نوري سعيد
أحدثت مبادرة القائد عبد الله أوجلان صدىً إيجابياً على المستوى العالمي، حيث أشارت أغلب الأطراف الدوليّة والإقليمية بالمبادرة السلميّة ومنهم أنطونيو غوتيريش الأمين العام للأمم المتحدة، والمبادرة التي دعا فيها القائد عبد الله أوجلان حزب العمال الكردستاني إلى المبادرة لعملية السلام مع تركيا.
لقد أظهرت المبادرة تعلّق شعبنا الكردي بمبدأ أخوّة الشعوب والعيش المشترك، ولقد أثبت ذلك عملياً في كل حروب تركيا المصيرية عبر التاريخ هذا يعني بأن شعبنا ليس ناكراً للجميل كما يروّج الرئيس أردوغان ففي معركتي ملاذ کرد مع البيزنطين وجالديران مع الفرس ما كان النصر ليتحقق لتركيا لولا مشاركة الكرد، من هنا نأمل أن تكون تركيا جادة في عملية السلام الحالية لأن العالم وبالأخص الشعوب أنهكتها الحروب ولاقت الويلات جرّاء ذلك.
إن إعلان الرئيس ترامب بعد فوزه بالولاية الرئاسية الثانية، وكون أمريكا أعظم دولة عالمياً، فإن ذلك سوف ينهي الحروب في العالم، وفي مقدمتها الحرب الأوكرانية الروسية، والمبادرة التركيّة تدخل ضمن هذا الاتجاه، لذا فإن دعوة دلت بخجلي للقائد أوجلان لإلقاء كلمة في البرلمان التركي، والتي لاقت التأييد من أردوغان قد جاءت في التوقيت المناسب، وهنا نقول: على تركيا الانفتاح على الداخل وترك المقولات الشوفينية الراسخة أيديولوجياً، ومنها تعظيم السجايا القومية للأمة التركية، وتهميش وجود الآخرين، واعتماد أسلوب العنف في حل مشاكلها، وإنكار وجود مشكلة كردية في تركيا، وعليه لا يجوز لتركيا خلط الأوراق من جديد ووضع العصي في عجلة السلام الحالية، وإثارة مسائل تعجيزية، حيث كان يصرّح أردوغان عقب مبادرة السلام “نحن لن نكتفي بإلقاء العمال الكردستاني السلاح بل على (قسد) وعناصر الحزب في باشور كردستان”، إلقاء السلاح أيضاً، طبعاً هذا يعدُّ شرطاً تعجيزياً كونه يعد تدخّلاً في شؤون كل من سوريا والعراق، مع أن الجنرال مظلوم عبدي القائد العام لقوات سوريا الديمقراطية صرح إذا كفت تركيا الهجوم على روج آفا فهو مستعد للطلب من الأشقاء أعضاء حزب العمال الكردستاني الخروج من المنطقة، وأضاف: “قسد لم تعتدي يوماً على تركيا، وإن فتح تركيا صفحة جديدة مع حزب العمال الكردستاني سوف ينعكس إيجابياً على شمال وشرق سوريا، على الأقل ستكف تركيا عن مهاجمتنا”، وطبعاً القائد العام لقوات سوريا الديمقراطية لا يتجنى على تركيا لأن أردوغان صرح أكثر من مرة وأمام مندوبي الأمم المتحدة أيضاً أنه سيحتل شمال وشرق سوريا من عفرين حتى دجلة، شاء من شاء وأبى من أبى. ختاماً: يبدو أن العالم يتجه نحو تعميم النهج الديمقراطي وفرملة الحروب بين الدول، والمشادة الكلامية بين الرئيسين ترامب وزيلينسكي الأوكراني خير دليل على ما نقول، لأن الرئيس الأوكراني كان يُصرُّ على استمرار الحرب ضد روسيا وترامب كان يرفض وأيضاً الحديث الذي يدور حالياً حول حل الدولتين فيما يخص المسألة الفلسطينية، وطبعاً هذا يمنحنا نوعاً من الثقة بأن تركيا جادة هذه المرة في عملية السلام، لأننا نعيش عصر العولمة والثورة الثقافية أيضاً، حيث لم تعد الأكاذيب تنطلي على أحد لأن شعوب تركيا وحقوقها المشروعة واقع لا يقبل الإنكار، وآن لهذه الشعوب ومنها شعبنا الكردي أن تعيش بسلام وأمان مع الشعب التركي الشقيق، وعلى تركيا رفع صفة الإرهاب والإفراج عن القائد عبد الله أوجلان رجل السلام.