المسرح، والعادات، والتقاليد قد كسر، وهذا المهرجان يجب أن يكون على مستوى سوريا عامة”.
مشاركات قليلة في الإخراج والتأليف هذا العام
وبالرغم من أن المرأة كانت مشاركة بنسبة عالية في التمثيل، لكنها بالإخراج والتأليف لم تصل إلى النسبة المطلوبة في هذه الدورة، حيث لم يكن هناك سوى أربع نساء مشاركات في هذا المجال وهن: مخرجة، ومؤلفة العمل المسرحي، الموسيقا الحمراء من باشور كردستان “كزيزا عمر”، ومؤلفة ومخرجة مسرحية رصاصة واحدة، و”صباح الأنباوي” كاتبة مسرحية صورة “سما زيلان”، كما أخرجت “معيدة درلكي” من روجهلات كردستان مسرحية سبيرو.
هذا وقد بينت الممثلة والمؤلفة لمسرحية صورة “سما زيلان” أن مسرحيتها كانت صوراً متنوعة من تاريخ كردستان، من ظلم، وقتل، وحرق، ونضال، ومقاومة، وأشارت أن الصور التي عرضتها كانت عميقة في عقلها، وقد أخرجتها لإيصالها للعالم: “قصص في قلب كل كردي وما عرض على الخشبة، هو جزء من هذه القصص، التي تجمعت لتصبح قلب كردستان المتجذر”.
وقد بينت سما أن النساء في مهرجان الشهيد يكتا هركول قد أبدعن في الفن والتمثيل، وحملت جميع قصصهن رسائل سامية، مبرهنات أن “خشبة المسرح تنقل واقع المرأة ومعاناتها، فجميع القصص خاطبت المجتمع وكانت حاضرة في داخل الحضور لتستحضرها المسرحيات المتنوعة”.
أما في الإخراج والتأليف فلم يكن للمرأة ذلك الحضور في هذا المجال، ولكن القصص التي تناولتها المؤلفات والمخرجات كانت مميزة، وقد قدمت المخرجة والمؤلفة “كزيزا عمر” عملاً متكاملاً في مسرحيتها، ولم يكن دور المؤلفات الأخريات أقل منها، إذ ظهرت لمسة النساء في جميع العروض المقدمة حتى اليوم.
وأشارت سما: “إن مشاركة المرأة في مجالات المسرح لم تكن خطوة سهلة، وليدة للحظة بل كانت نتاج طريق طويل من النضال والاجتهاد، والتأليف والإخراج، وهذا كله يحتاج إلى جهد مضاعف، وهي كانت قادرة على الانخراط في هذا المجال، وستبدع فيه كما أبدعت على الخشبة”.
وعن مهرجان الشهيد يكتا هركول اختتمت الممثلة والمؤلفة سما زيلان: “إن المسرح ساحة لنقل أحداث الواقع، في تجسيده صوتاً وصورة بطريقة يستطيع الجميع فهمها، والمونودراما التي قدمت كانت قادرة على إيصال رسائل مهرجان الشهيد “يكتا هركول” بشخص المرأة، ولاقى المهرجان هذا العام اهتماماً كبيراً من الداخل السوري ومن خارج سوريا أيضاً”.
ومن المزمع مشاركة 11 فرقة مسرحية في المهرجان، من مناطق متعددة، تشمل قامشلو، وأجزاء كردستان، والداخل السوري، وسيتم تقييم خمسة عروض رئيسية، فيما ستُقدم بقية العروض ضيوفاً على خشبة المسرح