الحسكة/ محمد حمود – في ذكرى ميلاد القائد عبد الله أوجلان، الذي يصادف الرابع من نيسان من كل عام، تتحول المدن في إقليم شمال وشرق سوريا، وعلى رأسها الحسكة، إلى ساحات للفعاليات التي تترجم فلسفة النضال من أجل الحرية، وفي هذا اليوم تتحوّل المناسبة لتجديد العهد بالفكر الحر للقائد عبد الله أوجلان، الذي يناضل ضد أشكال الاضطهاد.
في الرابع من نيسان من كل عام، يحتفل الكرد والشعوب الحرة، بذكرى ميلاد القائد عبد الله أوجلان، الذي أصبحت سيرته رمزًا للنضال من أجل الحرية والعدالة، وحول ذلك، استطلعت صحيفتنا، آراء مواطنين من الحسكة، لتسليط الضوء على تأثير هذه الذكرى في وجدانهم، وكيفية تجسيدها لفكرٍ تحرريٍّ يواجه الظلم ويصنع الأمل.
تحرير المرأة أساس تحرير المجتمع
في السياق، تحدثت لصحيفتنا، المواطنة نورة الخلف: “الرابع من نيسان لا نعده يومًا عاديًا في ذاكرتنا، بل هو تاريخٌ يحمل في طياته معاني التحدي والإصرار، منذ أن كنا أطفالًا، كنا نسمع عن القائد عبد الله أوجلان، على أنه رمز للمقاومة، لكن مع مرور السنوات، أدركنا أن فلسفته تتجاوز النضال المسلح، إلى بناء وعيٍ مجتمعي قائم على العدالة، وخاصة دور المرأة”. وأضافت: “كثيرون يرون في مسيرة القائد ثلاث مراحل أساسية، لكننا نرى أن المرحلة الأهم هي تركيزه على تحرير المرأة، شرطاً أساسياً لتحرير المجتمع، فعندما نزرع الأشجار، فإننا نزرع معها قيمًا جديدة، قيمًا ترفض العبودية بأشكالها المختلفة”. واختتمت، نورة الخلف: “في الحسكة، ننظم سنويًا فعاليات ثقافية وغيرها بمناسبة الرابع من نيسان، لأننا نؤمن أن الثقافة هي السلاح الأقوى لمواجهة محاولات طمس الهوية، والقائد عبد الله أوجلان، لم يقدّم لنا فقط مشروعًا سياسيًا، بل قدّم رؤيةً لحياةٍ كريمة، ما يجعلنا نحتفل بميلاده كل عام”.
الرابع من نيسان ولادة الحياة
من جهته، قال المواطن، نصر الدين عثمان: “نشأنا على قصص النضال التي قادها القائد عبد الله أوجلان، لكن الأهم أننا عشنا تجربة تطبيق أفكاره على الأرض، في سجن إمرالي، كتب القائد مشروعه الفكري الذي يدعو إلى التعايش بين الشعوب والمكونات، وإلى حلٍّ ديمقراطيٍ وعادل للقضية الكردية”.
وأضاف: “زرعتُ مع أطفالي شجرةً، لأن الرابع من نيسان هو يوم الحياة، يوم رفض الموت والاستسلام، والقائد عبد الله أوجلان، علمنا أن الحرية لا تُمنح، بل تُنتزعُ عبر الإرادة والمقاومة، وما زلنا نؤمن بأن الطريق طويل، لكننا سنواصل السير فيه، حتى تحقيق المراد”.
وتابع: “نداء السلام الذي أطلقه القائد عبد الله أوجلان، في ٢٧ شباط، كان نقطة تحوّل، لأنه أثبت أن النضال ليس بالضرورة أن يكون بالسلاح، بل يكمن في الفكر والثقافة، وهذا ما نحتاجه اليوم في الشرق الأوسط، حيث يتصارع الكثيرون لتحقيق مصالحهم، على حساب الشعوب”.
الاحتفال بهذا اليوم لم يعد مقتصرًا على الكرد، بل امتدّ إلى شعوبٍ أخرى في الشرق الأوسط، خاصة تلك التي تعاني القمع والتمييز، ففي الحسكة، مثلًا، شهدت الساحات العامة إقامة ندوات فنية وثقافية، بالإضافة إلى حملات تشجيرٍ واسعة، تعبيراً عن “التجدد” الذي يمثله هذا اليوم.
وُلد القائد عبد الله أوجلان في الرابع من نيسان ١٩٤٩ في قرية “أمارا” التابعة لولاية رها، ومنذ طفولته، بدت ملامح التحدي واضحةً في شخصيته، حيث واجه التقاليد الاجتماعية الصارمة، وخصوصًا في علاقته مع والدته، التي مثلت له رمزًا للسلطة التقليدية التي يجب تجاوزها.
لم يكن تأسيس حزب العمال الكردستاني خطوة سياسية، بل كان محاولةً لخلق حركةٍ اجتماعيةٍ شاملة، ترفض الإنكار القومي وتناضل من أجل الاعتراف بالهوية الكردية.
في سجن إمرالي، طوّر القائد عبد الله أوجلان، مفهوم “الأمة الديمقراطية”، الذي يجمع بين الديمقراطية المباشرة، وحرية المرأة، وحماية البيئة، هذه الرؤية أصبحت مرجعًا لكثير من الحركات التحررية حول العالم.
الرابع من نيسان ليس مجرد يوم في التقويم السنوي، بل هو إطارٌ زمنيٌ يُذكّرنا بأن النضال من أجل الحرية لا ينتهي. وفي الحسكة، كما في باقي مدن شمال وشرق سوريا، تبقى ذكرى ميلاد القائد عبد الله أوجلان، حيةً في الضمير الجمعي، ليس لأنها مرتبطة بشخصه، بل لأنها تمثل فكرًا يرفض الموت ويختار الحياة، ويسعى دائماً لتحقيق الأفضل.