فاتن أزدحمد
تعد الحروب الطائفية والعنف العرقي، إحدى أكبر المآسي التي ابتليت بها شعوب العالم، والتي تؤدي إلى تدمير المجتمعات، وتشتيت الأسر، وقتل الأبرياء، فعلى الرغم من التطور الكبير الذي يشهده العالم في المجالات السياسية، والاجتماعية، والاقتصادية، إلا أن هناك فجوات تتسع أحيانًا بسبب الطائفية والعنصرية، ما يشعل الصراعات بين الأديان، والمذاهب.
وفي ظل هذه الظروف الصعبة، يجب أن نتذكر أن البشرية تتشارك في إنسانيتها، وأن اختلاف الأديان والطوائف، ليس سببًا للحروب أو العنف، بل هو مصدر من مصادر الغنى الثقافي والاجتماعي، من السني إلى الشيعي، ومن المسيحي إلى الكردي، ومن الدروز إلى غيرهم، فجميعنا بشر نملك الحقوق الإنسانية ذاتها، ونعيش في هذا العالم معًا.
الحرب الطائفية والعنف العرقي.. “الأسباب والآثار“
وتُعدُّ الحروب الطائفية والنزاعات العرقية ناتجة عن التوترات والتفاوتات الاجتماعية والسياسية، التي تتراكم مع الزمن، وغالبًا ما يتم استغلال الدين أو العرق أداة لزرع الفتن بين المجتمعات؛ ما يؤدي إلى حروب دامية تُفقد الناس حياتهم وممتلكاتهم، هذه الحروب لا تفرق بين الصغير والكبير، وتدمر الأفراد والمجتمعات على حد سواء.
وإن الآثار المدمرة لهذه الحروب تتجاوز ما يحدث من قتل ودمار على الأرض، حيث تترك ندوبًا نفسية في النفوس، وتُحدث شرخًا عميقًا في النسيج الاجتماعي، وتتسع دائرة العنف بسبب فقدان الثقة، وزيادة الكراهية بين الطوائف المختلفة، ويؤدي ذلك إلى تفاقم الأزمات الإنسانية، وتضاعف معاناة الأسر.
نداء للسلام.. حقوق الإنسان أساس التفاهم
وفي هذا السياق، يجب أن نتذكر دائمًا أن حقوق الإنسان، هي الأساس الذي يجب أن يُبنى عليه أي تفاهم بين الشعوب، والمجتمعات المختلفة، وحق الإنسان في الحياة، والحرية، والسلام، وحقه في أن يعيش بكرامة بعيدًا عن أشكال الظلم والعنف، ويجب على الجميع احترامه.
فكل إنسان، بغض النظر عن ديانته أو عرقه أو انتمائه السياسي، له الحق في العيش بسلام داخل مجتمعه، فالتعايش السلمي بين الطوائف والمجتمعات المختلفة ليس أمرًا مستحيلًا، بل هو الهدف الذي يجب أن نسعى من أجله جميعًا.
فإننا بحاجة إلى العمل الجاد والمستمر في بناء ثقافة السلام والاحترام المتبادل بين مختلف الطوائف والأديان، ويجب أن ننشر الوعي بحقوق الإنسان وضرورة احترام الآخر، وأن نكثف الجهود من أجل إرساء قيم التسامح، والتعايش السلمي، فقد حان الوقت كي ننبذ الفتن والمشاعر الطائفية، التي تمزقنا، وأن نتحد في مواجهة التحديات الكبرى التي تواجهنا جميعًا، مثل الفقر، والبطالة، والتحديات الاجتماعية.
الدور الحيوي للسلام في بناء المجتمعات
يعد السلام، أساس أي تقدم حقيقي، وهو السبيل إلى بناء مجتمعات قوية ومستقرة، فعندما يسود السلام، تزدهر المجتمعات من خلال التعاون المشترك والتفاهم بين أفرادها، ولا يقتصر الأمر على السلام السياسي فقط، بل يشمل أيضًا السلام الداخلي بين الأفراد، بحيث يُحترم كل فرد بغض النظر عن خلفيته الطائفية، أو العرقية.
والعمل على السلام لا يقتصر على الحكومات أو المؤسسات الدولية فقط، بل يشمل أيضًا الأفراد، فالسلام يبدأ من داخل كل واحد منا، ومن كيفية تعاملنا مع الآخر، وكيفية بناء علاقات قائمة على الاحترام المتبادل والتفاهم، لذلك، علينا أن نُعلم الأجيال القادمة أهمية الحوار والتعاون، وأن نشر ثقافة السلام هو مسؤولية جماعية.
دعوة للوحدة والعيش المشترك
ومهما كانت انتماءاتنا، فإننا ننتمي جميعاً إلى الإنسانية، وبالتالي يجب أن نسعى إلى وحدة تعزز التفاهم المتبادل بيننا، فالطائفية والعنصرية لا يؤديان إلا إلى مزيد من المعاناة والفوضى، أما عندما نلتزم بحقوق الإنسان ونعمل من أجل السلام، فإننا نبني أساسًا لمجتمعات مستقرة ومتقدمة.
فلنضع أيدينا في أيدي بعضنا، دون النظر إلى اللون أو العرق أو الدين، ونبني معًا مستقبلًا يعمه السلام والاحترام المتبادل، ونرفض أشكال الطائفية والعنف، ففي النهاية، فإن الحب، والتفاهم، والوحدة، هي الأسس التي يجب أن تقوم عليها كل المجتمعات.