الحسكة/ محمد حمود ـ حلَّ شهر رمضان المبارك هذا العام في مدينة الحسكة وعموم إقليم شمال وشرق سوريا، محملاً بتحديات اقتصادية وأمنية، حيث يعاني السكان من ارتفاع أسعار المواد الغذائية، وتأثير ارتفاع سعر الدولار، إضافة إلى الهجمات التركية المتكررة، فيما تظل روحانية الشهر الفضيل سائدة.
في مدينة الحسكة بمقاطعة الجزيرة في إقليم شمال وشرق سوريا، جاء شهر رمضان المبارك هذا العام محملاً بجوٍ من الروحانية والأمل، رغم التحديات الاقتصادية والأمنية التي تواجهها المنطقة.
آراء أهالي الحسكة حول رمضان والوضع الاقتصادي
وبين ارتفاع أسعار الخضار وتأثير ارتفاع سعر صرف الدولار على موائد الإفطار، وهجمات الاحتلال التركي المتكررة، تظل روحانية الشهر الفضيل تلملم القلوب، وتجمع العائلات حول موائد الإفطار.
وفي السياق، تحدثت ثلاث نساء من مدينة الحسكة، لصحيفتنا “روناهي”، عن تجاربهن وأحاسيسهن خلال هذا الشهر الكريم، ومن بينهنَّ المواطنة “أربي كسبريان“، والتي تحدثت عن أجواء رمضان: “رمضان هذا العام مختلف، لكنه لا يزال يحمل الروحانية التي نعشقها، فرغم ارتفاع أسعار الخضار واللحوم، نحاول أن نجهز موائد إفطار بسيطة ولكنها لذيذة”.
وتابعت: “الأسعار ارتفعت بشكل كبير، خاصةً، بعد ارتفاع سعر صرف الدولار؛ ما جعل الكثير من المواد الأساسية بعيدة عن متناول الأسر المتوسطة الدخل.”
وأضافت أربي: “ففي السابق، كنا نشتري كميات كبيرة من الخضار والفواكه لإعداد أطباق رمضانية متنوعة، لكن هذا العام اضطررنا للتقليل من الكميات والتركيز على الأطباق الأساسية، ومع ذلك، فإن رمضان يبقى شهر العائلة والتجمعات، ونحن نحاول أن نحافظ على هذه التقاليد رغم الصعوبات.”
وبدورها، أشارت المواطنة “فاطمة العبد“، إلى أن ارتفاع الأسعار أصبح عبئاً ثقيلاً على كاهل الأسر في الحسكة: “كل عام نستقبل رمضان بفرح، لكن هذا العام الفرح مختلط بالقلق، فأسعار الخضار واللحوم ارتفعت بشكل كبير، مما جعلنا نضطر لتغيير عاداتنا الغذائية، مثلاً، كنا نعد طبق اللحوم كل يوم، لكن الآن أصبحنا نعدّه مرة في الأسبوع فقط بسبب ارتفاع الأسعار.”
وتابعت فاطمة: “ارتفاع سعر صرف الدولار أثر على كل شيء، من المواد الغذائية إلى الأدوية وفواتير الكهرباء، ما يجعلنا نشعر بالضغط، خاصةً وأن رمضان هو شهر العطاء والكرم، ونحن نريد أن نقدم أفضل ما لدينا لأطفالنا ولضيوفنا.”
الهجمات التركية تهدد أمننا وروحانيتنا
ومن جانبها، تحدثت “حسينة العلي” عن تأثير الهجمات التركية على أجواء رمضان في المنطقة، قائلةً: “تسبب الهجمات التركية المتكررة على منطقتنا حالة من الخوف والقلق، خاصةً أن القصف يأتي في أوقات عشوائية، وهذا يؤثر على روحانية الشهر، حيث يصعب على الناس التركيز على العبادات، وهم يشعرون بعدم الأمان.”

وأضافت: “في ليالي رمضان، كنا نخرج للصلاة في المساجد وزيارة الأقارب، أما الآن فيفضل الكثير من الناس البقاء في منازلهم، وهذا يضعف من روحانية الشهر، لكننا نحاول أن نعوض ذلك بالتقرب إلى الله في بيوتنا وإقامة صلوات الجماعة مع العائلة.”
تأثير الأوضاع الاقتصادية والأمنية على موائد الإفطار
ورغم التحديات، تبقى موائد الإفطار في الحسكة مكاناً للتجمع والتقارب بين العائلات، لكن الأوضاع الاقتصادية الصعبة فرضت تغييرات على هذه الموائد، حيث قالت أربي: “في السابق، موائد الإفطار كانت تزخر بأنواع مختلفة من الأطباق، أما الآن أصبحت الموائد أكثر بساطة، حيث أننا نعتمد على الأرز والبقوليات بشكل أكثر، ونقلل من استهلاك اللحوم بسبب ارتفاع أسعارها.”
لتضيف فاطمة بدورها: “فحتى المشروبات الرمضانية مثل قمر الدين، والجلاب، والتمر الهندي أصبحت باهظة الثمن، مما جعلنا نلجأ إلى بدائل محلية مثل العصائر المجففة.”
روحانية رمضان في مواجهة التحديات
وتبقى روحانية رمضان هي السائدة في الحسكة رغم كل الصعوبات فقالت أربي: “إن رمضان هو شهر الصبر والتقوى، ونحن نتعلم أن نصبر على التحديات التي نواجهها، فإننا رغم ارتفاع الأسعار والهجمات التركية، نحاول أن نحافظ على الروحانية في بيوتنا، حيث أننا نقرأ القرآن أكثر، ونصلي، ونتصدق على المحتاجين قدر استطاعتنا.”
وأضافت المواطنة “أربي كسبريان” في الختام: “فرمضان يعلمنا أن نكون أقوياء في وجه التحديات، نعم، الحياة صعبة، لكننا نعيش هذا الشهر بقلوب مليئة بالإيمان والأمل، فإننا نؤمن بأن الله سيرزقنا ويحفظنا من كل شر.”