أسعد العبادي (ناشط سياسي)
بنود الاتفاق:
ضمان حقوق جميع السوريين في المشاركة في العملية السياسية وكافة مؤسسات الدولة بناءً على الكفاءة، دون تمييز ديني أو عرقي.
الاعتراف بالمجتمع الكردي كجزءٍ أصيل من الدولة السوريّة، وضمان حقوقه في المواطنة والحقوق الدستورية.
وقف إطلاق النار على جميع الأراضي السوريّة لإنهاء النزاع المسلح.
دمج المؤسسات المدنية والعسكرية في شمال وشرق سوريا ضمن إدارة الدولة السوريّة، بما يشمل المعابر الحدودية والمطارات وحقول النفط والغاز.
تأمين عودة جميع المهجرين السوريين إلى مدنهم وقراهم، وضمان حمايتهم من قبل الدولة السوريّة.
دعم الدولة السوريّة في مواجهة بقايا نظام الأسد وجميع التهديدات التي تستهدف أمن سوريا ووحدتها.
رفض دعوات التقسيم وخطاب الكراهية ومحاولات بث الفرقة بين كافة مكونات المجتمع السوري.
تعمل وتسعى اللجان التنفيذية على تطبيق الاتفاق بما لا يتجاوز نهاية العام الحالي.
السؤال: هل أثّر نداء القائد عبدالله أوجلان على المشهد الكردي في سوريا؟
من المعلوم أن الإدارة الذاتية وقوات سوريا الديمقراطية المدعومة من التحالف الدولي لمحاربة داعش وعلى رأسها أمريكا تُدير مساحات واسعة في شمال وشرق سوريا، حيث تقع أبرز حقول النفط والغاز، وقد شكلت قوات سوريا الديمقراطية، رأس الحربة في قتال داعش، وتمكنت من دحرها من آخر معاقل سيطرتها في البلاد من بلدة الباغوز عام 2019.
ويشكل الشعب العربي أكثر من ستين في المئة من سكان الإدارة الذاتية، وفق الباحث في الشأن السوري فابريس بالانس”. لقد عانى الكرد خلال حكم عائلة الأسد من تهميش وقمع طوال عقود، حُرموا خلالها من التحدث بلغتهم وإحياء أعيادهم وتم سحب الجنسية من عددٍ كبير منهم، وقد نجح الكرد خلال سنوات الإدارة الذاتية في شمال وشرق سوريا بإدارة مؤسسات تربوية واجتماعية وعسكرية.
ومنذ وصول السلطة الجديدة الى دمشق، أبدت الإدارة الذاتية تفاؤل وانفتاح صادق موضحة أن التغيير “فرصة لبناء سوريا جديدة.. تضمن حقوق جميع السوريين”، غير أنه جرى استبعادهم من الدعوة لمؤتمر حوار وطني حدد عناوين المرحلة الانتقالية.
وجاء توقيع الاتفاق بين الإدارة الذاتية وسلطة دمشق بعد نحو أسبوعين من دعوة القائد عبد الله أوجلان، في إعلانٍ تاريخي، إلى حل الحزب وإلقاء السلاح، في خطوةٍ رحب بها كرد سوريا والمجتمع الدولي والإقليمي. وقد تم تأجيل بحث مصير مخيم الهول الذي يأوي آلاف المرتزقة وعوائلهم من الدواعش إلى إشعارٍ آخر لحساسيته، وضرورة إشراك أطياف دوليّة في معالجة حيثياته.
تركيا من جانبها، وهي حليفة السلطة الجديدة في دمشق، والتي تتهم قوات سوريا الديمقراطية، بالارتباط بحزب العمال الكردستاني، الذي تصنّفه منظمة “إرهابية” وفق زعمهم. تركيا فوجئت بالاتفاق وأسقط من يدها وحرمها هذا الاتفاق من الاستمرار في مخططها الهادف إلى القضاء على القضية الكردية وإجهاض مشروعها الوطني الجامع في شمال وشرق سوريا. بعد أن أثبتت الإدارة الذاتية نجاحها في تجربتها الرائدة في ترسيخ مبادئ تلك الإدارة على قاعدة المواطنة المتساوية لجميع مكونات الشعب في شمال وشرق سوريا.
من جانبٍ آخر فإن النظام الجديد الذي بدأ يترنح أمام ردود الأفعال الدولية الناجمة عن المذابح التي ارتكبتها عناصره المنفلتة والمتطرفة في الساحل السوري، قد وجد في مبادرة قسد طوق نجاة ألقته إليها الإدارة الذاتية وهي في أوج قوتها لرأب الصدع وإنقاذ سوريا من الانحدار إلى مستنقع حرب أهلية بدأت ملامحه تتوضح مع من خلال الانتهاكات الجسيمة التي طالت مواطني الساحل السوري.
لقد كان إقدام قسد على هذه الخطوة التاريخية كمن يعضُّ على النواجذ وهي ترى مواطنون سوريون يذبحون وتنتهك حرماتهم، ولكن آثرت قوات سوريا الديمقراطية مصلحة سوريا ومستقبلها على البناء على ما حصل ولم تسعَ للاستثمار في الأحداث الدامية.
إن الاتفاق الذي وقّعه القائد العام لقوات سوريا الديمقراطية مظلوم عبدي مع رئيس سلطة دمشق أحمد الشرع يعدُّ فرصة تاريخية للنظام الجديد والشعب السوري بكل مكوناته إذا ما أحسنت السلطات في دمشق البناء عليه لإنقاذ سوريا بعيداً عن الهيمنة التركيّة أو القطريّة على صناعة قرارها الوطني، بالاعتماد على الكرد والإفادة من تجربتهم في الإدارة الذاتية، ودعوة القوى الوطنية الأخرى وممثلي مكونات الشعب لعقدِ مؤتمر وطني شامل يمهد لانتقال سلمي لسلطة دستورية منتخبة، بعد صياغة الدستور الدائم وقانون للعدالة الانتقالية يُعيد الحقوق لأصحابها ويحاسب من ارتكبوا الجرائم الجنائية بحق أبناء الشعب السوري.