قامشلو/ علي خضير – قيَّم مشاركون من باشور كردستان من مدينتي كركوك والسليمانية مهرجان الشهيد يكتا هركول المسرحي بدورته السابعة، واصفين المهرجان بأنَّه أداة ربط قوية بين ثقافات شعوب منطقتي باشور وروج آفا، كما أكَّدوا أنَّ المهرجان لهذا العام تميّز بتطور ملحوظ عن سابقه، وشدّدوا على ضرورة ديمومة تبادل ثقافات المنطقتين في السنوات المقبلة بما ينهض بالواقع الفني والثقافي.
لا شك أن للتعاون والتبادل الثقافي في المسرح، دوراً أساسياً في صياغة إنتاجات مبتكرة، تمزج بين التقاليد الفنية المتنوعة والتقنيات السردية الدرامية الإبداعية، حيث أنها تجمع فنانين من خلفيات ثقافية مختلفة، والمشاركة بآرائهم ووجهات نظرهم وخبراتهم وممارساتهم الفنية الفريدة، وهذا ما لوحِظ في مهرجان الشهيد يكتا هركول بجميع دوراته، من تبادل لثقافات المنطقة ومزجها بوعاء ثقافي يحاكي العالم أجمع.
مشاركتنا بالمهرجان محل فخر لنا
لإلقاء بعض الضوء على أهمية التبادل الثقافي وما له من تأثيرات على الارتقاء بشعوب المنطقة وتوحيد رؤاهم الفنية والثقافية، التقينا مشاركين بفرق مسرحية من باشور في مهرجان الشهيد يكتا هركول، منهم المخرجة المسرحية “كزيزة عمر” التي تشارك في بعض المسرحيات والمسلسلات الدرامية التلفزيونية، والتي قدمت من مدينة السليمانية من باشور، فحدثتنا عن مشاركتها الأولى في المهرجان: “هذا فخر لي، لأنني شاركت في مهرجان الشهيد يكتا هركول المسرحي بدورته السابعة، كما أن مجيئنا لمدينة قامشلو فخر كبير لفرقة مسرح أصدقاء كزيزة، قدمنا خلال المشاركة مسرحية باسم (الموسيقا الحمراء) من تأليفي وإخراجي”.
وبيَّنت كزيزة أن المسرحية مستوحاة من قصة حقيقية وهي عبارة عن فتاة كانت تنتظر حبيبها مدة ثلاثين عاماً، حدثت القصة في طهران في إيران في العشرينات، ولم يكن هناك تكنولوجيا في الهواتف والاتصالات لتتواصل معه، وكان حبيبها يعشق اللون الأحمر، وكانت حبيبته ترتديه بشكل يومي وتنتظر حبيبها على أمل اللقاء.
كما أوضحت أنَّ الموسيقا أدَّت في المسرحية دوراً، وكانت ضحية أخرى من ضحايا المجتمع الذكوري في الشرق الأوسط، ودائماً ترتدي ملابس الرجال وتبحث عن الحياة، لكي تعيش بواسطة آلة الكمان، وبالتالي فإن الحبيبة التي تنتظر حبيبها والموسيقار أصبحا ضحيتين للمجتمع الذكوري، معبرين عن أن الانتظار هو أصعب شيء في الحياة، ليس فقط انتظار العشاق، وإنما انتظار الأمهات وغيره، وأن الأمل لا يُفقد ولا يكون كالرماد، كما قرأت ذلك الحبيبة في الرسالة التي وردت من حبيبها، عندما كتب لها في الرسالة “لا تنتظريني واعتبريني رماداً سيزول مع الأيام”.
بدايات مبشرة
وتقييماً للمهرجان قالت كزيزة: “في مشاركتنا الأولى في المهرجان ليس لدينا ما يكفي عن تقييم المهرجان وهذا يحتاج لأسبوع لنطلع على الفعاليات والمسرحيات، ولكن في البداية تبين لنا أن المهرجان منظّم، يهدف إلى توحيد الثقافات بشكل عام والثقافة الكردية بشكل خاص، والارتقاء بالمستوى الفني والمسرحي في أجزاء كردستان”.
في ختام حديثها؛ أكَّدت المخرجة كزيزة عمر أنهم في هذه البقعة على هذه الأرض، ما إن وُجِدَ مسرح سيوجد مسرحيون ووطنيون وأبطال.
تبادل التجارب… إغناء للفن المسرحي
من جانبه؛ بيَّن مدير مهرجان كركوك المسرحي الفنان “شكو عمر” أهمية التبادل والتلاقح الفكري والفني وبخاصة ما يتعلق منها بالمسرح: “بعد الاتفاقات والتفاهم بين مهرجان كركوك المسرحي والحركة المسرحية في روج آفا، من ضمنها مهرجان الشهيد ميتان المسرحي ومهرجان الشهيد يكتا هركول المسرحي، وصلنا لنقطة تبادل التجارب والأعمال المسرحية بين المهرجانين، كما وصلنا لاتفاق نتبادل فيه الأعمال المسرحية، وخاصة الأعمال التي تشارك في المهرجانات في باشور كردستان وروج آفا”.
ويرجع تاريخ هذه العلاقة إلى السنوات الأربعة الماضية، ومن خلال استقبال دعوات من فناني روج آفا، منهم الفنان محي الدين أرسلان، الذي حضر مهرجان كركوك المسرحي.
وأضاف عمر: “شاركنا من قبل في مهرجان ميتان المسرحي في مقاطعة الشهباء عام 2023، وها نحن نشارك اليوم في مهرجان الشهيد يكتا هركول لدورته السابعة، حيث شاركنا بعملين مسرحيين من مدينتي كركوك والسليمانية، كما شاركنا مع مجموعة من الفنانين الضيوف في المهرجان، ونمتنى له التوفيق والنجاح الدائم”.
تطور لافت للمهرجان مقارنةً مع النسخ الستة السابقة
ومقارنةً مع الأعوام السابقة من إقامة المهرجان، قال الفنان شكو عمر عن المهرجان: “من خلال التجربة رأينا هناك تقدماً وتطوراً في الأعمال المسرحية وفي إدارة المهرجان، وفي استقبال الضيوف، وفي تنظيمات المهرجان وخدماته، ولاحظنا هناك الكثير أيضاً من التطورات والأعمال من اللجان المختصة بالمهرجان، ونتمنى لهم الموفقية والنجاح الدائم في الجانب الفني والمسرحي بما يرتقي بالفن وينهض به”.
المسرح صفحة جميلة في الأدب وأول الفنون، بل فن راق، وأسرع وسيلة لنقل الفكر والصورة للمتلقي، وإن كنا نفتقر لنقاد مختصين، فيجب تحاشي الرأي الهدام باسم النقد، ولكننا نجد اليوم أرقى العروض على خشبة مسارحنا، ولو كانت تلك العروض في بعض المجتمعات المتقدمة، لامتلأت صفحات الإعلام بتلك المشاهد، تقديراً للأداء والتميز الذي نشاهده اليوم.
